“كان طبيعي وفجأة راح”.. سبب جديد للموت في غزة يودي بالطفل طاهر أبو عودة (فيديو)

“لم يمت من الصواريخ، لكنه مات من تبعات التشريد والنزوح”

لم يبقَ سبب للموت إلا وجربه أهل قطاع غزة، حتى نسوا شكل الحياة الطبيعية، فهذا الطفل طاهر أبو عودة (عامان) فقد حياته في خيمة لجوء مهترئة وسط القطاع؛ جراء موجة الحرّ التي ضربت البلاد قبل أيام.

“طاهر” آخر العنقود، الذي أسمته والدته تيمنًا باسم والده الأسير في سجون الاحتلال، كان ذا حظٍ عظيم حين نجا من الصواريخ الإسرائيلية مرات عديدة، لكنّ جسده لم يَسلم من لهيب الحر في الخِيام، موقعًا قلب أمّه الثكلى في حزن ممتد بعد وفاته.

تقول إيمان أبو عودة والدة الطفل طاهر، للجزيرة مباشر، إنها تُكابد منذ سبعة أشهر، وتتنقل من مكانٍ إلى آخر بعد أن فقدت بيتها؛ بحثًا عن مكانٍ آمن لأطفالها الستة، وكانت دير البلح وجهتهم الأخيرة.

تعيش “إيمان” مع أطفالها في خيمة ضيّقة تفتقر لأدنى مقومات الحياة، إلا أنها كانت تجد فيها قشة النجاة.

تبعات التشريد والنزوح

وتصف الأم الثكلى الجو بأنه كان قبسًا من جهنم، ولا يوجد في المخيم مكان يُمكن اللجوء إليه لتخفيف وطأة الحرّ على الطفل الفقيد، فقررت الذهاب به إلى المستشفى، وهناك تفاقمت حالته، إلى أن مات أمام عينيها.

ظهرت والدته بحالةٍ مأساوية للغاية، وهي تعانق صور طفلها، وتقول “لم يمت من الصواريخ، لكنه مات من تبعات التشريد والنزوح”، وأضافت “كان طبيعي، فجأة راح مني”.

لم تتمالك الأم المكلومة دموعها وهي تحكي عن تحضيراتها لاستقبال زوجها الذي اُعتقل في تموز 2022 أثناء عمله في الداخل المحتل، وحُكم عليه بالسجن 4 سنوات، إذ تُعلّق عائلته الآمال على صفقة تبادل جديدة مع المقاومة، يتنسّم فيها الأب الحرية، ليعود إلى أطفاله، ويُشبعهم من حنانه، تحديدًا آخر العنقود.

وتشير إلى أنّ زوجها لم يلتقِ بصغيره إلا مرةً واحدة وهو بعمر 4 أشهر، حيث رافق أمه في الزيارة، وأردفا الأم “احتضنه وقبّله كثيرًا، كان مبتهجًا وكأننا لم ننجب قبله، قال لي هذا غير عن إخوته”.

هي الأخرى كانت تمتلك إحساسًا مختلفًا تجاه طفلها، فهو لم يَنعم كأخوته بحنان أبيه، ولم يكبر في أحضانه “كنت أشعر كأنه أمانة عندي ويجب الحفاظ عليها والتفنن في إسعاده وتربيته، وهذا ما فعلته لكنّ قدر الله غالب”.

“فرحة ناقصة”

كان لطاهر كما بقية إخوته ملابس جديدة اشترتها والدتهم وخبأتها لهم ليوم الحرية المنتظر، تُخبرنا “كنت أحكي له عن والده وأننا سنلتقي قريبًا به، يفهمني رغم صِغر سنه، كان يعدّ على يديه الصغيرتين الأيام التي تفصلنا عن لقاء بابا، لكنّ ويلات الحرب لم تُمهله كثيرًا”.

وتصف أي فرحة بعد رحيل طفلها بأنها “ناقصة”، مستطردة “أتمنى أن يكون زوجي بخير وأن يُلهمه الله الصبر حين يعلم بخبر الفقد العظيم، وأن يلّم شملنا من جديد”.

المصدر : الجزيرة مباشر