قسمة مال الزوجية في ميزان الشرع

تحدثنا في المقالين السابقين عن قضية المناصفة بين الزوجين على حسب الأعراف والقوانين الغربية، وناقشنا في المقال الأول توصيف المسألة والخلفية القانونية، وناقشنا في المقال الثاني قضية الكد والسعاية وتطبيقاتها وأدلتها ومدى موافقتها لقضية التنصيف بين الزوجين.

وفي هذا المقال سنناقش القضية في ضوء الشريعة، وقبل أن نذكر رأي الشرع في هذه القضية أود أن أقدم بعدة أمور:

١ـ أن الإسلام فصل بالنص الصريح بين مال الزوج ومال الزوجة، وجعل لكل واحد منهما ذمة مالية خاصة، قال تعالى: ﴿وَلَا تَتَمَنَّوْا ‌مَا ‌فَضَّلَ ‌اللَّهُ ‌بِهِ ‌بَعْضَكُمْ ‌عَلَى ‌بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ﴾([1])، ورد في تفسير الآية وفي سبب نزولها روايات منها ما رواه الإمام أحمد والترمذي عن مجاهد قال: قالت أم سلمة: يا رسول الله يغزو الرجال ولا نغزو، ولنا نصف الميراث، فأنزل الله تبارك وتعالى: ﴿وَلَا تَتَمَنَّوْا ‌مَا ‌فَضَّلَ ‌اللَّهُ ‌بِهِ ‌بَعْضَكُمْ ‌عَلَى ‌بَعْضٍ﴾([2]).

وقال قتادة: كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء ولا الصبيان، فلما ورثوا وجعل للذكر مثل حظ الأنثيين تمنى النساء أن لو جعل أنصباؤهن كأنصباء الرجال ([3]).

وقال الرجال: إنا لنرجو أن نفضل على النساء بحسناتنا في الآخرة كما فضلنا عليهن في الميراث فنزلت: ﴿وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ﴾.

والتمني المنهي عنه هنا: هو الذي يتضمن معنى الطمع فيما في يد الغير، والحسد له على ما أعطاه الله من مال أو جاه أو غير ذلك مما يجرى فيه التنافس بين الناس؛ وذلك لأن التمني بهذه الصورة يؤدي إلى شقاء النفس، وفساد الخلق والدين، ولأنه أشبه ما يكون بالاعتراض على قسمة الخالق العليم الخبير بأحوال خلقه وبشئون عباده([4]).

وقد خص القرآن النساء بمزيد عناية في مسألة الذمة المالية، وحذر الرجال من الجور عليها، قال تعالى: ﴿يأيها الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ ‌تَرِثُوا ‌النِّسَاءَ ‌كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ﴾([5])، وقال: ﴿وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ ‌قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾([6]).

وجمهور الفقهاء من الأحناف والشافعية والحنابلة يقولون بإطلاق يد المرأة في مالها، تفعل فيه ما تشاء، ولا تفتقر لإذن الرجل في ذلك، ولا يرد على هذا ظاهر بعض النصوص فهي إما ضعيفة وإما مؤولة.

٢- أن عقد الزواج يرتب مسؤوليات مالية واجتماعية على كلا الطرفين، وأن الزوجة تستحق النفقة الكاملة المقررة بالمعروف، وبحسب سعة الزوج، وبما يتناسب مع الأعراف الصحيحة والتقاليد الاجتماعية المقبولة شرعا، ولا تسقط هذه النفقة إلا بالنشوز، وذلك يقابله واجبات شرعية واجتماعية على الزوجة كالتمكين، والحبس على الزوج، ومراعاة العرف المعروف.

وأن هذا العقد بجزأيه الصريح والمتضمن هو الوثيقة الحاكمة بين الزوجين، وقد قال تعالى: ﴿يأيها الَّذِينَ آمَنُوا ‌أَوْفُوا ‌بِالْعُقُودِ﴾([7])، والقاعدة أن الأصل هو إعمال كلام المكلفين، فمن ألزم نفسه بشيء التزم به ما لم يكن مكرهًا.

٣- أنه يجوز للمرأة أن تعمل خارج البيت بإذن من الزوج وبموافقته، وأن خروج الزوجة للعمل لا يسقط نفقتها الواجبة على الزوج المقررة شرعًا، وفق الضوابط الشرعية، ما لم يتحقق في ذلك الخروج معنى النشوز المسقط للنفقة.

وليس للرجل أن يجبر زوجته على العمل والكسب؛ لا في عمل تشاركه فيه، ولا بعمل تنفرد به، بل هذا واجب عليه، ومع ذلك فتطوع الزوجة بالمشاركة في نفقات الأسرة أمر مندوب إليه شرعًا لما يترتب عليه من تحقيق معنى التعاون والتآزر والتآلف بين الزوجين.

كما يجوز أن يتم تفاهم الزوجين واتفاقهما الرضائي على مصير الراتب أو الأجر الذي تكسبه الزوجة، ويجوز للزوج أن يشترط على زوجته بمقابل موافقته على عملها.

٤- أن القاعدة العامة أن المؤمنين عند شروطهم؛ فيجوز للزوجة أن تشترط في عقد الزواج أن تعمل خارج البيت، أو أن تكمل دراستها، فإن رضي الزوج بذلك ألزم به، ويكون الاشتراط عند العقد صراحة لما رواه البخاري ومسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ»([8]). ولقول عمر في هذا الباب: “مقاطع الحقوق عند الشروط”([9]).

ويجوز للزوج أن يطلب من الزوجة ترك العمل بعد إذنه به إذا كان الترك في مصلحة الأسرة والأولاد.

ويجوز ربط الإذن للزوجة بالعمل خارج البيت مقابل الاشتراك في النفقات العامة للبيت، فإذا وقع الشرط وجب الوفاء.

٥- أن الأصل في المعاملات المالية التوثيق والضمان، قال تعالى: ﴿يأيها الَّذِينَ آمَنُوا ‌إِذَا ‌تَدَايَنْتُمْ ‌بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾([10])، وقال تعالى: ﴿‌وَإِنْ ‌كُنْتُمْ ‌عَلَى ‌سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾([11])، وقال: ﴿‌وَأَشْهِدُوا ‌إِذَا ‌تَبَايَعْتُمْ﴾([12]). وعلى هذا يجب أن تكون المساهمات المالية غير الواجبة في الحياة الزوجية، فمن تكفل بتكاليف حج زوجته، فقد أدى ما لا يجب عليه بمقتضى العقد، ومن ساعدت زوجها بمال أو سداد دين فقد أدت ما لا يجب عليها بمقتضى العقد، والأفضل أن يكون ذلك موثقًا.

٦- أوجب الشرع للمرأة حقوقًا مالية بسبب الزوجية؛ بعضها يقع مع الزوجية ومنها المهر والنفقة، وبعضها يقع مع الطلاق، ومنها نفقة العدة، ونفقة المتعة، وباقي المهر المسمى، وبعضها في حالة وفاة الزوج كباقي المهر المسمى، وحظها من الميراث ما بين الثمن والربع، ولا يقابل ذلك الحق المالي لصالح الرجل إلا حقه في الميراث، وحظه ما بين الربع والنصف.

وبالعودة إلى رأي الشرع في مسألة المناصفة المشار إليها، نجد أن كتب الفقه لم تعرض لها أصلًا؛ لأنها ليست داخلة في حق من الحقين؛ الحق المترتب على الزواج، والحق المترتب على الطلاق، وكلاهما مفصل في القرآن وفي السنة، مع عموم البلوى وانتشار الزواج والطلاق قديمًا وحديثًا، ولا يعقل أن يغفل الفقهاء عن حق عظيم مثل هذا، لا سيما أنهم قد تكلموا في حقوق أقل منه كأجرة الرضاعة مثلًا.

وكذا في الاجتهاد الحديث لا يوجد فقيه يعتد به قال بالمناصفة باعتبارها حقًّا مترتبًا على الطلاق، وغاية ما في الأمر دعاوى هنا وهناك ليس لها تأصيل شرعي، وإن كان لها بعض المسوغات الاجتماعية الناتجة عن تغير مفهوم العائلة والعائل.

والذي أراه هو الآتي:

١- أن مسألة المناصفة بين الزوجين بطريقتها الغربية لا يؤيدها دليل من الشرع أو العقل؛ فأما الشرع فقد نص صراحة على حقوق الزوجين في حالة الزواج وفي حالة الطلاق، ولم يذكر فيها تصريحًا ولا تلميحًا مسألة المناصفة، فمثلا في حال المرأة نجد أن الحقوق موضحة مرتبة:

ففي الصداق يقول الله تعالى: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ ‌صَدُقَاتِهِنَّ ‌نِحْلَةً﴾([13])، وفى النفقة يقول سبحانه: ﴿‌لِيُنْفِقْ ‌ذُو ‌سَعَةٍ ‌مِنْ ‌سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ﴾([14])، وفي السكن يقول تعالى: ﴿‌أَسْكِنُوهُنَّ ‌مِنْ ‌حَيْثُ ‌سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ﴾([15]). وفى حقها مقابل الإرضاع، يقول الله تعالى: ﴿‌فَإِنْ ‌أَرْضَعْنَ ‌لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾([16])، وفي حقها بعد الطلاق أن يرتب لها دخلًا ثابتًا فيقول في متعة المطلقة: ﴿‌وَلِلْمُطَلَّقَاتِ ‌مَتَاعٌ ‌بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾([17])، ولها إن كانت ذات ولد من المطلق، مقابل أجرة حضانتها لصغيرها ما نطلق عليه (نفقة الحضانة)، يقول تعالى: ﴿‌وَعَلَى ‌الْمَوْلُودِ ‌لَهُ ‌رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾([18])، ولها في حالة وفاة الزوج حظها من الميراث، قال تعالى: ﴿‌وَلَهُنَّ ‌الرُّبُعُ ‌مِمَّا ‌تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ﴾([19]).

وفي حالة الطلاق البائن اختلف الفقهاء في بعض تفاصيل الحقوق المترتبة، ولم يقل واحد منهم بحق المناصفة، فيجمع ابن قدامة جملة آراء الفقهاء فيقول: (وجملة الأمر أن الرجل إذا طلق امرأته طلاقًا بائنًا، فإما أن يكون ثلاثًا، أو بخلع، أو بانت بفسخ، وكانت حاملًا فلها النفقة والسكنى، بإجماع أهل العلم لقول الله تعالى: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾([20]).

وفي بعض أخبار فاطمة بنت قيس: «لَا نَفَقَةَ لَكِ إِلَّا أَنْ تَكُونِي حَامِلًا»([21]) ولأن الحمل ولده، فيلزمه الإنفاق عليه، ولا يمكنه النفقة عليه إلا بالإنفاق عليها، فوجب كما وجبت أجرة الرضاع.

وإن كانت حائلا -مقابل الحامل- فلا نفقة لها.

وفي السكنى روايتان: إحداهما: لها ذلك وهو قول عمر، وابنه، وابن مسعود، وعائشة، وفقهاء المدينة السبعة، ومالك، والشافعي للآية.

والرواية الثانية، لا سكنى لها، ولا نفقة، وهي ظاهر المذهب، وقول علي، وابن عباس، وجابر، وعطاء، وطاووس، والحسن، وعكرمة، وميمون بن مهران، وإسحاق، وأبي ثور، وداود.

وقال أكثر الفقهاء العراقيين: لها السكنى والنفقة. وبه قال ابن شبرمة، وابن أبي ليلى، والثوري، والحسن بن صالح، وأبو حنيفة وأصحابه، والبتي، والعنبري([22]).

فلم يذكر واحد من فقهاء الأمصار مسألة المناصفة.

أما من جهة العقل فهي -أي المناصفة- باب ينفر الناس من الزواج؛ إذ لا يحب أحد أن يشاركه أحد آخر فيما يملك، لا سيما إن كان قد حصل بتعب ونصب، لهذا نجد تأثير ذلك واضحًا في المجتمعات الغربية نفسها، إذ زهد الرجال في الزواج بصورته التقليدية الرسمية واستعاضوا عنه بصور أخرى ليس فيها هذا الإلزام، ففسدت المجتمعات وضعف مفهوم العائلة وانتشرت الفواحش.

٢ـ أن مسألة المناصفة تلغي مفهوم الذمة المالية وتجعل المال مالًا مشتركًا ما يؤثر على الواجبات الشرعية؛ وذلك أن الواجبات الشرعية منها ما هو بدني كالصلاة والصوم، ومنها ما هو مالي كالزكاة، ومنها ما هو مشترك كالحج والجهاد وغيرهما. وكل فرد من المسلمين مخاطب فردًا بهذه الواجبات، فلا تجب الزكاة على الزوج الفقير لغنى زوجته، وكذا الحج، ولا بد من وقوع نصاب معين للواجبات، فإذا اعتبرنا مال الزوجية مشتركًا مملوكًا للزوجين معًا لربما وجب الحج عليهما باجتماع المال، على حين أنه قد لا يتوجب بانفراد كل منها، ومثله مال الزكاة، فيصير كمال الشركة، والجمهور من الفقهاء من الأحناف والمالكية والحنابلة والشافعي في القديم أنه لا يجب على أحد الشريكين زكاة حتى يكون لكل واحد منهما نصاب بنفسه([23])، قال ابن قدامة: (إذا اختلطوا في غير السائمة كالذهب والفضة وعروض التجارة والزروع والثمار لم تؤثر خلطتهم شيئًا وكان حكمهم حكم المنفردين، وهذا قول أكثر أهل العلم)([24])، ومثل ذلك يقال في ذهب المرأة فلو انفردت به لوقع في زكاته خلاف الجمهور مع الأحناف، أما إن صار مالًا مشتركًا فقد وجبت فيه الزكاة باعتبار الذكورية عند الرجل، إذ لا يجوز في حقه سوى الكنز.

٣ـ أن حق المناصفة بمفهومه الغربي يجعل للرجل حقًّا في مال زوجته أيضًا، فيعطي الرجل نصف مال زوجته، فقط لقيام الزوجية، وهذا يناقض مبدأ الكفالة والنفقة الذي جاء به الإسلام، فالنفقة واجبة على الزوج وإن كانت الزوجة غنية، بل إن جمهرة من الفقهاء منهم المالكية والشافعية في الأظهر والحنابلة قالوا: إن للمرأة الحق في فسخ الزواج مع الاحتفاظ بحقوقها إذا أعسر الزوج([25])، واعتبروا أن الإعسار أولى بالفسخ من الجبّ والعنة، بل ذهب الجمهور أيضا من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن نفقة المرأة تنقلب دينًا في رقبة الزوج إذا حبسها عنها أو تأخرت لعلة، لأنها من باب المعاوضة، فتصير كباقي الديون([26]). فكيف يأخذ نصف مالها حين الطلاق، ولا يستثنى من ذلك إلا الخلع والطلاق على مال لأنه يكون بطلب المرأة.

٤ـ أن نظام القسمة المشار إليه يناقض مفهوم المسئولية الفردية وما يترتب عليها، لا سيما في باب الواجبات، فالمناصفة كما هي في المال المكتسب في أثناء الزوجية، تكون أيضًا في الديون المكتسبة، وقد يكون الدين ناتجًا عن رعونة من أحد الطرفين أو حاجة خاصة لا تعتبر من الضروريات أو الحاجيات كديون التعليم أو شراء سيارة أو ديون بطاقات الائتمان التي يمكن أن تكون قد استهلكت في سفر مباح أو غير مباح. والقاعدة في كل هذا أن: ﴿‌كُلُّ ‌نَفْسٍ ‌بِمَا ‌كَسَبَتْ ‌رَهِينَةٌ﴾([27])، وأن: ﴿‌لَهَا ‌مَا ‌كَسَبَتْ ‌وَعَلَيْهَا ‌مَا ‌اكْتَسَبَتْ﴾([28])، وأن كل امرئ معلق بدينه كما في حديث أبي هريرة وغيره([29]). فلا يجب أن يدفع امرؤ وجوبًا ثمن فعل غيره، قال تعالى: ﴿‌وَلَا ‌تَزِرُ ‌وَازِرَةٌ ‌وِزْرَ ‌أُخْرَى﴾([30])، حتى إنه لا يتوجب على الورثة سداد دين المتوفى من ميراثهم أو من أموالهم.

٥ـ أن منظومة القوانين الغربية التي يتكئ عليها بعض الناس في إظهار حق المناصفة، تخالف الشريعة والعرف في باب المواريث، ومن ذلك أنه في حالة وفاة أحد الزوجين وبقاء الآخر ينتقل المال جميعه إلى الطرف الحي، وإن كان له أب مسن وأم مسنة، فلا يرثان شيئًا، أو حتى لو كان له أولاد بالغون في نظر القانون، وإن كان له أولاد قصر فلا يعطون إلا شيئًا محددًا ويكون تحت وصاية الطرف الحي. وهذا لعمري إهدار كامل لباب المواريث المحدد والمنظم في القرآن نظامًا كاملًا ﴿‌فَرِيضَةً ‌مِنَ ‌اللَّهِ﴾([31]). فالمنظومة التي تدعي العدالة هي في حقيقتها منظومة ظالمة مضيعة للأكثرية من المستحقين، بل الأشد من ذلك أنها تدخل الولاية القضائية في المستحقين وتنزعها عن الأولاد البالغين، وعن الأبوين.

ومع ذلك يجب أن نعترف أنه في بعض حالات الطلاق التعسفي قد يقع الضرر الشديد على المرأة، وأنها قد تضيع لا سيما إن لم يكن لها ولد يقوم على أحوالها أو أخ أو أب، أو طالت بها الحياة طولا لا تستطيع معه السعي والكسب ولا عائل.

انتهى هذا المقال ويتبعه المقال الأخير في هذه السلسلة، وفيه نناقش الحلول التوفيقية المقترحة.

 

——————————————

 

(1) النساء: 32.

(2) أخرجه أحمد في مسنده (26736)، والترمذي في سننه (3022).

(3) أخرجه الطبري في تفسيره (6/430).

(4) التفسير الوسيط للدكتور سيد طنطاوي (3/131).

(5) النساء: 19.

(6) النساء: 20.

(7) المائدة: 1.

(8) أخرجه البخاري (2721)، ومسلم (2/1035) ح (63/1418).

(9) ذكره البخاري معلقًا قبل حديث (2721).

(10) البقرة: 282.

(11) البقرة: 283.

(12) البقرة: 282.

(13) النساء: 4.

(14) الطلاق: 7.

(15) الطلاق: 6.

(16) الطلاق: 6.

(17) البقرة: 241.

(18) البقرة: 233.

(19) النساء: 12.

(20) الطلاق: 6.

(21) هذا اللفظ أخرجه مسلم في صحيحه (2/ 1117) ح (41/ 1480). وأبو داود في سننه (2/287) ح(2290). والإمام أحمد في مسنده (27337).

(22) المغني لابن قدامة الحنبلي (11/402-403).

(23) انظر: الموسوعة الفقهية الكويتية (26/ 68).

(24) المغني لابن قدامة (4/ 64).

(25) انظر: الفقه على المذاهب الأربعة (4/148).

(26) انظر: الأم للشافعي (5/ 115)، وبدائع الصنائع (4/ 38)، والموسوعة الفقهية الكويتية (34/ 46).

(27) المدثر: 38.

(28) البقرة: 286.

(29) أخرجه الترمذي في سننه (1078) وابن ماجه في سننه (2413)، وأبو داود الطيالسي في مسنده (2512).

(30) الأنعام: 164.

(31) النساء: 11.