ماذا يريد السيد فينغر من أرسنال؟

في البداية سألت نفسي ماذا يفقه هذا الفرنسي عن كرة القدم مع تلك النظارة الطبية التي يبدو بها أشبه بمعلمي المدارس بل إنني تشككت أيضاً في لغته الانجليزية.

تزايدت مطالبات مشجعي أرسنال الإنجليزي في الآونة الأخيرة برحيل الفرنسي أرسين فينغر من تدريب الفريق لدرجة أنهم قاموا بتخصيص طائرات وشاحنات تحمل لافتات تطالب برحيله .
القول بإن فينغر مدربا عاديا في تاريخ الغانرز يعد بمثابة الظلم لمسيرة هذا المدرب الكبير ، أما الادعاء  بأن فينغر هو تاريخ أرسنال فهذ يعد نوعا من أنواع المبالغة غير المقبولة.

الواقع يقول إن فينغر جزء من تاريخ أرسنال مثله مثل هيربرت تشابمان، وجورج أليسون، وجورج جراهام، وبيرتي ميي، وتوم ويتيكر، وغيرهم الكثيرون ممن دربوا الفريق اللندني، ففينغر أحرز لأرسنال ثلاث بطولات للدوري الإنجليزي، وست بطولات لكأس الاتحاد الإنجليزي، وستة دروع خيرية، وهذا حصاد قد يبدو مقبولاً محلياً.

لا أميل إلى المبالغة في تضخيم فينغر أو التقليل منه، ولكن الواقع الرقمي يقول إن أرسين فينغر مدرب جيد يرتقي أحياناً إلى مرتبة الجيد جداً، ولكنه ليس من أساطير أو عظماء التدريب على مر التاريخ، فثلاثة ألقاب للبريميرليغ فقط في عشرين سنة والكثير من الإخفاقات الأوربية بل والمحلية في الآونة الأخيرة تعد علامات واضحة أن مسيرة فينغر مع أرسنال تحتاج إلى وقفة اضطرارية.

إذن تعالوا نسترجع معا بدايات فينغر التدريبية مع أرسنال الذي تعاقد معه في سبتمبر 1996 قادماً من تجربة مع ناجويا الياباني لكي لا نلقي التهم جزافا على الرجل ولنعرف ما له وما عليه.

بداية كان اختيار أرسين فينغر لتدريب أرسنال في عام 1996 بمثابة القنبلة لمتابعي الكرة الانجليزية لأن فينغر أصبح أول مدرب من خارج بريطانيا يدرب فريق المدفعجية، كذلك لأن أرسنال وقتها كان من المفترض أنه يبحث عن اسم تدريبي كبير، بل أنه تفاوض مع كرويف وفينابلز، والأهم من ذلك أن فينغر أصبح أغلى مدرب في تاريخ أرسنال وقتها بعقد لمدة ثلاث سنوات بقيمة مليوني جنيه استرليني.

يقول كابتن أرسنال السابق توني أدامز :
” في البداية سألت نفسي ماذا يفقه هذا الفرنسي عن كرة القدم مع تلك النظارة الطبية التي يبدو بها أشبه بمعلمي المدارس، بل إنني تشككت أيضاً في لغته الانجليزية ” !
فينغر قاد ثورة في فريق الأرسنال وغير تماماً النظام الغذائي للفريق بل أنه طور من أداء الفريق بطرق لعب وتكتيكات جديدة على الكرة الإنجليزية ولم يخرج الفريق خارج الأربعة الأوائل طوال عشرين عاماً.

لكن يبقى دوما السؤال الأهم لماذا استمر شهر العسل طويلاً للغاية بين فينغر وإدارة الأرسنال ؟
السبب الأساسي هو أن فينغر يحقق الحد الأدنى المطلوب منه لدى إدارة الأرسنال، وهو ضمان المشاركة الأوربية كل موسم، ومن ثم ضمان عائدات مالية ثابتة، والواقع يقول إن فينغر نقل أرسنال من فريق متعثر مادياً في التسعينيات إلى فريق من أكثر الأندية ثراءً في العالم.

إذن لو نظرنا لحصيلة ما قدمه الفرنسي أرسين فينغر لأرسنال خلال فترة توليه الإدارة الفنية للفريق فسنجد تواجد مستمر للفريق بين الأربعة الكبار في البريمييرليغ، بالإضافة للتأهل الدائم لدور المجموعات في دوري أبطال أوربا، كذلك اقتصاد مذهل يصل إلى درجة الشح أحياناً في الإنفاق خلال سوق الانتقالات، وتصعيد الكثير من اللاعبين المغمورين وتحويلهم إلى نجوم وبيع بعضهم بمبالغ ضخمة للأندية المنافسة، وأخيرا دوره الكبير في إنشاء ملعب الفريق .

كل الأسباب السابقة كانت هي مؤهلات بقاء الفرنسي أرسين فينغر على رأس الإدارة الفنية لأرسنال طوال عشرين عاماً، ولكن كل ذلك لا يعني جماهير أرسنال في شيء، لأن ما يهم الجماهير هو حصد البطولات التي ابتعدت كثيرا عن الفريق منذ فترة ليست بالقصيرة مما دفعها للمطالبة برحيله.

الكرة الآن في ملعب إدارة الفريق اللندني، فهل ستستجيب لنداءات الجمهور وتقوم بتغيير فينغر أملا في عودة البطولات الغائبة أم إنها ستفكر في المكاسب المادية التي تجنيها من بقائه على رأس الإدارة الفنية؟

الجواب سنعرفه في الشهور القليلة القادمة…

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها