رغم المصائب: لماذا لا يتحدث السيسي للمصريين؟

 

منذ متى لم يتحدث السيسي الى الشعب المصري؟ نعم ظهر الجنرال الحاكم في اجتماع مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة منذ أكثر من شهر وأعلن خلاله جاهزية القوات المصرية للدفاع عن الأمن القومي المصري، وكان هناك قبله غياب جعل الناس يطرحون السؤال كثيرا، لكنه لم يخاطب المصريين ولم يشرح لهم الموقف و يشركهم فيما يفكر فهل يتعامل معنا بمنطقه (هو انا غرقتكم قبل كده.. عشان اغرقكم تأني)

 ورغم كل ما مر به المصريون خلال الأيام العشرين الماضية لم يظهر عليهم السيسي خلال هذه الفترة إلا من خلال الصورة فقط، والمتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية.

رغم أن السيسي من عشاق الميكروفون منذ ظهر على الساحة كوزير للدفاع ولا ننسى ندواته التثقيفية في نوادي القوات المسلحة، ورغم أنه يتكلم دائما وظهره للناس إلا أنه كان يظهر ويتحدث فأين يختفي رئيس مصر؟ ولماذا لم يظهر في تلك الظروف التي تمر بها مصر ليشارك المصريين احزانهم؛ وإن لم يظهر الآن فمتى يظهر؟!

مصر تغرق والرئيس غائب

غرقت مصر في إعصار التنين مات من المصريين –بحسب الحكومة- 20 ضحية صعقتهم أعمدة الكهرباء المكشوفة، وجرفهم السيل في أماكن أخرى، وظهرت جثثهم طافية على الطريق الدائري وفي شوارع القاهرة الجديدة (يسكنها ثلة من الأغنياء) وفي أماكن أخرى كثيرة ولم يظهر الرئيس!

انهارت الطرق الجديدة: طريق السويس الذي تحول إلى ممر مائي، وطريق أسيوط الغربي، وكل الطرق في شبكة الطرق التي أقامتها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة انهارت ولم يظهر السيسي!

غرقت الشوارع والابنية في القاهرة القديمة والجديدة والإسكندرية وكل محافظات مصر، وانكشفت البنية التحتية منهارة لا تحتمل يوما واحدا مطيرا.. جلس الشعب في البيوت ومن خرج تعرض لأخطار كثيرة، وتعرضت السيارات للغرق ولم يظهر علينا السيسي أو يطل علينا عبر أي شاشة من شاشات إعلامه

جرف السيل قرى بأكملها في صعيد مصر وبالقرب من العاصمة، وشيع الأهالي جنازة جماعيه لثمانية من ضحايا الأمطار، ولم يظهر السيسي ولكن ظهرت صورته تحمل: “شكرا للحكومة” على جهودها في مواجهة الإعصار الذي استمر يوما واحدا وظل صامتا لا يحدثنا ولا يحاورنا

الصورة تطل مرة أخرى مع كورونا

عشرون يوما غابهم السيسي عن شعبه، ظهر خلالها وباء كورونا واجتاح العالم، وتوقفت خطوط طيران، وقررت بعض الدول المصابة إغلاق حدودها، فيما أعلنت دول كثيرة قدوم حالات مصابة لها من مصر، ثم بدأ الإعلان عن حالات داخل مصر، تلاها إيقاف دول للطيران من وإلى مصر، وأعقبها تزايد أعداد المصابين بالوباء داخل البلاد، وبدأ الصراخ يعلو في أنحاء البلاد، وظهرت حملات تطالب بإيقاف الدراسة ومنع التجمعات وزيادة الاحتياطات لمحاصرة الكورونا؛ لكن حكومة السيسي لا تسمع ولا تعترف بأي شيء حتى اضطرت الحكومة للاعتراف بالأزمة، والكارثة تحت ضغط دول العالم و ضغط صراخ المصابين والأهالي..

وأخيرا ظهرت صورة الرئيس مرة اخرى على صفحات الصحف لتعلن على لسان المتحدث باسم رئاسة الجمهورية إيقاف الدراسة لمدة أسبوعين، ورصد 100 مليار جنيه مصري لمواجهة كورونا، وفي نفس اللحظة ظهرت صورا لسلاح الحرب الكيماوية وهو يقوم بعمل تطهير لجامعة عين شمس، ويقال إن هناك حالة إصابة بكلية الألسن جامعة عين شمس وتوالت إجراءات الحكومة والمؤسسات ضد الكورونا بعد ظهور قرار من الرئيس دون ظهوره متحدثا الينا، سواء فيما قيل إنه اجتماع مع مجلس الوزراء أو يظهر هو شخصيا ليتحدث الي شعبه كما فعل معظم رؤساء دول العالم.. لكن الجنرال لم يظهر فهل يعامل السيسي المصريين من خلال المتحدث الرسمي والحكومة فقط؟؟ ام ان السيسي غاضبا (مقموص ) من المصريين كما قال عندما ظهر هاشتاج ارحل يا سيسي 

