شاهد: سورية ترتدي “الخوذة البيضاء” وتداوي المرضى والمصابين

اختارت أسماء كرمان أن تلعب دورا إنسانيا بالثورة السورية، ولم يمنعها أداء واجباتها تجاه أطفالها وعائلتها، من أن تكون من القلائل اللواتي انخرطن بمنظومة الدفاع المدني (الخوذ البيضاء).

ومنذ انطلاق الثورة السورية في مارس/آذار 2011، واندلاع الاحتجاجات المناهضة للنظام السوري، وقمع قوات الأمن للمتظاهرين، انخرطت كرمان (40 عامًا) في مهمة إسعاف المصابين وتضميد جراحهم، لما تحمله من خبرة في عملها الأساسي بصفتها معالجة فيزيائية، حيث كان يقصدها السكان المحليون عند وقوع مصابين، في ظل سيطرة النظام السوري على المستشفيات الوطنية والخاصة قبل إنشاء الميدانية.

وانضمت كرمان الملقبة بـ”أم فارس” إلى منظومة الدفاع المدني قبل نحو عامين، وتشارك كذلك في أنشطة جانبية تقيمها المنظومة؛ لا سيما تلك التي تعنى بالأطفال، فتلعب وتستمتع معهم، وتحاول أن تخرجهم من أجواء الحرب التي يعيشونها.

ولا تشعر “أم فارس”، وهي أم لثلاثة أطفال، باليأس أو التعب رغم مرور 7 سنوات على انشغالها بهذا العمل، فهي مصممة على المضي فيه باعتباره واجب إنساني قبل أن يكون عملًا.

ولا تكاد تنتهي من عملها صباحًا، في المستوصف (المركز) الطبي بمدينة داعل الخاضعة لسيطرة المعارضة شمال درعا جنوبي سوريا، حتى تباشر مهامها مع فرق الإنقاذ بالدفاع المدني، ومن ثم الانتقال إلى منزلها للاهتمام بأطفالها وتحضير الطعام لهم.

وقالت كرمان، إنها كانت تهتم بإنقاذ المصابين ومعالجتهم إبان المظاهرات المناهضة للنظام السوري، ومن ثم انتقلت إلى العمل في الدفاع المدني السوري مع فرق الإنقاذ، وهي المهنة التي كانت سابقًا حكرًا على الرجال.

وأوضحت أنها اعتمدت في عملها كمسعفة ومنقذة على جرأتها، وبذلك كسرت حاجزًا اجتماعيًا في العمل بمهنة الرجل، نظرًا لضرورة وجود عنصر نسائي في عمليات الإنقاذ، لأنه عادة ما يكون هناك نساء بين ضحايا القصف، ومن الصعب أن يدخل الرجال إليهن لحملهن وإسعافهن في أوضاعٍ غير معتادة.

ولفتت “أم فارس”، إلى أنها لم تهمل واجبها تجاه عائلتها رغم عملها المكثف في المستوصف، ومركز الدفاع المدني، فهي أم لثلاثة أبناء وتقوم بتحضير الطعام لهم وتنظيف المنزل والواجبات الأخرى، كما أنها لم تهمل علاقاتها الاجتماعية في مدينتها.

وشاركت السيدة في العديد من عمليات الإنقاذ لمصابين من تحت ركام القصف في مدينة داعل، وجولات توعية نظمها الدفاع المدني في أوقات سابقة بمدارس المدينة.

من جهته، قال أبو عبيدة، مدير مركز الدفاع المدني في مدينة داعل، إن مراكز الدفاع المدني بحاجة لوجود عنصر نسائي في صفوفها؛ وخاصة عند إجلاء المصابات من أماكن القصف، حيث يُسهّل وجود مسعفة عملية الإجلاء، ويعطي طابعًا إيجابيًا لدى السكان.

وأشار أبو عبيدة إلى أن الحوادث التي احتاجوا فيها لوجود امرأة كثيرة، حيث تشعر المصابة الأنثى بالأمان عندما ترى عنصرًا نسائيًا بين الطواقم التي جاءت لإنقاذها.

وتأسست “منظومة الدفاع المدني” (الخوذ البيضاء) في عام 2013، وضمت إلى صفوفها عددًا من النساء خلال الفترة الماضية.

غير أن عدد المسعفات في صفوفها بقي قليلًا جدًا، لاعتبارات أمنية تعود إلى شدة القصف على المناطق، وكذلك اعتبارات اجتماعية، حيث أن هذا العمل كان دائمًا حكرًا على الرجال.

ومنذ منتصف مارس 2011، تطالب المعارضة السورية بإنهاء أكثر من 45 عامًا من حكم عائلة (رئيس النظام) بشار الأسد، وإقامة دولة ديمقراطية يتم فيها تداول السلطة، غير أن النظام اعتمد الخيار العسكري لوقف الاحتجاجات؛ ما جز بالبلاد إلى دوامة عنف، ومعارك دموية بين قوات النظام والمعارضة.

المصدر : الأناضول