“مزاج” المصريين في خطر.. أسعار السجائر تكتم الأنفاس

المصريون يستهلكون قرابة 7.5 مليار سيجارة شهريًا

أعقاب سجائر مجمعة في أحد شوارع مدينة كان الفرنسية (رويترز)

“التدخين ضار جدًّا بالصحة.. التدخين يؤدي إلى الوفاة”، عبارة أثارت ولا تزال تثير سخرية قطاعات واسعة من مدخني السجائر في مصر الذين يستهلكون قرابة 7.5 مليارات سيجارة شهريًّا.

أما جمعة أبو حطب -وهو سائق ميكروباص بوسط القاهرة- فتجاوز ذلك إلى القول إن “التدخين ضار جدًّا بالجيوب ويؤدي لخراب البيوت”.

يقول أبو حطب للجزيرة مباشر إن “رفع الأسعار عكّر مزاج المصريين وضاعف الشعور بالغضب”، موضحا أنه أصبح يضطر إلى شراء 5 سجائر فقط بعد أن كان يشتري عبوة كاملة، ويضيف ساخرا “الأسعار كتمت الأنفاس بأن أصبح للتدخين سوق سوداء”.

ويعترف سيد حسني -وهو صاحب منفذ بيع بميدان الجيزة- بأنه يبيع بزيادة 50% تقريبا على الأسعار الرسمية، ويقول “هذا شيء معتاد مع نقص السلعة وتكرار الزيادة التي أصبحت كل شهرين تقريبًا”. وفي مواجهة اتهام بالاستغلال يؤكد حسني تراجع المبيعات قائلًا “إحنا هنبطل نشتغل بسبب الغلاء”.

ارتفاع أسعار السجائر

وبدأ تطبيق الزيادة اعتبارا من الأحد 14 إبريل/نيسان بعد أن منحت الحكومة عبر مصلحة الضرائب الشركات الضوء الأخضر لرفع الأسعار وزيادة الحد الأقصى لكافة الشرائح 12%.

كما ارتفعت بالفعل أسعار 11 نوعًا من السجائر الشعبية التي تنتجها شركة الشرقية للدخان (إيسترن كومباني)، التي تمتلك حصة سوقية تقدر بـ70% من السوق في مصر، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بنسب تراوحت بين 12.5% و33%. وفي فبراير/شباط الماضي، قررت الشركة مرة أخرى رفع الأسعار بـ10%.

ونقلت الصحف المحلية عن هاني أمان، الرئيس التنفيذي للشركة الشرقية للدخان أن الفترة الماضية شهدت نقص المعروض نتيجة شحّ المواد الخام وندرة الدولار.

وحسب تقديرات الشركة فإن المصريين يستهلكون حوالي 7.5 مليارات سيجارة شهريًّا بمعدل 95 مليار سيجارة سنويًّا.

وتكشف بيانات الشركة المقدمة للبورصة عن زيادة إيراداتها لتتجاوز 55 مليار جنيه، في حين ارتفعت فاتورة إنفاق المصريين على الدخان ومنتجاته من السجائر والمعسل إلى أكثر من 60 مليار جنيه في أول 9 أشهر من العام المالي الحالي، وهو ما يغري الحكومة بزيادة الحصيلة الضريبية.

ويكشف آخر رصد للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في عام 2022 أن مصر بها نحو 18 مليون مدخن يمثلون حوالي 17% من إجمالي السكان فوق 15 سنة، ويقدر متوسط نصيب الأسرة المصرية من الإنفاق السنوي على التدخين بنحو 2665.4 جنيها مصريا (الدولار يعادل نحو 47 جنيها مصريا) وهو ما يمثّل حسب بيانات مسح الدخل والإنفاق والاستهلاك الصادرة عن الجهاز نحو 14% من جملة ما ينفقه المصريون على الطعام والشراب.

تعكير مزاج المصريين

ورغم التحذيرات الصحية، يربط مراقبون معدل الاستهلاك بظروف اقتصادية واجتماعية.

وفي هذا السياق يشير سيد بركات، الطبيب بمعهد القلب القومي، إلى أن المدخن يعاني من اضطرابات نفسية أو ما يسمى بتعكر المزاج مع الاضطرار إلى خفض كمية النيكوتين في أوقات ارتفاع الأسعار موضحا أنه يحدث تباطؤ في ضربات القلب مع ارتباك ضغط الدم في البداية.

ويضيف “كلما دخنت أكثر يزداد النيكوتين الذي تحتاجه للشعور بالراحة حتى يصبح هذا الوباء جزءا من الروتين اليومي ويسيطر على السلوك”. كما يشير بركات إلى تقديرات منظمة الصحة العالمية بأن حوالي 6 من كل 100 شخص فقط لديهم فرصة للإقلاع عن التدخين بنجاح.

وتقول شعبة الدخان إن زيادات الأسعار يذهب نصفها إلى خزينة الدولة التي انتعشت مؤخرا بنسبة 50%.

بدوره، يعتبر عضو لجنة الموازنة بمجلس النواب أحمد ناجي أن زيادات الأسعار مبررة، ويقول للجزيرة مباشر إن الحصيلة الضريبية خلال العام المالي الحالي ستزيد بنسبة كبيرة لأنها تمثل 70% من سعر التجزئة. كما يعتبر أن زيادة الأسعار تمثل فرصة للإقلاع عن التدخين.

وتعليقا على ذلك يرى الباحث الاقتصادي بالأهرام محمد إبراهيم علاقة وثيقة بين أزمتي التبغ والاقتصاد، معتبرًا أن خزينة الحكومة الخاوية تدفعها إلى التحرك بعنف لفرض مزيد من الرسوم.

ويقول للجزيرة مباشر إنه طبقا للموازنة العامة لعام 2023/ 2024، من المتوقع أن تتضاعف عوائد الضرائب على السجائر والتبغ فضلًا عن المتحصلات الجمركية. كما يشير إلى أن مصر تستورد سنويًّا 130 ألف طن من التبغ والدخان بقيمة إجمالية تصل إلى 700 مليون دولار، وهو ما تسبب في ارتفاع تكاليف الإنتاج إضافة إلى تحرير الجنيه أمام الدولار.

وربط الباحث فوضى التسعير برفع سعر صرف الدولار إلى مستوى 47 جنيها في البنوك بدلًا من 31 جنيهًا.

وطالب علي جمعة، رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب بمضاعفة الضرائب قائلا خلال مناقشات برلمانية “أود أن تتضاعف الزيادة الضريبية على السجائر والتبغ مرات ومرات، لأن الدخان هو من بلاء العصر”.

المصدر : الجزيرة مباشر