فلسطينيون في خان يونس يُعيدون فتح المقابر المؤقتة لإعادة دفن شهدائهم

سارع مئات الفلسطينيين في خان يونس جنوبي قطاع غزة، بمجرد أن هدأت وتيرة القصف على المدينة بعض الشيء، إلى فتح القبور المؤقتة التي تضم رفات ذويهم وأحبتهم لنقلها للمقابر الأساسية، في مشهد آخر من مشاهد الحزن والوداع التي تتوالى منذ بداية الحرب.

فمع توغل جيش الاحتلال في المنطقة قبل أشهر مُنع الأهالي من دفن الشهداء، وفق المراسم المعتادة، ما اضطرهم للقيام بذلك، في الأماكن المتاحة كالأراضي الزراعية والساحات وحتى الشوارع والأسواق.

وقد قرر أحد المواطنين من عائلة “أبو دقة” التبرع بأرضه الزراعية لإنشاء مقبرة مؤقتة لدفن الشهداء، الذين لم تتمكن طواقم الإسعاف والدفاع المدني من انتشالهم أو الوصول إلى جثامينهم بسبب شدة القصف.

ومع انسحاب قوات الاحتلال من خان يونس، بدأ المواطنون بالعودة الحذرة للبحث عن جثث أبنائهم كي يعيدوا دفنها مجدداً في المقابر العائلية أو الرئيسية.

الاحتلال الإسرائيلي ينبش القبور في الحي النمساوي بمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة
الاحتلال الإسرائيلي ينبش القبور في الحي النمساوي بمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة (الجزيرة)

وفي حديثه للجزيرة مباشر قال إبراهيم بهجت – أحد المتطوعين بالمقبرة المؤقتة: “هذه المقبرة تضم أكثر من 1200 شهيد من مختلف مناطق خان يونس”.

وأضاف بهجت: “قمت بنفسي بدفن غالبية الشهداء، كنت أخاطر بروحي لانتزاع جثثهم من الشوارع حيث كانت طعاماً للحيوانات وكانت المشاهد قاسية وصعبة”.

وتابع المواطن الفلسطيني باكياً: “شُفت شوفات ماحدا بيعلم فيها إلا ربنا، شهداء كانت طعاما للحيوانات المفترسة مش حرام أظل سايبها؟”

وأشار بهجت في معرض حديثه إلى أنه قام بدفن عشرات الشهداء مجهولي الهوية، ووجه نداءه لأهالي المنطقة ممن فقدوا أبناءهم خلال التوغل الإسرائيلي فيها، طالبا منهم التواصل معه لعله يتمكن من مساعدتهم في العثور على الرفات.

من جانبه، ذكر أحمد كامل شهادته : “عدنا لخان يونس لنطمئن على موتانا فلم نجدهم لأن الاحتلال قام بتجريف القبور التي يعود عمرها لعشرات السنين”.

وأردف كامل ” هذه الحرب المستعرة على القطاع اغتالت الأحياء والأموات على حد سواء.”

وروت سعاد أبو سلوت باكية أنها جاءت للمقبرة لنقل جثمان إبنها إلى المقبرة الرئيسية، مشيرة إلى أنه ” راح يشتري ملابس العيد لإخوته الصغار، لكنه ذهب ولم يعد”.

واسترسلت أبو سلوت قائلة: “بسبب شدة القصف لم نكن نستطيع الخروج للبحث عنه، ولم نكن سنعرف مكانه إلا بعد انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي”.

ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول لجأ الناس في جميع محافظات غزة لإنشاء مقابر جماعية وفردية عشوائية، في الأحياء السكنية وأفنية المنازل والطرقات وصالات الأفراح والملاعب الرياضية، نظرا لاستحالة الوصول لمقابر القطاع؛ بسبب ظروف الحرب وانتشار جيش الاحتلال في الطرقات، فضلا عن عمليات استهدافه المتكررة للمواطنين.

وكان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان قد وثق في وقت سابق مطلع العام الجاري أكثر من 120 مقبرة جماعية عشوائية بمختلف محافظات القطاع لدفن الشهداء الذين سقطوا خلال هذه الحرب.

المصدر : الجزيرة مباشر