“مالكوم إكس”.. الموت ثمنا للحرية

قبل 52 عاماً، شهدت مدينة نيويورك الأمريكية، اغتيال “مالكوم إكس” الذي كان يلقي خطاباً أمام المئات، بينهم زوجته وبناته الأربع.

تسببت الرصاصات الست عشرة، التي اخترقت صدر مالكوم إكس، أو “الحاج مالك الشباز”، بوفاته على الفور، وبتخليد ذكراه بين المسلمين وأنصار الحرية والمساواة في الولايات المتحدة الأمريكية، وحول العالم.

ولد مالكوم في مايو/ أيار عام 1925، للقسيس المعمداني، والناشط القومي الزنجي، إيرل ليتل، في ولاية نبراسكا (وسط)، حيث كان والده يحرص على اصطحابه إلى الكنيسة، وإلى لقاءات “الجمعية العالمية لتقدم الزنوج”، التي كانت أكبر منظمة قومية للزنوج في البلاد آنذاك.

شهد في مطلع حياته العديد من المآسي جراء ممارسات البيض العنصريين بحق عائلته، حيث قتل ثلاثة من أعمامه، واضطروا إلى الانتقال إلى ميشيغان (شمال)، إلا أنهم لم يسلموا من الأذى، حيث حرق منزلهم، قبل أن يقتل الوالد بصورة وحشية عام 1931.

لم تنته معاناة العائلة بمقتل والده، حيث لم تأخذ السلطات الأمريكية حقها من الجناة، وحرمت الأم من الإعانات الاجتماعية، حتى أصيبت بانهيار عصبي وأدخلت مصحة للأمراض العقلية عام 1938، وانتهى الحال بمالكوم إكس الفتى إلى ترك الدراسة وممارسة مختلف الأعمال لسد رمقه، حتى أودع السجن عام 1946، بجريمة السرقة.

وفي عام 1948، تحول إخوة مالكوم إلى الإسلام على يد “محمد إلايجا”، زعيم ما يعرف بـ”حركة أمة الإسلام”.

وبعد مساعٍ حثيثة من إخوته، تحول مالكوم إلى الإسلام، واستغل ما تبقى له من فترة السجن بالقراءة والتعلم وإجراء المناظرات، وذلك حتى خروجه من السجن عام 1952، عندما كان يبلغ 27 عاماً.

ومع خروجه، خرجت طاقة كبيرة كانت كامنة لدى مالكوم، أوصلته في فترة قصيرة إلى الشهرة على الساحة الإعلامية الأمريكية والعالمية، كما تصدر حركة أمة الإسلام، التي أصبح الرجل الثاني فيها، وينسب إليه الفضل في إدخال الآلاف من الأمريكيين السود إلى الإسلام، وإلى الحركة، أبرزهم الملاكم الأمريكي الأشهر، محمد علي كلاي.

وعام 1963، بدأت معالم الخلاف تظهر بين مالكوم إكس وزعيم الحركة “إلايجا”، دفعت الأخير إلى تجميد عضويته، الأمر الذي أتاح لمالكوم متنفساً لإجراء جولة في العالم الإسلامي، استهلها بالحج، مطلع عام 1964، حيث أدرك أن الإسلام لا يميز بين الأعراق، وأن لا فضل للعرق الأسود على الأبيض كما كان يعتقد.

والتقى مالكوم إكس في جولته العديد من القادة والعلماء العرب والمسلمين، وعاد إلى الولايات المتحدة بفكر جديد ودعوة جديدة، ، تساوي بين السود والبيض، وتدعوهم، على السواء، إلى الإسلام، الأمر الذي أثار نقمة “إلايجا” وأتباعه عليه، ودفعهم إلى محاولة قتله من خلال إضرام النار في منزله في 15 فبراير/شباط 1965، قبل أن يتمكنوا من اغتياله بعدها بستة أيام، ولم يتجاوز عمره 39 عاماً.

واشتهر عن مالكولم إكس، أو الحاج مالك الشباز، عبارته التي قالها في مقابلة صحفية قبل أسابيع معدودة من اغتياله، حين تلقى سؤالاً عن التهديدات بالقتل، التي يتلقاها من مختلف الجهات العنصرية، سواء من البيض أو السود، فقال: “إن ثمن الحرية هو الموت”.

وفي مثل هذا اليوم من كل عام، يستذكر الكثيرون في الولايات المتحدة وخارجها، من بيض وسود، مسلمين وغيرهم، ذكرى اغتيال مالكوم، الذي مثل نموذجاً متكاملاً للمعاناة من العنصرية، وللنضال في سبيل الحق والعدل والحرية والمساواة.

وهذا العام، يستذكر الكثيرون مالكوم إكس من خلال تداول أهم وأشهر مقولاته، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وإبرازه كأحد أهم الناشطين في الحد من العنصرية والاضطهاد بالولايات المتحدة، الأمر الذي أسهم في رفع مستوى التحضر والإنسانية فيها.

وتأتي الذكرى هذا العام في وقت يعود فيه الحديث عن التمييز العنصري والكره تجاه الآخر في الغرب عموماً، في الولايات المتحدة على وجه الخصوص.

المصدر : الأناضول