“نشرب من المرحاض”.. الغارديان تكشف ما يحدث للمهاجرين بمقار الاحتجاز السعودية

ضابط سعودي يقف أمام مجموعة من المهاجرين غير الشرعيين في الرياض
ضابط سعودي يقف أمام مجموعة من المهاجرين غير الشرعيين في الرياض

كشفت صحيفة “الغارديان” البريطانية عن أوضاع إنسانية مزرية داخل أماكن احتجاز المهاجرين غير الشرعيين بالسعودية وذلك على لسان عدد من هؤلاء المهاجرين أنفسهم.

وبانتظام، تقوم السلطات السعودية باعتقال من يتبين أنهم يعملون بشكل غير قانوني داخل المملكة من غير الحاصلين على تأشيرة عمل تمهيدًا لترحيلهم.

كثير من هؤلاء يُحتجزون داخل مركز الشميسي للإيواء، وهو مجمع ضخم مصمم لاستيعاب 32 ألف نزيل، وله أربعة أجنحة رمادية للنزلاء الذكور واثنان للإناث وواحد للأطفال. 

ويُحتجز المعتقلون داخله في مجموعة مزدحمة من القاعات المملوءة بأسرة ذات طابقين، تتسع كل قاعة منها لنحو 80 شخصًا.

وذكر عدد من المحتجزين الذين أجرت صحيفة الغارديان مقابلات معهم، أن السلطات السعودية تصادر الهواتف الذكية من المهاجرين عند وصولهم إلى المركز، مما منعهم من توثيق ظروف احتجازهم داخلها.

ومن بين هؤلاء المحتجزين الذين ينتظرون ترحيلهم رجل صومالي يبلغ من العمر 40 عاما (أسمته الصحيفة إبراهيم) تم اعتقاله بعد أسبوع واحد فقط من عمله في سوق جدة برفقة آخرين غيره.

وقال هذا الرجل أثناء مقابلة معه أجرتها الصحيفة من خلال مترجم “نحن محتجزون في السجن كالحيوانات: ننام على أسرة معدنية دون فرش ولا يوجد صرف صحي مناسب، ونشرب الماء من المرحاض”. 

وأضاف “إذا كان لديك مال يمكنك شراء مياه نظيفة، أما إذا لم يكن لديك، فعليك أن تشرب المياه القذرة من المرحاض”.

وجلبت جائحة كورونا معاناة إضافية لهؤلاء المعتقلين، فهم يخشون من التقاط الفيروس بسبب ظروفهم المعيشية الصعبة وغير الصحية. 

محتجزون في مركز الشميسي بجدة (الغارديان)

 

ويقول إبراهيم إن بعض الأشخاص في غرفته مريضون، ولكن لا توجد طريقة لمعرفة إن كانوا مصابين بالفيروس أم لا لأنهم لا يحصلون على الرعاية الصحية اللازمة.

 ويضيف زميله، تاهيل، 30 عاما “هناك مرضى يعانون من الحمى والتقيؤ والسعال، ولا أحد يعتني بهم. من المحتمل أن يكون لديهم كوفيد-19 لكن المستشفى هنا مغلق”.

وفي أبريل /نيسان الماضي وجهت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية نداء للدول الخليجية بالعمل على إيجاد بدائل لاحتجاز المرحلين خلال وباء كوفيد-19 نظرا لخطورة انتقال العدوى داخل المؤسسات المزدحمة.

وفي السعودية، لا يدري المعتقلون في أغلب الأحيان المدة التي سيُحتجزون فيها داخل أماكن الاحتجاز، أو حتى ماهية التهم الموجهة إليهم.

ونقلت الصحيفة عن آدم كوغل نائب مدير الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش قوله “رغم الاكتظاظ الرهيب، والظروف غير الصحية ، والافتقار إلى الرعاية الصحية الكافية، والاعتداء الجسدي في مراكز احتجاز المهاجرين بالمملكة العربية السعودية، فإن المملكة لم تفعل سوى القليل لتحسينها أو اتخاذ خطوات لمعاملة المحتجزين بكرامة”.

وأضاف “في الوقت الذي تتزايد فيه أخطار كوفيد-19، على السعودية أن تبتعد عن الإفراج المحدود عن المعتقلين، وأن تتخذ خطوات حقيقية لإصلاح مراكز الاعتقال، وتعيد التفكير في سياسة الترحيل الجماعي”.

واعتقل “تاهيل”، وهو صومالي أيضا، لكونه لا يحمل وثائق رسمية، أثناء عمله راعيا للجمال، وتمت مصادرة أجره، ولا يعرف إن كانت ستعاد إليه أمواله أم لا.

وذكر تاهيل أنهم لا يتلقون ما يكفي من الغذاء موضحا “لدينا خبز وقليل من الأرز. أرز جاف وبدون بروتين. الطعام الذي يقدمونه رديء، ولا يوجد ليمون ولا خضروات”.

وقال إبراهيم وتاهيل إنهما عندما تم القبض عليهما، طلبت الشرطة رشاوى، وقيل لهما إنه سيتم إطلاق سراحهما إذا دفعا. وأضاف إبراهيم “إذا كان لديك مال وأعطيت الرشوة، فلن يأخذك أحد إلى السجن”.

وقال الرجلان إنهما سافرا إلى السعودية للفرار من تفجيرات حركة شباب المجاهدين وغيرها من الهجمات الإرهابية في الصومال، وسعيا لحياة أفضل.

ووفقًا للأمم المتحدة، فإن أكثر من138 ألف مهاجر من شرق أفريقيا يقومون برحلة خطرة عبر خليج عدن إلى اليمن كل عام، مما يجعلها أكثر مسارات الهجرة البحرية ازدحامًا على وجه الأرض.

وأولئك الذين ينجون من الرحلة يواصلون طريقهم شمالًا، على أمل الوصول إلى المملكة العربية السعودية الغنية بالنفط للعثور على عمل. 

غير أن معظم هؤلاء لا يدركون الخطر الذي يواجهونه، فاليمن في خضم حرب، كما أن منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة تحذر من أن العمال المهاجرين يواجهون الاختطاف والتعذيب مقابل فدية والاستغلال والاتجار.

وبمجرد حصولهم على عمل في المملكة، يواجه أولئك الذين ليس لديهم تأشيرات خطر الاعتقال طوال الوقت.

وعاشت فوزية، 51 عاما، في جدة بشكل غير قانوني من 1990 إلى 2018، عندما تم ترحيلها إلى الصومال.

وخلال فترة وجودها هناك عملت خادمة عائلية، وأنجبت خمسة أطفال في المنزل دون الحصول على رعاية صحية، وُولد أطفالها بلا وثائق، وكبروا وهم يختبئون في المنزل، ولا يستطيعون الذهاب إلى المدرسة.

وقالت فوزية في رسالة عبر تطبيق الواتساب “كنا محظوظين لبقائنا طويلا دون أن يتم القبض علينا، وكنا نختبئ في كل مرة تأتي فيها السلطات إلى الحي بحثًا عن مهاجرين غير شرعيين. وفي أحد المرات هربنا من منزلنا ليلا بسبب الخوف”.

وقبل عامين، عندما بدأت الحكومة السعودية في ملاحقة المهاجرين غير الشرعيين، قررت فوزية تسليم نفسها وعائلتها للترحيل، خوفًا من اعتبارهم مجرمين.

ودفعت فوزية رشوة كي تتجنب قضاء فترة طويلة في الاحتجاز، وتم ترحيلهم إلى مقديشو بعد ذلك بأسبوع.

وقالت “عليك أن تدفع رشوة إذا أردت العودة إلى الصومال بسلام. قيل لي ألا أخبر أحداً بذلك. طلبت الشرطة 500 دولار، لكنهم وافقوا على 125 دولاراً مقابل الترحيل الآمن والسهل”.

ولم يستجب مركز الاتصالات الدولية التابع للحكومة السعودية لطلب صحيفة الغارديان للتعليق.

المصدر : الغارديان