5 زيادات لأسعار المشتقات المصرية في 6 سنوات

ورغم أن الخطاب الإعلامي الذى مهد للزيادة الأخيرة بالمشتقات، قد ركز على مسألة توجيه الدعم الى مستحقيه فإن نسب الزيادات الأخيرة جاءت مخالفة لهذا الزعم.

  

 

عوامل عديدة اقتصادية واجتماعية وسياسية كان يمكن الاستناد إليها لتأجيل الزيادة الخامسة، لأسعار المنتجات البترولية بالأسواق المصرية والتي تمت في الخامس من يوليو/تموز الحالي، والتي تراوحت نسب الزيادة للمنتجات بها ما بين نسبة 16 % وحتى 34 %.

على المستوى الاقتصادي هناك تحسن في إنتاج كل من النفط والغاز الطبيعي، ففي مجال النفط زاد الإنتاج للخام بالعام الماضي بنسبة 3 % بالمقارنة للعام الأسبق، وفي الوقت نفسه استمر معدل الاستهلاك النفطي في التراجع للعام الثاني على التوالي، حيث ساهمت الزيادات التي تمت في أسعار المنتجات البترولية منذ العام 2014 وتوجه محطات الكهرباء وصناعات أخرى للغاز الطبيعي في خفض معدلات الاستهلاك للنفط.

وساهم كل من زيادة الإنتاج للنفط وتراجع استهلاكه في تحسن مستوى الاكتفاء الذاتي بالعام الماضي إلى 69 % مقابل 62 % في العام السابق عليه، كما زاد إنتاج المشتقات محليا بنسبة 4 % في العام الماضي مستمرة بالزيادة للعام الثاني على التوالي، ما ساعد، مع تراجع الاستهلاك، على انخفاض الواردات من المشتقات بنسبة 11% في العام الماضي، وهو التراجع الذي استمر للعام الثالث على التوالي.

وبالنسبة للغاز الطبيعي فقد زاد الإنتاج المُسوق منه للعام الثاني على التوالي، ما ساهم في عودة الصادرات التي كانت قد توقفت حتى العام 2015، لتبدأ بكميات ضئيلة عام 2016 ثم تزيد ببطء في العامين التاليين، وأدت زيادة الإنتاج المٌسوق بالعام الماضي بنسبة 20 % بالمقارنة للعام الأسبق الى تراجع واردات الغاز الطبيعي بنسبة 85 % العام الماضي.

أما عن الأسباب الاجتماعية فقد زادت معدلات الفقر نتيجة تحرير أسعار الصرف عام 2016، وما نجم عنه من طفرات سعرية واكبها زيادة سنوية دورية بأسعار الكهرباء، وزيادات أخرى بأسعار الوقود ومياه الشرب وزيادة نسبة ضريبة القيمة المضافة وكذلك زيادة أسعار العديد من الخدمات الحكومية.

   زيادة الأسعار قبل صرف العلاوة

وهو ما كان يستحق منح المصريين فرصة لالتقاط الأنفاس بتأجيل زيادة الوقود لمدة عام، والتفاهم مع صندوق النقد الدولي على ذلك، حتى لو اقتضى الأمر تأجيل الحصول على الشريحة الأخيرة من قرض الصندوق لمصر والبالغة  ملياري دولار، حيث كان يمكن تعويضها من خلال السندات التي يتم طرحها بالخارج بأسعار فائدة مغرية، كذلك من خلال مشتريات الأجانب لأذون الخزانة المصرية ذات الفائدة العالية.

ورغم انخفاض سعر خام برنت في شهر يونيو/حزيران الماضي إلى 63 دولارا للبرميل، أي أقل من السعر الذي استهدفته الموازنة المصرية في العام المالي الحالي والبالغ 68 دولارا، وتوقع استمرار استقرار أسعار النفط في ضوء التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وتراجع التصنيع بالقارة الأوربية وانخفاض معدلات الاستثمار عالميا، وزيادة الانتاج من الخام الأمريكي.

فإن السلطات المصرية لم تنتظر حتى موعد صرف العاملين بالحكومة العلاوة السنوية التي تم الإعلان عنها قبيل الاستفتاء على التعديلات الدستورية، وقامت بإقرار زيادة أسعار الوقود ومن قبلها زيادة أسعار الكهرباء ومترو الأنفاق، لتتلقى الأسر المصرية المتوسطة والفقيرة ضربات متتالية.

حيث تؤثر المنتجات البترولية والكهرباء على مختلف القطاعات الاقتصادية من خلال عمليات النقل للسلع والأشخاص، وتأثيرها رباعي الأبعاد على قطاع الصناعة من خلال دخولها كمادة خام بالصناعة، وأثرها في تكلفة نقل السلع ونقل العاملين بالشركات، وكذلك في تشغيل الآلات والمعدات، وأيضا تأثيرها على القطاع الزراعي من خلال عمليات الري والعمليات والخدمات الزراعية والحصاد ونقل المحاصيل.

إلى غير ذلك من قطاعات النشاط اللإقتصادى التي تتأثر بارتفاع أسعار الطاقة كأعمال البناء وتصنيع مواد البناء والمخابز الإفرنكية، ونقل كافة السلع الغذائية من خضر وفاكهة ولحوم ودواجن ومنتجات ألبان وغيرها.

  أكثر من 12 مليون مركبة بمصر

ويشير التوزيع النسبي لاستهلاك المنتجات البترولية، لتوجه نسبة 30 % منها لقطاع النقل بأنواعه البري والبحري والجوي، و21 % لإنتاج الكهرباء و15.5 % للصناعة و11 %القطاع المنزلي والتجاري و10 % للسياحة و5 % للطرق والمقاولات 2.5 % للزراعة والري و2 % للبترول.

واذا كانت البيانات الرسمية تشير إلى وجود 10.88 مليون مركبة بنهاية العام الماضي، منها حوالى خمسة ملايين سيارة خاصة و3.5 مليون دراجة بخارية و1.4 مليون سيارة نقل، فإن العدد الحقيقي للمركيات أكبر من ذلك، حيث لم تشر البيانات الرسمية سوى لوجود 184 ألف عربة توك توك ، بينما تشير بيانات لوزارة التنمية المحلية لوجود أكثر من 2.5 مليون توك توك بالمحافظات .

ورغم أن الخطاب الإعلامي الذى مهد للزيادة الأخيرة بالمشتقات ، قد ركز على مسألة توجيه الدعم الى مستحقيه فإن نسب الزيادات الأخيرة جاءت مخالفة لهذا الزعم ، حيث كانت نسبة الزيادة لبنزين 95 أوكتين الذى يستخدمه الأغنياء 16 % ، بينما كانت نسبة الزيادة في بنزين 80 أوكتين الأكثر شعبية والذى تعتمد عليه الشرائح المتوسطة وسيارات الأجرة 23 % ، بل إن الشريحة الدنيا في استهلاك الغاز الطبيعي المنزلي كانت نسبة زيادة أسعارها 34 % ، وكذلك اسطوانات الغاز المنزلية المنتشرة بالريف ولدى الطبقات الشعبية كانت زيادة سعرها 30 % .

كما روج الخطاب الإعلامي لتدني سعر المنتجات البترولية في مصر بالمقارنة لباقي دول العالم، وهو أمر لا تصح مقارنته من دون ربطه بمستوى الدخول في باقي البلدان، ورغم ذلك وبمعيار سعر لتر البنزين بالدولار مجردا من باقي العوامل، فمازالت هناك دول عديدة سعر البنزين بها مقوما بالدولار أقل من سعره بمصر، منها كازاخستان وتركمانستان ونيجيريا والكويت والجزائر وإيران والسودان وكوبا وفنزويلا.

لتتوالى الصدمات على المصريين من أوضاع معيشية قاسية وأوضاع استبدادية خانقة، وحريات غائبة، وإعلام الصوت الواحد وبرلماني شكلي وعدالة بطيئة وارتفاعات متتالية بأسعار السلع والخدمات.

 فخلال الفترة من يونيو/حزيران 2014 وحتى الخامس من الشهر الحالي زاد سعر الغاز الطبيعي للسيارات ثمانية أضعاف، وارتفع سعر اسطوانة الغاز المنزلية سبعة أضعاف، وزاد سعر بنزين 80 أوكتين الشعبي بأكثر من ستة أضعاف، وزاد سعر الكيروسين والسولار خمسة أضعاف ما كان عليه، وأصابت المضاعفات السعرية نفسها شرائح استهلاك الكهرباء والعديد من السلع الأخرى.

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه