فوضى كرة القدم في مصر .. من المسؤول ؟

 

فجرت أزمة مباراة الزمالك و المقاصة الأخيرة الكثير من التساؤلات في أذهان جمهور الكرة في مصر و كل متابعيها  .. ماذا يحدث ؟ ولماذا ؟ و لمصلحة من؟ ومن المستفيد ؟ .. أسئلة كثيرة هدفها في النهاية معرفة من المخطئ ومن المسؤول في هذه المنظومة.

أولا وقبل أي شيء يجب أن نعرف أن أركان كرة القدم في مصر والذين تدور حولهم المنظومة هم ببساطة  ( اتحاد الكرة – الشركات الراعية – الاهلي – الزمالك  ثم باقي الأندية ) ، وبالتأكيد كل هؤلاء يمثلون منظومة تقع تحت مظلة الدولة متمثلة في ” وزارة الشباب والرياضة “

تفاصيل الأزمة بدأت عندما أرسلت الجهات الرسمية خطابا لاتحاد الكرة يوم الثامن من أبريل  يفيد بعدم موافقتها علي إقامة المباراة في موعدها يوم 15  أبريل والتي كانت ستتزامن مع أعياد الأخوة الأقباط وبناء عليه يجب تأجيل اللقاء ليوم 18  أبريل .

 الأزمة بدأت عندما أرسل اتحاد الكرة خطابا أخر لطرفي اللقاء (الزمالك و المقاصة ) يبلغهم فيه بأن المباراة ستلعب يوم 16  أبريل وهو الأمر الذي قوبل بالرفض من جانب نادي الزمالك وكان سبب الرفض من وجهة نظرهم أنه كيف يتم إخطار النادي بموعد المباراة قبلها بـ24  ساعة فقط ! بالإضافة لعدم وجود خطاب من جانب الجهات الأمنية يفيد بذلك ، أما إدارة المقاصة فمن جهتها  وافقت علي الأمر .

الغريب في هذه الأزمة هو إصرار رئيس نادي الزمالك “مرتضي منصور” علي عدم خوض المباراة لدرجة أن فريق الكرة لم يتوجه إلي ملعب المباراة ، وهو ما يشير إلي أن مرتضي قد نفذ ما هدد به من الانسحاب من المباراة وهنا يبقي السؤال .. لماذا نفذ مرتضي منصور تهديده بالانسحاب في هذا التوقيت ؟ ولماذا لم ينفذه في موقف كان اكثر ضجة وتسبب في أزمة أكبر في مباراة مصر المقاصة أيضا عندما لم يحتسب حكم اللقاء ضربة جزاء واضحة ضد فريق المقاصة ؟

اذا نظرنا لكل ما سبق من أحداث سنجد أن التخبط و تضارب المصالح عامل مشترك في المنظومة بشكل عام وهنا بيت القصيد .. نظرية البقاء للأقوى و الأكثر سلطة ونفوذا فرضت نفسها بشدة علي المنظومة الكروية في مصر وهذا اتضح بشده مثلا من خلال تفعيل قانون الاستبدال في وسط الموسم لصالح أنديه بعينها رغم عدم موفقة الكثير من الأندية ! رغم ان تفعيل مثل هذا القانون وسط الموسم الكروي يعد باطلا ومن شأنه التهديد بإلغاء المسابقة وإيقاف النشاط الرياضي في مصر إذا تم تصعيد الأمر للفيفا ! ومع ذلك تم ضربعرض الحائط بلوائح المسابقة أقروا قانون الاستبدال ! الجواب دوما يكمن في “البحث عن المصالح”.

خلال ستة الأعوام الأخيرة يحاول اتحاد الكره جاهدا إعادة القيمة التسويقية لبطولة الدوري والتي تأثرت بشكل كبير بأحداث ثورة يناير ثم مذبحة  بورسعيد وما تبعها من توقف للنشاط الرياضي لأكثر من عام و نصف اللهم مشاركة الأهلي والزمالك في البطولات الأفريقية خلال هذه الفترة.

من البديهي أن ينتج عن كل هذا تحكم متوقع للشركات الراعية في المنظومة بشكل عام ، لم لا وهي من فتحت أبواب عودة ” البيزنيس ” من جديد وذلك من خلال شركة ” بريزنتيشن” المملوكة لرجل الأعمال المصري “أحمد أبو هشيمة ” على وجه الخصوص وذلك لأنها المالك الحصري الآن لحقوق البث وذلك بعد ضخها أموالا بالملايين للحصول على الحقوق الحصرية لمسابقتي الدوري والكأس وغيرها من المباريات فأصبحت هذه الشركات أكثر نفوذا وتأثيرا من مجرد شركات ترعي المسابقة ، بل تشير العديد من الظواهر إلى أنها أصبحت تشارك في صنع القرار !

النقطة الأخيرة تحديدا تفتح الباب للتفكير في مدى ارتباط السياسة في مصر بكرة القدم وهو ما نتج عنه ظهور شخصيات سياسية تشارك الآن في مجال الرياضة بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص .

أخيرا فإن كل ما سبق يقودنا للجواب وهو أن “لعبة المصالح ” أصبحت اليوم هي المتحكم الرئيسي في الكرة المصرية مما جعل الفساد ينتشر في المنظومة وذلك وفق تصريحات العديد من المسؤولين الرياضيين في مصر الذين خرجوا مؤخرا للحديث عن هذه المصالح المتبادلة !

من المحزن أن تصبح مصر بكل تاريخها الرياضي الحافل سواء على مستوى المنتخبات أو الأندية تُدار من خلال المصالح المتبادلة ووفق الأهواء والانتماءات الشخصية فلا نرى كل هذا التخبط وكل هذه العشوائية في صنع القرار  في مصر بكل تاريخها الرياضي الحافل!

 

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها