بعد إعلان حرب متبادل.. تعرف على تاريخ النزاع بين أذربيجان وأرمينيا

جنود أرمنيون في أحد مواقع المدفعية بإقليم ناغورني قره باغ

تسود منذ عقود ضغينة بين أرمينيا وأذربيجان، الدولتين بالاتحاد السوفيتي السابق الواقعتين في القوقاز، على خلفية نزاع حول الأراضي يتطور باستمرار لمواجهات دامية.

فيما يلي إضاءة على خلافات الجارين اللدودين بعد أن اندلعت اشتباكات عنيفة بينهما، اليوم الأحد.

ناغورني قره باغ

توجد منطقة “ناغورني قره باغ” في محور العلاقات المتوترة بين يريفان وباكو.
ألحقت السلطات السوفيتية هذا الجيب الذي تسكنه أغلبية أرمينية بأذربيجان عام 1921، لكنه أعلن استقلاله عام 1991 بدعم من أرمينيا.
تلى ذلك حرب أدت إلى مقتل 30 ألف شخص ونزوح مئات الآلاف. ورغم توقيع اتفاق وقف لإطلاق النار عام 1994 وقيام وساطة روسية أمريكية فرنسية تحت اسم “مجموعة مينسك”، لا تزال الاشتباكات المسلحة متواترة.    

وتحتل أرمينيا منذ عام 1992، نحو 20 بالمئة من الأراضي الأذرية، التي تضم إقليم “قره باغ” (يتكون من 5 محافظات) و5 محافظات أخرى غربي البلاد، إضافة إلى أجزاء واسعة من محافظتي “آغدام”، و”فضولي”.

وشهدت الاشتباكات الأخيرة، الأحد، اتهام أذربيجان والانفصاليين الأرمينيين بعضهم لبعض بإشعال القتال الذي أسفر عن سقوط ضحايا بينهم مدنيون. وتأتي المواجهة الأخيرة في أعقاب تصعيد على طول حدودهما، بعيدا عن  ناغورني قره باغ، في يوليو/ تموز الفائت، أودت بحياة 17 جنديًا من الجانبين.

وفي أبريل/نيسان 2016، جرت أكبر المعارك في المنطقة منذ سنوات، وقد أدت إلى مقتل 110 أشخاص.

ثورات واستبداد

شهدت أرمينيا التي صارت مسيحية منذ القرن الرابع، عدم استقرار سياسي واقتصادي بعد استقلالها عام 1991.

عرفت هذه الدولة الفقيرة وغير الساحلية عدة ثورات وعمليات قمع دموية، وعمليات اقتراع مطعون فيها، على خلفية نزوع عدة زعماء لممارسات سلطوية.

وأوصلت ثورة سلمية في ربيع 2018 رئيس الحكومة الحالي نيكول باشينيان إلى السلطة. أجرى هذا الأخير إصلاحات، لقيت ترحيبا واسعا، لإحلال الديموقراطية واجتثاث الفساد.

في المقابل، أذربيجان التي تقع على ضفاف بحر قزوين، تحكمها عائلة واحدة منذ 1993. أدار الضابط السابق في المخابرات السوفيتية حيدر علييف البلد بقبضة من حديد حتى أكتوبر/ تشرين الأول 2003، حين أورث السلطة إلى ابنه إلهام قبل بضعة أسابيع من وفاته.

وعلى غرار والده، لم يسمح إلهام علييف ببروز أية معارضة، وعيّن في 2017 زوجته مهريبان نائبة للرئيس.

روسيا وتركيا

وجعلت تركيا من أذربيجان والتي يتحدث شعبها لغة متفرعة من التركية، حليفها الأساسي في المنطقة، وهي صداقة يعززها العداء المشترك لأرمينيا. وتدعم أنقرة باكو في رغبتها في استعادة ناغورني-قره باغ وتصدر في شكل روتيني بيانات شديدة اللهجة تأييدا لهذا المسعى.

أما أرمينيا، فتكن ضغينة تجاه تركيا بسبب اتهام الإمبراطورية العثمانية بإبادة نحو مليون ونصف المليون أرميني خلال الحرب العالمية الأولى.    

في الأثناء، تبقى روسيا أكبر قوة إقليمية، وهي تقيم مع أرمينيا علاقات أوثق من علاقاتها مع أذربيجان، لكنها تبيع الأسلحة للطرفين.

وانضمت يريفان إلى أحلاف سياسية واقتصادية وعسكرية تهيمن عليها موسكو، أبرزها منظمة معاهدة الأمن الجماعي.

وتحتاج أرمينيا إلى الشقيقة الروسية الكبرى أكثر من عدوها الأكثر ثراء، والذي ضاعف إنفاقه العسكري.

بترول مقابل شتات

وتسعى أذربيجان إلى تحسين صورتها في العالم، خاصة في الغرب، لإزالة سمعتها كبلد سلطوي تسوده المحسوبية، وتستخدم في ذلك مواردها النفطية.

واستثمرت باكو في عقود الرعاية، خاصة في كرة القدم ولا سيما في بطولة أمم أوربا 2020 التي أجّلت بسبب فيروس كورونا المستجد. وستستقبل باكو مباريات من هذه البطولة، كما صارت تنظم منذ 2016 جائزة كبرى للفورمولا 1 .

ويسعى البلد أيضا إلى فرض نفسه في أوربا كبديل للمحروقات الروسية.

في المقابل، تملك أرمينيا شتاتا واسعا ومؤثرا يتكون من أحفاد اللاجئين، وتستغله في الترويج لنفسها.

ومن بين الشخصيات المشهورة المنحدرة من أصل أرميني نجمة تلفزيون الواقع كيم كارداشيان والمغني الراحل شارل أزنافور والمغنية والممثلة شير وبطل العالم في كرة القدم مع منتخب فرنسا يوري ديوركاييف، وغيرهم.

المصدر : الجزيرة مباشر + الفرنسية