هل تُهرول أنقرة نحو القاهرة في موضوع التقارب التركي المصري؟

أردوغان والسيسي.. في لقاء بينهما في تركيا عندما كان السيسي وزيراً للدفاع في عهد الرئيس مرسي

تقديري أن رغبة أنقرة في التقارب سببها نجاح تركيا في حسم الملفين المهمين على الطاولة وبالتالي استبعادهما من المفاوضات، وهما الملفان اللذان سببا تصاعدا في التوتر بين العاصمتين خلال فترة ترمب

وتزامن ذلك من قدوم بايدن ورغبة أنقرة في تعزيز وضعها الإقليمي في مواجهة تدخلات بايدن

والملفان هما:

١- ملف شرق المتوسط الذي اطمأنت أنقرة كثيرا لمراعاة مصر جرفها القاري فيه وبالتالي انسحاب القاهرة عمليا من جبهة معاداة تركيا التي تتزعمها قبرص واليونان وهو ما أدى إلى انزعاج أثينا من القاهرة كما غطت ذلك الصحف اليونانية.

٢- ملف ليبيا الذي صَبَرَت فيه أنقرة كثيرا بعد نجاح حليفها “حكومة الوفاق” في حسم المعركة عسكريا وإنهاء أي أمل لمعسكر حفتر في اجتياح العاصمة طرابلس ثم جاءت مفاوضات جنيف التي جاءت بحكومة أكدت تمسكها بالاتفاقيات الدولية ومنها ترسيم الحدود مع تركيا.

فانقلاب السيسي لم يَعُد على أجندة السياسة الخارجية التركية بعد تعزيز السيسي شرعية الأمر الواقع مستفيدا من قضايا أحسن داخل الإقليم

والواضح أن أنقرة ترسل رسائل الوُد وفي ذهنها هذان الملفان اللذان باتا خارج دائرة التفاوض وبالتالي تُفهم عبارة وزير الخارجية التركي “الحوار بدون شروط مسبقة” في هذا السياق، أي أن أنقرة في الواقع تُفاوِض بعد أن حسمت الميدان

وبالنظر لبقية الملفات “السياسية الحزبية” بين البلدان فمن الواضح تراجع أهميتها النسبية لكلا الطرفين

فانقلاب السيسي لم يَعُد على أجندة السياسة الخارجية التركية بعد تعزيز السيسي شرعية الأمر الواقع مستفيدا من قضايا أشد داخل الإقليم

والمعارضة المصرية في تركيا لم تَعُد المطالبات بتسليمها أو حتى تحجيمها تتردد بذات الصدى في إعلام السيسي الذي استبدل ذلك بدعاوى إسقاط الجنسية المصرية عنهم وشَرَعَ بالفعل في تحريض نواب البرلمان الجديد على إصدار قوانين بنفس المضمون خاصة وأن مصر الآن تحتضن المعارضة التركية في المنطقة وتنطلق منها وسائل إعلام مناوئة للحكومة التركية

وعزز ذلك التجاهل أيضا فشل النظام في مصر في جَلْب المعارضين في دول أخرى مثل أوربا مع التشوه الذي حصل لسمعته في ملف حقوق الإنسان

والمُتَابع للشأن الداخلي التركي “والنظام المصري يُتَابع” يدرك صعوبة مجرد طرح هذا الملف على الطاولة بالنسبة لتركيا

يبقى ملف “تدخل تركيا” في الدول العربية مثل سوريا والعراق كما يتهمها دائما سامح شكري

واقعيا يُعتبر الحديث في هذا الملف من باب الاستهلاك الإعلامي

فلا مصر لديها الرغبة في استبدال التواجد التركي

ولا الأطراف الدولية تنظر لبيانات شكري أو بيانات جامعة الدول العربية بجدية في ظل تجاوز الوضع في الميدان هذه المطالبات

تلخيصاً: تركيا ترى أنها استنفدت وسائلها في الميدان في أهم ملفين يخصان “الدولتين” ويتجاوزان المناكفات الحزبية

كما تنظر أنقرة إلى أن كل خطوة تخطوها القاهرة نحو أنقرة هي بالضرورة خطوة تُبعدها عن أبو ظبي التي تسعى تركيا إلى بناء تحالفات جديدة مع حليفتها الرياض

المصدر : الجزيرة مباشر