هل صحيح “الحب أعمى”؟ إليك تفسير العلماء

يتغافل البعض عن أخطاء محبيهم لأسباب عاطفية مرتبطة بنشاط الدماغ أيضا
يتغافل البعض عن أخطاء محبيهم لأسباب عاطفية مرتبطة بنشاط الدماغ أيضا

شعور غامر لا يمكن وصفه بالكلمات، يُضفي على الحياة لونا ومعنا آخر، يصعد بنا إلى أعالي السماء، ويحط بنا إلى أدنى مستويات الأمان. نوجه أصابع الاتهام إلى القلب، ولكنّ للعلم رأيا آخر.

المتعارف عليه أن القلب هو المسؤول عن الحب، ولكن من الناحية العلمية، فإن العقل مسؤول عن الحب. ولكن أين يوجد الحب في العقل؟ وماذا يفعل الحب في العقل والجسد؟

يتساءل الناس دوما: لماذا نقع في غرام أشخاص بأعينهم؟ لماذا نستمر في الحب؟ ما الذي يقتل الحب؟.. كما حير الحب العشاق، فإنه تسبب في حيرة كبيرة للعلماء أنفسهم منذ عقود.

نشر موقع “ميديكال نيوز توداي” بمناسبة أسبوع التوعية الدماغية (16-22 مارس الجاري) ملخص عدد من الدراسات العلمية بشأن تأثير الحب على الدماغ.

أجرى الباحثان أ.د. سمير زكي و أ.د. أندرياس بارتلز، الحاصلان على دكتوراه من كلية لندن الجامعية، دراسة عام 2000 على 17 متطوعًا من الذكور والإناث، تتراوح أعمارهم بين 21 و37 عامًا، وذكر كل منهم أنه يكن مشاعر الحب “بشدة” و”بعمق” و”جنون” تجاه شخص ما.

وقام الباحثان بعمل مسح دماغي للمتطوعين أثناء مشاهدة صور لمحبيهم.

كشفت عمليات المسح أنه عندما حدّق المشاركون في وجوه “محبيهم” بالصور، “أضاءت” بعض مناطق محددة في الدماغ، كانت تلك هي الجزع الإنسي والقشرة الحزامية الأمامية وأجزاء من المخطط الظهري.

وبدا شيئا غريبا في المسح، أن هناك أيضًا بعض مناطق الدماغ قد بدت معطلة، وشملت هذه أجزاء من قشرة الفص الجبهي الأيمن والقشرة الجدارية الثنائية والقشرة الصدغية.

وعلق البروفسور زكي أن المناطق الدماغية التي تشارك في الكيمياء العصبية للحب، تشكل معا مناطق أساسية في نظام المكافأة.

وأوضح أن الحب الرومانسي ينشط مناطق الدماغ التي تحتوي على تركيزات عالية من مادة الدوبامين، وهي عبارة عن مادة كيميائية تعمل كهرمون وناقل عصبي، وترتبط بالمكافأة والرغبة والإدمان وحالات النشوة.

وأضاف أنه عندما ترتفع مستويات الدوبامين، تنخفض مستويات مادة كيميائية أخرى بالدماغ تُدعى السيروتونين المؤثرة على الشهية والمزاج.

وكشف عن حقيقة علمية أخرى، أن الشعور الجارف بالحب يؤدي إلى تعطيل منطقة صغيرة في الدماغ تسمى اللوزة، والمسؤولة عن تنسيق استجابات الخوف، وإبقاء البشر آمنين في المواقف الخطرة.

ويعتقد بروفسور زكي أن المرء إذا كان يعيش قصة حب فإن استجابات الخوف لديه تخمد، بسبب تعطيل هذا الجزء من الدماغ.

ليس هذا فحسب، فإن الحب يؤثر على منطقة دماغية أخرى، تسمى القشرة الأمامية، ولذلك يرى بروفسور زكي أن هذه الحقيقة العلمية تفسر لماذا يشعر البعض أنهم “عميان” أمام الأخطاء التي يرتكبها شركاؤهم، ويخففون أحكامهم أو قد لا ينزعجون بالمرة من عيوب وأخطاء محبيهم، لأنها مسؤولية القشرة الأمامية للمخ.

الشعور الجارف بالحب يؤدي إلى تعطيل جزء في الدماغ مسؤول عن تنسيق استجابات الخوف (يوسبلاش)
هل يمكننا السيطرة على الحب؟

بناء على إفادات الدراسات العلمية؛ قد يطرح البعض هذا السؤال: طالما أن الحب له ارتباط وثيق بعمل العقل؛ فهل يمكن السيطرة على الشعور بالحب فقط بناء على رغبة عقلك؟ هل يمكن أن توقف حبك تجاه شخص ما؟ وهل يمكن أن تقرر أن تحب بدماغك؟

هذا السؤال صعب الإجابة عليه من الناحية العملية والعلمية، فالدراسات لم تستطع فهم الحب علميا بشكل كامل، ولكن هناك دراسة حاولت العمل على هذه المعضلة.

قامت الباحثة ساندرا لانغيسلاغ بمشاركة زملائها بإجراء دراسة عام 2016 على مجموعة من 32 مشاركًا، تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عاما، ويعيشون في حالة حب – وقت إجراء الدراسة- وحاولت الدراسة التعرف على مدى إمكانية تحكم هؤلاء في مشاعرهم أم لا.

وأوضح المشاركون أنهم يعتقدون أن الحب شعور طبيعي لا يجب السيطرة عليه، ورأى آخرون أنه من الصعب للغاية – إلى حد الاستحالة- التحكم في الشعور بالحب.

وترى الباحثة أن الناس قادرون بالفعل على زيادة أو تقليل مشاعر حبهم لشخص ما، فإن الإنسان إذا ما قام بإحصاء الصفات السلبية لحبيبه؛ فقد يساعده ذلك على تقليل مشاعره تجاهه، ومن خلال التفكير في صفاته الإيجابية قد يشعر بزيادة منسوب الحب لديه.

ولكنها أكدت أن الحب لا يمكن التحكم فيه بزر تشغيل أو تعطيل، وأضافت أن تنظيم الأفكار السلبية والإيجابية سيغير فقط من المشاعر تجاه الحبيب قليلا، وهذا التأثير قد يزول بعد فترة.

وأوضحت أن محاولة تنظيم المشاعر مهم أحيانا عندما يحاول الإنسان أن يعزز علاقته العاطفية بزوجته بعد مرور سنوات طويلة لأن لهفة الحب قد تخمد مع الوقت.

اقرأ أيضا:

كيف تتخلص من زواجك بأسرع طريقة

المصدر : الجزيرة مباشر + مواقع أجنبية