تقرير: “الذباب الإلكتروني” يطول الحلفاء ويقع في فخ انتقاد ابن سلمان

فخ يقود الذباب الإلكتروني السعودي لانتقاد ولي العهد

لم تقتصر الهجمات المنظمة التي يقودها “الذباب الإلكتروني” أو الكتائب الالكترونية الموجهة من السلطات السعودية، على الخصوم فقط، بل طالت الحلفاء والأصدقاء من الدول والشخصيات.

وبشكل لافت، ظهر مسؤولان سعوديان في صدارة مشهد الهجوم الإلكتروني، أولهم سعود القحطاني المتهم في مقتل الصحفي جمال خاشقجي، والذي أقيل من منصبه في الديوان الملكي مؤخرًا، والثاني تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة في السعودية.

أبرز الهجمات الإلكترونية التي طالت دول حلفاء:

المغرب:

  • في مارس/آذار 2018، هاجم آل الشيخ عبر “تويتر” المغرب حليفة الرياض، الدولة العربية الوحيدة المتقدمة لاستضافة نهائيات مونديال 2026 لكرة القدم.
  • الانتقاد، الذي جاء على خلفية حصول المغرب على دعم قطر لملف الترشح للمونديال وما سبقها من وقوف المغرب على الحياد في الأزمة الخليجية، تلاه، بشكل بدا انه موجه، هجوم ضخم متزامن من حسابات إلكترونية على المغرب.
  • هذه الهجمات أثرت على علاقة البلدين، وشهدت شرخا وتراجعا للعلاقات، وكان آخرها تعليقات سلبية من “الذباب” مؤيدة لعدم قيام ولي العهد السعودي بتضمين المغرب في جولته العربية الأخيرة.

الكويت:

  • الكويت أيضًا الشقيق الخليجي للرياض، لم تسلم من أذى الذباب الإلكتروني، حين هاجم آل الشيخ، وزير الشباب الكويتي خالد الروضان، بعد لقاء وفد ترأسه المسؤول الكويتي بأمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد في 21 يناير/ كانون ثان، الماضي.
  • آل الشيخ غرد عبر تويتر “الروضان؛ باختصار؛ هو: الإرتزاق تحت مظلة المناصب وضد الحقائق المثبتة”، لتنطلق حسابات إلكترونية سعودية فورًا بعدها تنتقد الكويت، وتدشن هاشتاجات مسيئة.

مصر:

  • ما أن اعتذر آل الشيخ عن رئاسته الشرفية للنادي الأهلي المصري، في مايو/أيار 2018، ووجه انتقادات حادة عبر توتير، لرئيسه محمود الخطيب، إلا وتوالت الحملات الإلكترونية المسيئة لمصر ولأكبر الأندية المصرية والقارة السمراء.
  • مع تواصل “استفزازات” من تغريدات آل الشيخ ضد شخصيات بمصر، تم سب الأخير من مشجعين حضروا مباراة للأهلي، وتطورت سريعًا إلى إعلان المسؤول السعودي في سبتمبر/أيلول 2018 سحب استثماراته الرياضية من مصر. ما ولد حالة من الاحتقان الشعبي بين البلدين “الحليفين”.

السودان:

  • مع صدور تصريحات رسمية سودانية، في مايو/أيار الماضي، تلمح لإمكانية سحب السودان لقواته المتواجدة في اليمن ضمن التحالف العسكري بقيادة السعودية، انطلق الذباب الالكتروني مهاجما السودان بضراوة وبشكل غير لائق.
  • لم تكن تلك الحملة الأولى ضد السودان، إذ سبقها في أواخر 2017 وأوائل 2018، حملة إلكترونية مماثلة، ورفضت الخرطوم آنذاك ما أسمته “تطاولا عليها”، جاء عقب توقيع اتفاقية مع تركيا لإعادة تأهيل جزيرة سواكن.
  • وصل الأمر إلى أن قناة “العربية” السعودية طرحت استفتاء لها عبر صفحتها الرسمية بتويتر، في يوليو/تموز الماضي تساءلت فيه عن سبب انضمام شباب وبنات السودان لتنظيم الدولة، وأثار هذا الاستفتاء رفضًا سودانيًا، واعتبره مدونون سودانيون بمثابة حرب تشويه على الخرطوم.

أبرز الهجمات الإلكترونية التي طالت شخصيات صديقة:

الكاتب الكويتي أحمد الجار الله:

  • الجار الله معروف بتأييده القوى لابن سلمان، وكل ما فعله أنه غرد ناصحًا إياه بتاريخ 24 نوفمبر/تشرين ثان الماضي، فقال: “أمير محمد بن سلمان هذا ما نريده منك، نريدك بين الناس.. أمير محمد هنا تكون أمام طبيعة الأشياء…”، مادحًا زيارات ابن سلمان الميدانية.
  • الجار لله، سرعان ما تعرض لهجوم كبير من الذباب، منهم من طالبه بحفظ الألقاب لأن ابن سلمان صاحب سمو وليس أمير، ووصل الأمر لحد التجريح واتهام الكاتب بركاكة الأسلوب والتدخل في الشأن الداخلي السعودي، بلا سند.

الإماراتي عبد الخالق عبد الله:

  • في سبتمبر/أيلول الماضي، كتب الأكاديمي الإماراتي المناصر دومًا للسعودية، عبد الخالق عبد الله، عبر “تويتر”: “صديقة عزيزة وزميلة أكاديمية جادة أتمنى أن أراها قريبًا” خارج السجن، مع صورة للأكاديمية السعودية والناشطة في مجال حقوق المرأة هتون الفاسي، الموقوفة في المملكة منذ يونيو/حزيران الماضي، وتتعرض لمعاملة قاسية في محبسها، وفق منظمات حقوقية.
  • عبد الله الذي شغل سابقًا منصب مستشار ولي عهد أبو ظبي، لم يسلم من هجوم “ذبابي” سعودي لاذع، منه ما جاء في هذا التعليق “عبد الخالق اشتاق لهتون الفاسي زميلة النضال، احتفظ بأشواقك في قلبك، واحذر من الاقتراب من السيادة السعودية والتدخل في شؤوننا”.

السعودي زياد الدريس:

  • الدريس معروف عنه تأييده المطلق لابن سلمان، إلا أنه هو الآخر لم يسلم من هجوم الذباب حين انتقدهم.
  • في أكتوبر/ تشرين أول الماضي، كتب الدريس في صحيفة الحياة السعودية “ابتليت بلادي الحبيبة، السعودية، بأن بعض الذين يدافعون عنها (خصوصًا ممن يسمى الذباب الإلكتروني في موقع تويتر)، هم على مستوى من البذاءة والسوقية”.
  • الرد جاء سريعًا من خلال إطلاق هاشتاغ بعنوان “#الدريس_يسيء_لمغردي_الوطن”.. نال فيه الكثير من التجريح والإساءات.. وكان ضمن قائمة أكثر الهاشتاغات انتشارًا في المملكة، حاصدًا أكثر من 30 ألف تغريدة.

https://twitter.com/Dr__abdulmalek/status/1056620086000340992?ref_src=twsrc%5Etfw

فخ انتقاد ابن سلمان
  • الحملات الإلكترونية السعودية الموجهة، لم تتوقف على التعرض للحلفاء مثل الخصوم، فقط لكن المفارقة أنها طالت -دون أن تدري- ولي العهد ذاته! ففي سبتمبر/ أيلول الماضي، نشرت مجلة “نيوزويك” الأمريكية، صورة لابن سلمان في صدر غلافها، وبداخلها مقالا ينتقد بقوة سياساته.
  • الصورة جذبت عددا من مؤيدي ابن سلمان، وأعاد العشرات نشر المقال على منصاتهم ترويجًا له، دون أن يدركوا مضمونه المنتقد لابن سلمان، ما وضعهم في حرج لاحقًا.
  • الأمير منصور بن سعد آل سعود الأمين المساعد لمؤسسة الملك فيصل الخيرية، غرد عبر بتويتر “إعادة العرب إلى مكانتهم العظيمة، عنوان المجلة الذي يحمل صورة سموّ سيدي ولي العهد”، قبل أن يحذف التغريدة، عقب انتقادات لمشاركته مقال يدين ابن سلمان ظنا منه بالخطأ أنه يكرمه، الأمر الذي كررته حسابات أخرى.

 

من هم الذباب الإلكتروني.

يقول مؤسس “منصة جمهرة الرقمية” أحمد حذيفة، إن الذباب الإلكتروني مكون من ٣ فاعلين أو فئات:

الأولى: يظهرون بأسمائهم وصفاتهم الحقيقية، كصحفيين ومسؤولين مثل سعود القحطاني.

الثانية: هم موظفو السلطة، وهم أشخاص حقيقيون يكتبون بدون أسمائهم الحقيقية، ويدورون في فلك ما يؤمرون به.

الثالثة: هي حسابات وهمية وخوارزميات تنشأ عبر البرامج ومهمتها إعادة التغريدات، لتنشئ حالة من التفاعل الوهمي على مواقع التواصل.

  • السلطة لا تلتزم بهم وتعلن رأيًا مخالفا لهم، من باب التمويه، ولكن بالنهاية معروف من يؤسس ويروج لها، ومن هنا يمكن ان يزداد الشرخ بين الدول والشعوب حتى الحليفة منها.
  • يمكن للذباب الإلكتروني خلق عداء مع دول أخرى حليفة، رغم أن الدولة الموجهة للذباب الإلكتروني لا تعلن هذا العداء ولا تعترف به، ولكن بالنهاية معروف أن هذا الذباب يمثل هوى الدولة وميولها الداخلية.
  • الذباب الإلكتروني، ونظرًا لوظيفته السلبية، يتجاوز الحدود المرسومة له، للتسلط على دول تعتبر صديقة للمملكة، مثل الكويت والسودان، بالإساءة لها وإهانتها، ما يؤدي لشرخ كبير يصعب تجاوزه.
صورة تجمع بين سعود القحطاني وتركي آل الشيخ (مواقع التواصل)

 بدوره قال بسام شحادات خبير التسويق الرقمي والتجارة الإلكترونية إن الذباب الإلكتروني نوع من الدعاية السوداء للسيطرة على الرأي العام، والقيام بحملة من التنمر، لرصد أي تعليقات، وقمع أي اعتراضات، وهو أمر سلبي جدًا.

  • شحادات: يتم توظيف استخدام الذباب الإلكتروني للتعبير عن مواقف من الدول، خصوصًا في حال الخلافات، إلا ان النموذج السعودي يزرع الشحناء والبغضاء والكراهية بين الشعوب.
  • شحادات: الإضرار بالحلفاء هو دور سلبي، ولا بد أن يكون هناك دور لمواقع التواصل الالكتروني كـ”تويتر”، لمنع الحسابات الوهمية، والتحكم بالترند، لأن مثل هذا الذباب يؤدي لخلافات ويثير النعرات بين الدول، ما قد يؤدي لعواقب لا تحمد عقباها بين شعوب المنطقة.

ولم يتسن الحصول على تعليق رسمي من السعودية بخصوص تلك المجموعات الإلكترونية التي اعتادت وسائل إعلام عربية وغربية نسبها للرياض لاسيما مع تصاعد الأزمة الخليجية صيف 2017، دون إقرار أو نفى من السعودية.

وعادة ما تقول الرياض رسميًا إنها تربطها علاقات وثيقة مع دول المنطقة، تقوم على الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.

المصدر : الأناضول + الجزيرة مباشر