تعدد الزوجات ممنوع: دليلك للهجرة لألمانيا

 

منذ أن وافق البرلمان الألماني “البوندستاج” قبل عدة أشهر على قانون الهجرة الجديد المزمع العمل به في شهر مارس القادم، فإنه أصبح قانونا نافذا سينظم أمور الهجرة واللجوء إلى ألمانيا بشكل غير مسبوق، كما وسيحسم طرق الترحيل وأسلوب التعامل مع كثير من اللاجئين الذين رفضت طلباتهم ومازالوا موجودين حتى الآن في ألمانيا.

ثمة سلبيات وإيجابيات وفق رؤية المؤيدين للقانون أو المعارضين له، لكن سن قانون جديد، ومن ثم الموافقة البرلمانية عليه، يعتبر في حد ذاته رسالة تحمل في مضمونها شكلا من أشكال الاطمئنان لمخاوف الألمان من فتح أبواب الهجرة إلى بلادهم دون ضابط أو رابط، أيضا الحد من مخاوف التغير الديموغرافي لتركيبة السكان، وفي نفس الوقت يفتح المجال للموهوبين، وأصحاب المهن الرفيعة، وأصحاب المهن التي بها نقص في ألمانيا بشكل عام إلى القدوم إلى ألمانيا للبحث عن فرصة عمل بعد أن كانت مقيدة في ظل القانون القديم.

بين شد وجذب:

في الحقيقة لم تشهد قضية داخلية في ألمانيا لغطا كبيرا في السنوات الأخيرة مثل قضية اللجوء والهجرة، فمنذ أن فتحت ألمانيا الأبواب في سنة 2015 للمهاجرين السوريين، ونجد أن الشد والجذب بين المعارضين والمؤيدين لم ينته حتى الآن، لقد تركت أثرا وانشقاقا كبيرا في المجتمع الألماني تولد عنها مخاوف عديدة من فكرة فتح الأبواب للثقافات المختلفة مرة أخرى.

القانون الجديد لم تسنه ألمانيا بشكل عبثي فهي بالفعل في حاجة ماسة لمهاجرين أكفاء لتعويض النقص في قطاعات صناعية عديدة داخل ألمانيا، ومن هنا باتت فلسفة القانون الجديد تكمن في أن ألمانيا لم تعد ترى الآن مشكلة في منح حق الإقامة وتحسين ظروف المهاجرين الموجودين على أرضها بالفعل.. والشرط في ذلك أن يكونوا مؤهلين للالتحاق بسوق العمل الألمانية، وأن يظهروا قدرا من الاندماج في المجتمع، إضافة إلى خلو سجلهم من الأعمال الإجرامية، ويستطيعون تقديم ما يثبت معرفتهم باللغة الألمانية.

أهم البنود:

 إن أهم بنود هذا القانون هو السماح للاجئين بتحويل طلباتهم من صفة لاجيء إلى صفة مهاجر يبحث عن العمل حال حصول اللاجئ بالفعل على عمل، أو التسجيل في تدريب مهني للعمل في إحدى الشركات أو المصانع، وبهذا سيمنح بمقتضي القانون الجديد إقامة لمدة 30 شهرا، تتحول الي إقامة دائمة بعد نجاحه في الحصول على عقد عمل.

هناك من أطلق على القانون الجديد قانون التسامح في الإقامة مقابل العمل، وهذا صحيح فألمانيا بها الآن وفقا لتقديرات الخبراء وظائف شاغرة في الوقت الحالي تصل إلى 1.2 مليون وظيفة، في وقت أكدت فيه دراسات عديدة أن سوق العمل يحتاج سنويا إلى 260 ألف وظيفة حتى عام 2060.  

أحد أسرار معجزة هذه الدولة الصناعية الكبيرة هي العمالة، فقد تحققت المعجزة الاقتصادية الألمانية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية ليس فقط بفضل التخطيط والإرادة، إنما كذلك بفضل العمالة التي تدفقت على العمل بها من تركيا والبرتغال وإيطاليا والعديد من الدول المجاورة.

في أحسن حالاته:

يشار إلى أن الاقتصاد الألماني في أحسن حالاته الآن، وهناك نقص كبير في كوادر وظيفية عديدة، في وقت أيضا تسجل المواليد انخفاضا مقابل ارتفاع  في سن المتقاعدين، وهو ما أصبح يسبب مشكلة اجتماعية كبيرة، وفي حالة استمرار الحال هكذا ـ سيكون التساؤل من الذي سيقوم بسد تلك الثغرة ويدفع رواتب المتقاعدين؟

 الأمر أصبح واضحا فالقانون الجديد سيمنح الفرصة لأول مرة لمهاجرين من خارج دول الاتحاد الأوربي للبحث عن عمل في ألمانيا، وسيتم منحهم تأشيرة مدتها 6 أشهر للبحث عن وظيفة بشرط أن يكونوا قادرين على إعالة أنفسهم دون اللجوء للدولة طوال فترة البحث عن عمل، أما الذين يبلغون السن فوق ال 45 عاما فإنهم سيمنحون حق الإقامة فقط في حالة تعاقدهم على عمل بمرتب لا يقل عن 3500 يورو.

إن هذا القانون هو في صالح الدولة الألمانية تماما، فمثلا في حالة العمل على وقف الهجرة وطرد اللاجئين المؤهلين للعمل في ألمانيا، فإن ذلك سيعني تراجع في النمو الاقتصادي بنسبة 6%، أي خسارة حوالي 175 مليار يورو في غضون السنوات القلية المقبلة.

المؤيدون للقانون ينتقدون بندا يختص بالاعتقالات، فقد أصبح من حق الشرطة في ظل القانون الجديد أن تدهم مساكن الذين رفضت طلباتهم، وصدر أمر بترحيلهم، وأن تقوم بإحتجازهم رهن الاعتقال في السجون، في حين أن القانون القديم كان يكتفي بإبلاغ اللاجئ برفض طلبه، ثم الطلب منه مغادرة البلاد دون احتجاز، ذلك أن الأغلبية لم تكن تنفذ هذا الأمر، وقد فشلت ألمانيا في العام الماضي في تنفيذ طلبات ترحيل نصف الذين صدر قرار بترحيلهم بسبب اختفائهم.

لا تعدد للزوجات:

القانون الجديد في بند الجنسية لن يسمح بتعدد الزوجات، فلن يحصل على الجنسية الألمانية من قام بالجمع بين أكثر من زوجة، خاصة وأن مشكلة كانت قد ظهرت هنا بسبب جمع بعض السوريين اللاجئين بين أكثر من زوجة، كذلك فإن الذين سيحصلون على جواز السفرالألماني سيظلون تحت اختبار الجنسية لمدة 10 سنوات بعد أن كانت 5 وسيتم سحب الجنسية فورا منه إذا تبين لاحقا أن له علاقة بتنظيم الدولة، أو أدلى ببيانات خاطئة!

بغض النظر عن الهجرة واللجوء فإن القانون الجديد، يمثل فرصة كبيرة أمام الشباب المتعلم تعليما جيدا في العالم العربي، ويطمح في الحصول على فرصة عمل جيدة في أوربا، لذلك فمن المؤكد أن ألمانيا ستشهد موجة هجرة جديدة في بداية العام القادم، مع اعتبار أنها لن تكون وحدها في المضمار، فمن المرجح أن تسلك عدة دول أوربية نفس مسلك ألمانيا وقد تكون أبرزها الآن سويسرا.

 

 

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه