8 سنوات من الثورة والحرب.. الأسد “تحت الحصار” وسوريا حلبة تنافس

درعا شهدت انطلاق الثورة السورية ضد حكم بشار الأسد

بعد ثماني سنوات من اندلاع الثورة السورية وتحولها إلى حرب أهلية، لم تعد مسألة إزاحة بشار الأسد عن الحكم مطروحة في الوقت الحاضر.

لكن رغم ذلك فإن البلاد تحولت الى حلبة منافسة بين قوى خارجية ذات مصالح متناقضة، في ظل حصار اقتصادي منهك.

خريطة توزيع القوى:
  • الثورة السورية انطلقت في 15 مارس/ آذار 2011 بتظاهرات سلمية تطالب برحيل الأسد، لكنها تحولت إلى حرب معقدة ودامية بعد قمع المظاهرات.
  • بينما يوشك تنظيم الدولة على الانهيار، يدخل النزاع عامه التاسع مع حصيلة تخطت 360 ألف قتيل ودمار تقدر كلفته بـ400 مليار دولار، بينما لا يزال أكثر من ستة ملايين نازح داخل سوريا، أغلبهم بلا مأوى، ونحو ستة ملايين لاجئ خارجها، لا تشجع الأمم المتحدة عودتهم في الوقت الراهن.
  • بعدما شكل الوضع الأمني هاجس السوريين لسنوات، باتت الهموم المعيشية والاقتصادية تثقل كاهلهم اليوم. ويضطرون للانتظار في طوابير للحصول على أسطوانة غاز، ويتذمرون من البطالة وتقنين الكهرباء، بينما ترزح الشريحة الأكبر منهم تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة.
  • يسيطر جيش النظام السوري على أكثر من 60% من البلاد، بعد نكسات متلاحقة مُنيت بها المعارضة السورية.
  • تمّ ذلك بفضل دعم حليفتيها: إيران التي أرسلت منذ اندلاع النزاع قوات ومستشارين ومقاتلين شيعة من لبنان والعراق وأفغانستان، وروسيا التي غيّر تدخلها العسكري منذ أواخر 2015 ميزان القوى ميدانيًا لصالح دمشق. وتحتفظ موسكو بقواعد عسكرية وتسير دوريات في محافظات عدة.
مئات الآلاف من القتلى والجرحى ودمار واسع في المدن والقرى السورية نتيجة قصف قوات النظام (رويترز)
مصالح متناقضة:
  • أبرز المناطق التي لا تزال خارجة عن سيطرة النظام هي محافظة إدلب (شمال غرب) التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام (النصرة سابقًا) وتوجد فيها فصائل أخرى صغيرة. وهناك مناطق الإدارة الذاتية الكردية المدعومة أمريكيًا في شمال وشمال شرق سوريا، والغنية بالنفط والمياه والحقول الزراعية.
  • رغم تكرار الأسد عزمه استعادة هذه المناطق، لكن ذلك لا يبدو ممكنًا في الوقت الحالي. إذ يحمي اتفاق روسي تركي إدلب منذ سبتمبر/أيلول، من هجوم لوحت به دمشق. بينما يحظى الأكراد بدعم دولي، لا سيما من واشنطن، كونهم رأس حربة في محاربة تنظيم الدولة.
  • تركيا تحتفظ بنقاط مراقبة في إدلب وتسيّر دوريات، كما تنشر قواتها في مدن حدودية عدة شمالاً كجرابلس وعفرين.
  • يهدئ الوجود الأمريكي اندفاعة أنقرة ضد المقاتلين الأكراد الذين تعدهم “إرهابيين” وتخشى تواصلهم مع المتمردين الأكراد على أرضها. كما يحول دون إقدام دمشق على أي خطوات عملية ضدهم.
  • بعدما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب نهاية العام قراره سحب ألفي جندي من سوريا، ما أثار مخاوف الأكراد، عادت واشنطن وقررت إبقاء “قوة سلام” من مئتي جندي، ما يوحي، بحسب محللين، بأن انسحابها ليس بقريب.
طفل خرج مع عائلته من قرية الباغوز.. آخر معاقل تنظيم الدولة في سوريا (رويترز)
عقوبات اقتصادية:
  • في مواجهة النفوذ الأجنبي وعقوبات أمريكية وأوربية صارمة منذ بدء الحرب، ردًا على قمع الاحتجاجات السلمية بالقوة، تجد دمشق نفسها عاجزة عن النهوض بالاقتصاد بعد دمار البنى التحتية وقطاعات تدر أموالاً لا سيما النفط.
  • الأسد قال خلال استقباله مسؤولًا صينيًا الأحد إن “الحرب على سوريا بدأت تأخذ شكلًا جديدًا أساسه الحصار، والحرب الاقتصادية”.
  • حلفاء دمشق يسعون إلى إنهاض الاقتصاد السوري، خصوصًا لتعويض أموال باهظة تكبدوها خلال الحرب. وتخطط كل من موسكو وطهران تحديدًا لأن تكون لشركاتها حصة الأسد في إعادة الإعمار. ووقعت كل منهما مؤخرًا اتفاقات ثنائية مع دمشق وعقودًا طويلة الأمد في مجالات عدة أبرزها الطاقة والبناء والنفط والزراعة.
  • الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حث الأوربيين الصيف الماضي على المشاركة ماليًا في إعادة الاعمار. وتنخرط موسكو في محادثات مع جهات دولية ودول خليجية في محاولة لتأمين الموارد اللازمة لذلك.
  • يبدو واضحًا أن الدول التي دعمت المعارضة واستقبلت قياداتها بعد اندلاع النزاع تتعاطى اليوم بواقعية أكبر مع بقاء الأسد بعدما طالبت برحيله عن السلطة. وأعادت كل من الإمارات والبحرين فتح سفارتيهما في دمشق. أما المعارضة السورية، فبات صوتها خافتاً وقياداتها مشتتة.
  • الباحث في مركز الأمن الأمريكي الجديد نيكولاس هيراس: باتت المعارضة السورية، سواء في الميدان أم في صفوف المغتربين واللاجئين، خاضعة بالكامل للقوى الخارجية. مضيفا “شعلة الثورة تراجعت، وهذا بحدّ ذاته انتصار للأسد”.
  • رغم ذلك لا زالت جذوة الثورة مشتعلة في نفوس السوريين، نظرا لبقاء نفس الأسباب التي خرجوا من أجلها أول مرة. فقبل أيام من ذكرى انطلاق الثورة السورية، خرج المئات من أهالي درعا في مظاهرة هي الأولى من نوعها منذ سيطرة النظام على محافظتي درعا والقنيطرة إثر اتفاق المصالحة بين روسيا والمعارضة في يوليو/تموز 2018، ونددوا بإعادة النظام نصب تمثال لرئيسه الراحل حافظ الأسد.

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات