المدن المصرية الجديدة.. الدولة سمسار والمواطن ضحية

القصر الرئاسي في مدينة العلمين الجديدة

تتسارع مخططات إنشاء مدن جديدة في مصر، مثل العاصمة الادارية ومدينة العلمين الجديدة.

لكن هذه المخططات تكشف عن تغيير في سياسة الدولة في إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة من استيعاب الزيادة السكانية، إلى بناء منازل للأثرياء لا يقدر غالبية الجمهور على الاقتراب من أسعارها.

وبعدما كانت الأنظمة التي حكمت مصر تركز في خططها على بناء الوحدات السكينة بأسعار معقولة تتراوح بين 100 و200 ألف جنيه، مع إمكانية سدادها بالتقسيط، بات نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي يشيد مساكن ومنتجعات فاخرة للأثرياء فقط، بعد أن تراوحت أسعارها بين 3 ملايين و15 مليون جنيه.

ويعود تغيير سياسة بناء المدن الجديدة في مصر لعدة أسباب أهمها: تناقص الإيرادات المالية للدولة، وتملك الجيش المصري لغالبية الأراضي ذات الموقع المميزة، ما حوّل بناء المدن من خدمة المواطن لتجارة النظام، ومصدر دخل له.

قراءة في التحول
  • ناقشت الكاتبتان ريتشل كيتون وميشيل بروفوست في كتابهما “بناء مدينة في أفريقيا”، الانقلاب الحاصل في بناء المدن الجديدة في مصر، والانحراف عن الرؤية الأولى لها خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي، عندما كان الهدف هو إنشاء مدن تمتص النمو السكاني المتسارع.
  •  الحكومة باعت أراض شاسعة لشركات التطوير العقاري في التسعينيات، لتتحول مشروعات المدن الإسكانية إلى “مقاطعات للأثرياء الهاربين من فوضى العاصمة، بينما كان مخططا أن تكون مدن في متناول جميع المواطنين.
  • 22 مدينة جديدة بنيت بالكامل أو جزئيا، يسكنها نحو 7 ملايين نسمة الآن، فيما تخطط هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لإنشاء 19 مدينة جديدة أخرى، برغم فشل برامج إنشاء المجتمعات العمرانية في تفتيت الزحام السكاني وفقا لمراقبين.
  • الحوافز الاقتصادية المقدمة للمواطنين خلال السبعينيات والثمانينيات للانتقال للعيش بالمدن الجديدة لم تكن كافية، وأبقت البنى التحتية ضعيفة، ووسائل الانتقال أضعف، ما شجع المصريين على عدم الانتقال للمدن الجديدة.
  • مدينة الشيخ زايد يسكنها نحو 330 ألف مواطن، وهو أقل من نصف الرقم المستهدف، بسبب أن أسعار الوحدات السكنية يفوق قدرة عموم المصريين على شرائها، في حين يعيش نحو 71% من سكان المدينة في إسكان فاخر، مقابل 15% فقط يعيشون في الإسكان المخصص لأصحاب الدخول المنخفضة.
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال تفقد أحد المشروعات في العاصمة الإدارية الجديدة
مدن الأثرياء رفعت أسعار السكن
  • تنتشر في المدن الجديدة على أطراف القاهرة عوالم منعزلة ومنفصلة عن الواقع المصري، عبارة عن منازل وفيلات تحيط بها الأسوار، يسكنها الأثرياء، يطلق عليها اسم “الكمباوندات”.
  • خبير العقارات حسام الدين حسن، يؤكد أن بيع الأراضي والعقارات في المدن الجديدة بأسعار فلكية، انعكس على الأسعار في كل أنحاء مصر، وأن نسبة الارتفاع بلغت 30% أو أكثر.
  • حسن: أسعار أراضي وشقق المدن الجديدة، سجلت قفزة كبيرة في الأشهر الأخيرة يصل إلى نحو 50% مقارنة بأسعار عام 2011.
  • تدفق الاستثمارات على العاصمة الإدارية الجديدة البالغ مساحتها نحو 700 كيلومتر، والتي تهدف إلى استيعاب 6.5 مليون نسمة، وانتقال الحكومة والرئاسة المرتقب لها أدى لارتفاع أسعار الأراضي والمساكن بها.
  • مصادر حكومية قالت لجريدة البورصة إن أسعار أراضي ووحدات مشروعات هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ارتفعت بنحو 15-20% خلال 2019.
  • خبير التخطيط العمراني “ديفيد سيمز” أبدى دهشته من أن “القليل من أراضي الدولة توجه لصالح الكتلة الأكبر من السكان، وتطوير تلك الأراضي لا يؤدي في النهاية سوى إلى إثراء قلة من المستثمرين”.
تصميم تخيلي للنهر الأخضر بقلب العاصمة الإدارية الجديدة عرضته الحكومة على وسائل الإعلام (مواقع التواصل)
أسعار السكن بالمدن الجديدة
  • حوالي 50% من المدن الجديدة المحيطة بالقاهرة باهظة الثمن، بخلاف الأسعار خارج المجتمعات المسوّرة.
  • أسعار الشقق في أبراج مدينة العلمين الجديدة، والتي تضاهي أبراج مدينة دبي، تبدأ من 3.7 مليون جنيه مصري، وسعر المتر في أبراج “نورث إيدج” للطوابق المرتفعة يبدأ من 40 ألف جنيه، أي أن سعر الوحدة يتراوح من 5 ملايين إلى 15 مليون جنيه (حوالي مليون دولار).
  • لا يقل سعر أية شقة صغيرة في العاصمة الإدارية عن مليوني جنيه، بينما يتراوح سعر الإسكان الفاخر من 5 ملايين إلى 7 ملايين جنيه، والفيلات تبدأ من 10 مليون فما فوق.
  • العاصمة الإدارية تعتمد في إيراداتها على بيع الأراضي المرفقة، والتي تقدر بنحو 200 مليار جنيه، حصيلة بيع 18 ألف فدان.
  • الخبير الاقتصادي عبد الخالق فاروق في كتابه “هل مصر بلد فقير حقاً”؟ يقول إن الإسراف في مثل تلك المشروعات تساهم فيما أسماه “إفقار المصريين”.
  • المهندس المعماري والناشط السياسي ممدوح حمزة، اعتبر العاصمة الإدارية الجديدة “مشروعاً استثمارياً عقارياً للأجانب” ولا يمت للعدالة الاجتماعية بصلة، ووصفها بأنها “مدينة مستوردة، لن تخدم مصلحة المواطن المصري، ومجرد تقليد أعمى لمدينة دبي”.
المصدر : الجزيرة مباشر