أين دراجة السيسي؟

اشتهر السيسي في بداية حكمه بسباق الدراجات يتجول بها ويتفقد أحوال المصريين قبل أن يخرجوا من منازلهم، ونتذكر سائقة الميكروباص التي التقاها في القاهرة الجديدة فجأة وحديثه معها فلماذا لم يطمئن على اهلها من المصريين، ونتذكر صور هؤلاء الذين كانوا يقفون بصوره في الطرق ما بين الكلية الحربية وكلية الشرطة ليهتفوا له، فلماذا اختفت رحلات الجنرال على الدراجة؟

 هل تتذكرون زيارات السيسي لمعسكرات القوات المسلحة ولقائه مع الجنود والضباط؟ أين تلك الزيارات؟ لماذا لم يعد يقوم بها الرئيس؟! لا أتذكر آخر مرة شاهدت فيها الرئيس في معسكر للقوات المسلحة؛ ولكن المؤكد أنها كانت قبل الغياب الأول قبل اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة وقبل الغياب الاخير الذي استمر 20 يوما قبل ان يظهر في لقاء نائب رئيس مجلس السيادة السوداني حميدتي قبل يومين!

أخبار الرئيس نصف نشرة الأخبار؟

كانت نشرات الأخبار في التليفزيون الرسمي تستمر قبل ثورة يناير أكثر من45 دقيقة، وتأخذ أخبار الرئيس منها أكثر من نصف المدة ما بين”: قرر الرئيس.. استقبل الرئيس.. عقد الرئيس.. اعتمد الرئيس حتى صارت هناك مزحة أن الباقي من أخبار الرئيس هو ماذا أكل الرئيس اليوم؟ّ

 ودارت معركة إعلامية كبيرة بشأن ترتيب أخبار نشرة الأخبار، وهل الترتيب يخضع لأهمية الخبر أم لشخص الرئيس؟!

ورغم ذلك فقد كانت تلك النشرة رغم عدم مهنيتها، والخلل في ترتيب الاخبار إلا أن ظهور الرئيس أيا ما كان فيها يعطي للشعب إجابة عن سؤال يطرح الآن، ولم يكن يطرح وهو سؤال أين الرئيس؟  وهو السؤال الذي يلح الآن في ظل هذه الظروف التي تمر بها مصر

صحة الرئيس.. سؤال الحال

في أواخر عهد مبارك وقبل ثورة يناير بسنوات قليلة غاب عن الساحة في مصر لفترة ما، وكان أن كتب الكاتب إبراهيم عيسى مقالا على الصفحة الأولى لجريدة الدستور متسائلا عن غياب مبارك، وعن صحته وهل هي على ما يرام مما تجعله قادرا على أداء مهامه أم إن صحة الرئيس لا تسمح له بممارسة مهامه الرئاسية؟ وكان أن تطوع أحد المحامين وقدم بلاغا للنائب العام ضد إبراهيم عيسى، وصدر حكما بالسجن علي الكاتب في قضية عرفت يومها بقضية صحة الرئيس

واليوم وبعد شائعات كثيرة طالت صحة السيسي خلال أكثر من شهر مضى وفي ظل غياب السيسي المستمر وعدم ظهوره أمام الكاميرات التلفزيونية أو في بث مباشر من على هاتفه المحمول الا قليلا جدا، هل لنا أن نتساءل عن صحة الرئيس، وهل يستطيع أن يقوم بمهامه أم لا؟ فإن كان يستطيع لماذا يختفي في هذه الظروف الصعبة عن الشعب المصري؟ ولماذا لا يشاركنا مصائبنا سواء التي عانينا منها عبر بنيته التحتية التي تكلفت أربعة مليارات جنيه مصري.. أو تلك المصيبة التي نعاني منها نتاج عناد حكومته وتخاذلها في وباء أصاب العالم ولم يكن اعترافها به يحملها مسئولية أكثر من أن يقوم كل فرد بتحمل مسئوليته تجاه الكوورنا

وحتى يطل علينا السيسي سليما معاف من خلال شاشات التليفزيون ولقاءات مباشرة مع الشعب سواء على الدراجة فجرا، أو في حوار تليفزيونيا أو في ندوة تثقيفية يتحدث الي الشعب المصري ويشاركهم المصائب التي تقع على المصريين منذ اطل علينا الجنرال الحاكم علي انفاس المصريين وسيظل السؤال مطروحا حول صحته وأسباب اختفائه فالشعوب لا تحكمها صورة رئيس ولا يحكم رئيس بالقرارات عن بعد 

 

 

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه