في تراجع عن أحكام الإعدام.. السعودية تسدل الستار على قتل خاشقجي

الكاتب السعودي الراحل جمال خاشقجي

أصدرت محكمة في الرياض، الإثنين، أحكاما نهائية في قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي قضت بسجن ثمانية مدانين لفترات تراوح بين 20 و7 سنوات، في تراجع عن أحكام سابقة بإعدام خمسة منهم.

وتشكل الأحكام محاولة لإسدال الستار على قضية شوّهت سمعة المملكة في الخارج وتسببت لها بإحراج كبير على الصعيد الدبلوماسي وبمقاطعة من قبل بعض الشركات والمؤسسات لفترة.

وجاءت الأحكام النهائية بعدما أعلن أبناء خاشقجي الذي قتل بأيدي سعوديين في قنصلية بلاده في إسطنبول في 2018 “العفو” عن قتلة والدهم في مايو/أيار الماضي، في خطوة سمحت بتفادي عقوبة الإعدام.

وأعلن متحدث باسم النيابة العامة “صدور أحكام نهائية تجاه المتهمين بمقتل المواطن “جمال بن أحمد بن حمزة خاشقجي” حسبما نقلت عنه وكالة الأنباء الحكومية “واس”.

وأكّد أن المحكمة الجزائية بالرياض “أصدرت أحكاماً بحق ثمانية أشخاص مدانين، اكتسبت الصفة القطعية. حيث قضت بالسجن 20 عاماً على خمسة من المدانين حيال كل فرد منهم، وثلاثة من المدانين بأحكام تقضي بالسجن لعشر سنوات لكل واحد منهم (مع إضافة) سبع سنوات لاثنين منهم”، أي من الثلاثة الأخيرين.

وصدرت في السابق أحكام أولية بإعدام خمسة وسجن ثلاثة في قضية أثارت إدانات دولية واسعة. ولم تعرف أسماء المتهمين رسميا، وجرت المحاكمة بعيدا من وسائل الإعلام.

وفي مايو/أيار الماضي أعلن أبناء خاشقجي بشكل مفاجئ “العفو” عن قتلة والدهم.

ونشر صلاح خاشقجي، نجل جمال خاشقجي، في تغريدة على حسابه على “تويتر” آنذاك بيانا مقتضبا جاء فيه “نعلن نحن أبناء الشهيد جمال خاشقجي أننا عفونا عمن قتل والدنا”، مضيفا أنّ قرار العائلة يستند إلى آية قرآنية تشجّع على العفو.

صلاح خاشقجي خلال لقاء سابق مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان

وحسب المتحدث باسم النيابة العامة، صدرت الأحكام النهائية اليوم الإثنين بناء على “إنهاء الحق الخاص بالتنازل الشرعي لذوي القتيل”.

وأثارت القضية ردود فعل دولية مندّدة أضرّت بصورة المملكة وبولي العهد الشاب الأمير محمد بن سلمان بشكل كبير.

وتوصّلت وكالة الاستخبارات الأمريكية ومسؤولون أتراك إلى أن ّالأمير الشاب قام بإصدار الأمر بقتل خاشقجي، وهو ما نفته المملكة بشدّة.

انقضاء الدعوى

كان جمال خاشقجي، المقرّب من السلطات في المملكة قبل أن يتحوّل إلى معارض، ينشر مقالات في صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية تنتقد سياسات ولي العهد.

ولم يعثر على جثة خاشقجي التي جرى تقطيعها داخل القنصلية.

وتغيّرت الرواية السعودية الرسمية مرارا حيال القضية، فنفت في البداية مقتل الصحفي داخل قنصليّتها، ثم ذكرت أنه قتل من طريق الخطأ، إلى أن أقرّت بأن المتهمين وبينهم مسؤولون استخباريون رفيعو المستوى سافروا إلى تركيا بغرض اغتياله.

وبعد أكثر من عام على مقتل الصحفي، فاجأت السلطات المراقبين بإعلان تبرئة أحد كبار مساعدي ولي العهد هو نائب رئيس الاستخبارات السابق أحمد العسيري، إضافة إلى عدم توجيه اتهام للمستشار في الديوان الملكي سعود القحطاني.

والعسيري، أحد أبرز المسؤولين الذين تمّت محاكمتهم في القضية، غالبا ما كان يرافق ولي العهد في رحلاته الخارجية، وأفرج عنه “لعدم ثبوت إدانته في القضية بشقيها العام والخاص”.

كما أنّ النيابة العامة لم توجّه الاتهام إلى القحطاني، وهو من المقرّبين من ولي العهد وأحد أكثر المسؤولين إثارة للجدل في السنوات الأخيرة في المملكة، وذلك “لعدم وجود أي دليل ضده”.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2019، أفاد شهود بينهم مقرّرة الأمم المتحدة أنييس كالامار أن القتلة كانوا يتبادلون تعليقات ساخرة قبل قتل خاشقجي، منها “حتى الجزار لا يقطع اللحم على الأرض”، حسبما نقلت قناة “بي بي سي” البريطانية.

واستمعت المحامية البريطانية هيلينا كينيدي إلى تسجيل قدّمته السلطات التركية التي كانت تضع على ما يبدو، أجهزة تنصت في القنصلية، وصف فيه أحدهم خاشقجي بأنه “حيوان مخصص للتضحية”.

وفي تركيا، بدأت محكمة في إسطنبول في يوليو/تموز محاكمة غيابية لعشرين سعودياً بينهم العسيري والقحطاني، تتهمهم السلطات التركية بقتل وتقطيع أعضاء خاشقجي.

وكانت صحيفة “واشنطن بوست” ذكرت في أبريل/نيسان 2019 أن أبناء خاشقجي تسلّموا منازل بملايين الدولارات كتعويضات عن قتل والدهم، وأنهم يتقاضون شهريًا آلاف الدولارات من السلطات السعوديّة. وأشارت إلى أنّ تلك المنازل تقع في جدّة في غرب السعوديّة في مجمّع سكني واحد، وتبلغ قيمة كلّ منها أربعة ملايين دولار.

ونفت العائلة في حينه وجود أية تسوية مالية مع السلطات.

وبصدور الأحكام النهائية اليوم الإثنين “تنقضي الدعوى الجزائية بشقيها العام والخاص وفقا لنظام الإجراءات الجزائية” حسب المتحدث باسم النيابة العامة.

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات