ما سر تقرب الإمارات من حزب الإصلاح “إخوان اليمن”؟

ابن زايد مع رئيس حزب الإصلاح محمد اليدومي والأمين العام للحزب عبد الوهاب الآنسي

في مشهد غير مألوف- ربما كان مؤشرا على إعادة تشكيل خارطة التحالفات السياسية في اليمن- ظهر رئيس حزب الإصلاح محمد اليدومي والأمين العام للحزب عبد الوهاب الآنسي برفقة ولي عهد أبو ظبي.

فقد استقبل ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، في العاصمة الإماراتية يوم الأربعاء الماضي رئيس حزب الإصلاح اليمني “محمد اليدومي” والأمين العام للحزب “عبد الوهاب الآنسي.

صداقة بعد عداوة.. وزيارة بعد توتر:

جاء في تحليل (للأناضول) أن بعض المراقبين، ربما بالغوا في وصف اللقاء بالحدث السياسي الأبرز في 2018 كونه جرى عقب علاقة توتر بين الطرفين، وصلت إلى تهم متبادلة وحرب إعلامية.

  • بلغت حالة العداء ذروتها الشهر الماضي، مع نشر موقع (بَزفيد نيوز(  الأمريكي، تحقيقاً يكشف استقدام الإمارات مرتزقة أجانب لتنفيذ اغتيالات في مدينة عدن، العاصمة المؤقتة، جنوبي اليمن، ومن بين المستهدفين قيادات بارزة في حزب الإصلاح.
  • لم يكد يمر شهر واحد على نشر التحقيق الذي توعّد على إثره موالون لحزب الإصلاح بمقاضاة الإمارات، حتى جاء “اللقاء الودي” في أبو ظبي، والذي طوى على ما يبدو ملف التحقيق، وسط تأكيد الطرفين على نتائج اللقاء الأول.
  • سبق أن اجتمع الطرفان لأول مرة منذ حرب اليمن التي اندلعت في مارس/آذار 2015، في الرياض، بحضور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي، عقب مقتل الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، على يد الحوثيين.
  • وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، قال حينها ، إن اللقاء أكد على “توحيد الجهود لهزيمة إيران والحوثيين وإن الإصلاح أعلن “فك ارتباطه بجماعة الإخوان المسلمين، وأمامنا فرصة لاختبار النوايا”.
  • ما حدث بعد ذلك مثّل انتكاسة لعلاقة الطرفين، إذ تفجرت الأحداث في مدينة عدن أواخر يناير/كانون الثاني المنصرم، واصطف موقف الإصلاح الذي يُعد أحد أكبر الأحزاب في اليمن، إلى جانب القوت الموالية لحكومة الرئيس عبدربه منصور هادي، في القتال ضد القوات الموالية للإمارات.
  • وشن إعلام الإصلاح ونشطاؤه هجوماً على الإمارات التي أنزلت قوات لها بجزيرة سقطرى جنوبي اليمن في مايو/آيار الماضي، وفي سبتمبر/أيلول من العام الجاري ظهر مسؤول إماراتي في مقطع فيديو يحرّض أطفال الجزيرة للهتاف ضد الحزب.
ابن زايد وزعماء الإصلاح.. لقاء “المضطرين”:
محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي خلال لقائه رئيس حزب الإصلاح اليمني
  • مراقبون اعتبروا أن حسابات الربح والخسارة، وموازين القوى المحلية والإقليمية، علاوة على تطورات الوضع في اليمن مع تصاعد الضغط الدولي على التحالف العربي لإنهاء حرب اليمن، جعل المصالح المشتركة لكل من الإمارات والإصلاح تطفو على السطح.
  • وفق وكالة الأنباء الإماراتية، فإن ابن زايد أكد خلال اللقاء “حرص الإمارات على دعم كل الجهود المبذولة لمساعدة الشعب اليمني” فيما أعرب اليدومي والآنسي عن شكرهما ” للدور الإماراتي والسعودي في الوقوف ضد المليشيات الانقلابية ومساعدة اليمن على استعادة أمنه واستقراره، ليبدأ مرحلة جديدة من البناء والتنمية”.
  • في تصريح للأناضول، قال رئيس الدائرة الإعلامية لحزب (الإصلاح) عدنان العديني” إن زيارة قيادة الإصلاح لأبو ظبي جاءت تلبية لدعوة من الإمارات، ضمن مساعي تقوية التحالف العربي لمواجهة التحديات التي تواجه المنطقة”.
  • وحول الملفات التي بحثها الطرفان في أبو ظبي، تحفّظ العديني عن ذكر تفاصيل، مكتفياً بالقول إن الطرفين بحثا الملف الأهم، وهو ملف دعم الحكومة الشرعية في اليمن.
  • كان العديني قد ظهر يوم لقاء قادة الإصلاح بولي عهد أبو ظبي على قناة (العربية الحدث) في تطور لافت آخر، متهما قطر بدعم الحوثيين.
  • غالباً، ما اتهم حزب الإصلاح خصومه بتلقي الدعم من قطر، وبدت علاقته مع الدوحة في السابق أكثر انسجاماً.
  • تأسس حزب الإصلاح عقب الوحدة بين شطري البلاد في 13 سبتمبر / أيلول 1990، بصفته تجمعاً سياسياً ذا خلفية إسلامية وامتدادا لفكر جماعة الإخوان المسلمين.
  • بعد يوم من اللقاء، وصل وزير الخارجية اليمني خالد اليماني إلى أبو ظبي والتقى بنظيره الإماراتي عبد الله بن زايد.
مقتل خاشقجي…أم براغماتية الحزب؟

  • حسب متابعين للشأن اليمني، يمثل التقارب بين الجانبين، تطورا مهما، بعد التوتر الذي تصاعد مع الاغتيالات التي استهدفت قيادة حزب الإصلاح، وما كشفه عقب ذلك تحقيق بَزفيد نيوز من تورط الإمارات.
  • غير أن بعض المراقبين، يعتقدون، أن التفاهمات لن تمثل جديداً، خصوصاً أن السياسة الإماراتية تقوم على العداء لكل ما له علاقة بالإسلام السياسي، وفي اليمن تعتبر أبو ظبي حزب الإصلاح حركة “إرهابية “بحكم ارتباطه بجماعة الإخوان المسلمين.
  • هناك ترقب، لما سيتمخض عنه لقاء أبو ظبي خلال الأيام القادمة، إذ أن نجاحه مرهون بما سيتحقق على الأرض:” كما يرى الصحفي والباحث السياسي اليمني نبيل البكيري الذي يترأس المنتدى العربي للدراسات بصنعاء.
  • على الجانب الآخر، يرى أستاذ الاتصال بجامعة صنعاء أمين سلطان، أن حزب الإصلاح بتركيبته المتنوعة، لديه “ميول براغماتية” مضيفا أن اللقاء حمل تسوية ما للطرفين، لكن ما بينهما من عداء لن يُردم بسهولة.
  • وحول دلالات التوقيت، يرى سلطان أن، اللقاء كان بإيعاز سعودي، خصوصاً بعد التطورات الأخيرة المتعلقة بقضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، والضغوط القوية لإنهاء حرب اليمن، فالسعودية تريد أن تخفف حالة الاحتقان في المنطقة.
  • ويقول سلطان “اللقاء باعتقادي هو تأهيل حزب الإصلاح لتغييرات كبيرة في اليمن تتعلق بوقف الحرب، وإعادة تموضع وتموقع القوى اليمنية، وإعادة هيكلة ميدانية وسياسية وعسكرية وأمنية، وعلى كافة المستويات”.
  • يستند سلطان في تحليله، إلى تزامن زيارة قيادة الإصلاح إلى أبو ظبي مع زيارة وزير الخارجية البريطاني جيرمي هنت، الذي عقد جولة بالمنطقة، وخرج بتعهد من جميع الأطراف لوقف الحرب والتوصل إلى سلام في اليمن.
المصدر : الأناضول + الجزيرة مباشر