خد مسافتك….هل يحل أزمة التراويح ؟

مسلمون مرضى بفيروس كورونا يصلون تراويح رمضان في قاعة المؤتمرات والمعارض في سنغافورة

في محاولة لإحياء ليالي رمضان وسط تفشى فيروس كورونا طرح البعض فكرة فتح المساجد بشروط وضوابط تحمي المصلين من العدوي ومنها الحفاظ على مسافة مترين بين المصلين.

فهل تصح الصلاة على تلك الصفة؟ سؤال طرحه جمهور الجزيرة مباشر، ويجيب عليه الدكتور خالد حنفي-الأمين العام المساعد للمجلس الأوربي للإفتاء والبحوث -و رئيس لجنة الفتوى بألمانيا في تصريحات للجزيرة مباشر قائلا: الذي أراه والله أعلم عدم ترجيح أداء الصلاة على تلك الصفة، وذلك لما يلي:

أولًا: الهيئة الشرعية لصلاة الجماعة لها صفة التعبدية والتوقيفية، فيجب الإتيان بصلاة الجماعة على هيئتها الشرعية التي أداها عليها النبي صلي الله عليه وسلم، فقال: “صلوا كما رأيتموني أصلي”، والصلاة المتفرقة المتباعدة مناقضة لتلك الهيئة، بل مناقضة للنصوص النبوية الآمرة بتسوية الصفوف ورصها، ومنها: ما رُوي عَنْ أَنَسِ بْنِ مالك، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “سَوُّوا صُفُوفَكُمْ، فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلاَةِ”.

فهل بقيت هناك صفوف لتسويتها ورصها بعد التباعد بين المصلين لمسافة متر أو يزيد؟
وفي حديث أَبِي بَكْرَةَ الذي ركَعَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الصَّفِّ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: “زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلاَ تَعُدْ”، نهاه النبي عليه الصلاة والسلام عن الفعل ونبهه إلى عدم العودة رغم أنه فعلها حرصًا على الجماعة ولمرةٍ واحدة،فكيف بمن يُغيِّر صورة الجماعة ويثبتها حتى تزول الجائحة؟

ثانيًا: المقصد الشرعي لصلاة الجماعة:
الصلاة بالتباعد بين المصلين تُخِلُّ وتُفوِّت مقاصد صلاة الجماعة كمقصد المساواة بين الناس، والاجتماع والتلاقي، والتعارف وتفقد الغائبين، وكونها شعيرة من شعائر الإسلام، ثم المقصد الجَمَالي للصفوف المتراصة، يدل عليه حديث النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: “وَأَقِيمُوا الصَّفَّ فِي الصَّلاَةِ، فَإِنَّ إِقَامَةَ الصَّفِّ مِنْ حُسْنِ الصَّلاَةِ”، فتأمل عبارة من حسن الصلاة، وهذه المقاصد كلها ستختل قطعا بالصلاة لمسافات متباعدة.

ثالثًا: حُكم صلاة الجماعة في المساجد وأعذار سقوطها: إن صلاة الجماعة في المسجد سنة مؤكدة على الراجح من أقوال الفقهاء، وتؤدى في البيوت كما تؤدى في المساجد؛ وقد توسع الفقهاء في الأعذار المرخصة في تركها، مثل: المطر، أو مدافعة أحد الأخبثين {البول أو الغائط}، أو حضور الطعام الذي تشتهيه؛ كى لا ينشغل الفكر في الصلاة بالطعام، وأكل الثوم أو البصل، فإذا كانت هذه الأعذار تبيح ترك الجماعة ألا يبيح تركها الخوف شبه المؤكد من انتقال عدوى فيروس كورونا القاتل؟ وهل نحتاج مع سقوطها بالعذر إلى هذا التكلّف والمخاطرة في نظام الصفوف لأدائها؟ والجماعة إذا سقطت بالعذر فلا يخاطَب المكلفون بها أصلا.

رابعًا: الموازنة المقاصدية ،يرى عدد من الأصوليين أن حفظ النفس مقدم على حفظ الدين في ترتيب الكليات الخمس، كالزركشي، والرازي، والقرافي، وابن تيمية، وعليه فحفظ النفس بترك الجماعة منعًا للعدوى مقدم على إقامتها وإن خدمت مقصد حفظ الدين. كذلك فإن حفظ النفس بالتباعد الاجتماعي ضروري، وصلاة الجماعة تحسيني تزينيي مكمل
لحفظ الدين، والضروري يقدم على التحسيني بلا ريب.

لمزيد من الفتاوى
المصدر : الجزيرة مباشر