أقل من 4 % نصيب العرب من الاقتصاد الدولي

ممدوح الولي*

يظل حلم التكامل الاقتصادي العربي يخالج خواطر كل عربي محب لوطنه الكبير، ونحن نرى الاتحاد الأوربي المكون من 28 دولة متعددة اللغات، ونرى تجمعات اقتصادية دولية أخرى ترسخ أركانها، مثل النافتا والآسيان والإفتا والميركسيور وغيرها من التجمعات الاقليمية .
ولبيان مدى الإفادة التي يمكن أن تنجم عن تحقيق حلم التكامل الاقتصادي سنحاول عرض النصيب العربي من المؤشرات الاقتصادية الدولية في حالة تكامله كاقتصاد واحد، فمن حيث السكان العرب البالغ عددهم 370 مليون نسمة ، تصل نسبة العرب 2ر5 % من إجمالي سكان العالم .
إلا أنه من حيث الناتج المحلى الإجمالي العربي البالغ 7ر2 تريليون دولار عام 2013 ، يصل نصيب العرب 6ر3 % من الإجمالي العالمي، ليحتل العرب المركز السادس عالميا، وذلك بعد أمريكا والصين واليابان وألمانيا. وهكذا حققت فرنسا البالغ عدد سكانها 66 مليون نسمه، ما يقارب الناتج العربي بزيادة  مليار دولار عن العرب ، بسبب كبر انتاجية الفرد الفرنسي .
وفى التجارة السلعية العربية البالغة 19ر2 تريليون دولار، احتل العرب المركز الرابع دوليا ، بعد الصين والولايات المتحدة وألمانيا ، وجاء المركز المتقدم للعرب بسبب كبر قيم صادراتهم النفطية والغازية .
– وفى الصادرات السلعية العربية احتل العرب المركز الرابع دوليا بقيمة 1 تريليون و369 مليار دولار، بنسبة 2ر7 % من الإجمالي الدولي، بعد الصين وأمريكا وألمانيا ، وهكذا تفوقت ألمانيا البالغ عدد سكانها 81 مليون نسمه ، أي أقل من سكان مصر وحدها على العرب مجتمعين .
 مع الأخذ في الاعتبار كون معظم الصادرات العربية مواد خام، بعكس الدول المتقدمة التي يغلب على صادراتها المكون الصناعي، حيث بلغ النصيب النسبي لصادرات خام البترول عربيا حوالى 40 % الإجمالي الدولي ، و5ر17 % من الإجمالي الدولي لصادرات الغاز الطبيعي الدولي .
– وفى الواردات السلعية احتل العرب المركز الخامس دوليا ، بعد أمريكا والصين وألمانيا واليابان ، بقيمة 811 مليار دولار بنسبة 3ر4 % من الإجمالي الدولي .
وفى التجارة الخدمية، المعنية بخدمات السياحة والنقل والتشييد والبناء، والخدمات الصحية والتعليمية والاستشارية، والمالية والقانونية والمحاسبية والثقافية والبيئية وغيرها، احتل العرب المركز الخامس دوليا ، بعد الولايات المتحدة وانجلترا وألمانيا والصين ، بنسبة 7ر4 % من الإجمالي الدولي ، وتسببت الواردات الخدمية في ذلك الترتيب المتقدم  .
– وفى الصادرات الخدمية كان ترتيب العرب السابع دوليا ، بعد أمريكا وانجلترا وألمانيا وفرنسا والصين والهند ، بنسبة 1ر3 % من الإجمالي الدولي ، بقيمة 146 مليار دولار وهكذا حققت أسبانيا البالغ  عدد سكانها 46 مليون نسمة  144 مليار دولار ، بفارق ضئيل عن المنطقة العربية بسبب ضخامة ايراداتها السياحية .
– أما في الواردات الخدمية فقد احتل العرب المركز الرابع دوليا ، بعد أمركا والصين وألمانيا ، بنسبة 4ر6 % من العالم ، بسبب ضخامة الواردات الخدمية بدول الخليج مع الإنفاق الكبير لسياحة الخليجيين في أوربا وأمريكا ودول جنوب آسيا .
واذا كان الميزان التجاري السلعي العربي قد حقق فائضا بلغ 557 مليار دولار ، فقد استوعب ذلك الفائض العجز بميزان الخدمات العربي البالغ 144 مليار دولار، ليحقق ميزان السلع والخدمات فائضا .
 واستوعب ذلك الفائض عجز صافى التحويلات بالدول العربية ، والبالغ 5ر65 مليار دولار ، بسبب تحويلات العمالة الأجنبية  والمساعدات  ، ليحقق الحساب الجاري العربي فائضا بلغ 313 مليار دولار عام 2013.
 ورغم الاستثمارات العربية المباشرة وغير المباشرة بالخارج ، والودائع العربية خارج المنطقة العربية ، فقد حقق الميزان الكلى للمدفوعات عربيا فائضا بلغ 108 مليار دولار .
 وهو ما يعزز احتياطات العملات الأجنبية بالبنوك المركزية العربية لتصل الى  تريليون و374 مليار دولار ، الى جانب زيادة أصول الصناديق السيادية لعدد من الدول العربية خاصة الخليجية منها .
وهى الفوائض التي تسيل لعاب الدول الغربية والشرقية لنيل نصيب منها، من خلال عروض شراء السلاح وشراء صكوك ديون موازنات تلك الدول  . 
وبلغ  نصب ايرادات الموازنات العربية البالغ حوالى  تريليون دولار نسبة 5ر4 % من ايرادات موازنات العالم ، بسبب الإيرادات البترولية بتلك الإيرادات العربية ، وعلى الجانب الآخر بلغ نصيب الإنفاق بالموازنات العربية 7ر3 % من إجمالي الإنفاق بموازنات العالم . لتحقق الموازنات العربية فائضا بلغ 5ر165 مليار دولار .
وهكذا هناك اقتصاد عربي يحقق فائضا ضخما بالميزان التجاري مع دول العالم ، وفائضا كبيرا بالميزان التجاري والخدمي معا ، وفائضا ضخما بالحساب الجاري ، وفائضا كبيرا بالميزان الكلى للمدفوعات ، وفائضا بالموازنات العربية .
 وهى فوائض يمكن توجيهها ، لصالح التنمية داخل الدول العربية ، خاصة بالقطاعات الصناعية والزراعية والخدمية ، وتحسين مستوى معيشة المواطنين وخفض معدلات البطالة والفقر والأمية ، لكن غياب إرادة تحقيق التكامل خاصة لدى القادة العرب ، تعطل تحقيق تلك الأهداف .
ومن هنا يتكرر انعقاد مؤتمرات القمة العربية ، بل والقمم الاقتصادية العربية ، دون تحقيق ما تخرج به تلك المؤتمرات من توصيات ، بل أنه عقب كل مؤتمر قمة عربي، عادة ما تزداد العلاقات العربية البينية سوءً عما كانت عليه قبل تلك القمة

__________________

*كاتب وخبير اقتصادي مصري

 

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه