مع الحكيم يزاحم الاتجاه المعاكس

فيصل القاسم وأحمد صبحي

 

يواصل (مع الحكيم) رحلته، ويعود مجددا من “استوديو 2” داخل مقر شبكة الجزيرة الإعلامية، وهو الاستوديو نفسه الذي تُبث منه أهم البرامج في الشبكة.

فبرنامج (مع الحكيم) يزاحم الآن “الاتجاه المعاكس” في الاستوديو ذاته، وهو البرنامج الذي استمرت  نجاحاته على مدار سنوات من عمر الجزيرة، بنجاح متواصل للإعلامي اللامع الدكتور فيصل القاسم، ليس فقط “الاتجاه المعاكس” إنما سيتشارك (مع الحكيم) الاستوديو مع برنامج “فوق السلطة” للمبدع نزيه الأحدب الذي يواصل نجاحه بتقديم برنامج ساخر دون إسفاف أو إيحاءات خارجة، وهذه قيود تجعل السخرية صعبة على المعدّين والمذيع، فنجح الإعلامي المميز نزيه الأحدب في تقديم السخرية في إطار معايير الجزيرة التي تحترم المشاهد وقيم المجتمع العربي، وفي الوقت ذاته لم تخفق فقرات البرنامج في رسم البسمة على وجوه المشاهدين الذين يحتاجون بالفعل إلى من يسخر من واقعهم العربي المرير، ويساعدهم على خروج طاقة سلبية تتولد تلقائيا من متابعة الواقع السياسي والاقتصادي والحقوقي في منطقتنا.

أما برنامج (مع الحكيم) الذي أسعد وأتشرف بإعداده وتقديمه مع زملائي الأعزاء، فسيُبث من الاستوديو الجديد في حلة أفضل شكلا ومضمونا، ومع كل تطوير للبرنامج نعمل على الاقتراب أكثر من قضايا الصحة والطب، والتعمق في معاناة المرضى وأقربائهم.

ملامح التطوير

تطوير البرنامج وفقراته وطريقة تقديمه مستمرة منذ بداية البرنامج في 2016، التي كانت برعاية أكبر مستشفى خاص في قطر، لينتقل بعدها إلى مناقشة موضوعات السياحة العلاجية في تركيا ثم البث من المنزل كأول برنامج في العالم العربي يُبث بكامل فريقه الفني والتحريري من المنزل إبّان جائحة كورونا، مرورا بالعودة إلى استوديو البرنامج في كتارا، وتنويع الفقرات لتشمل أحدث الأخبار والدراسات العلمية، حتى الوصول إلى هذه المحطة والبث للمرة الأولى من “استوديو 2” في مقر شبكة الجزيرة الذي سيبدأ في الأربعاء الأول من رمضان 2023.

تطوير البرنامج مستمر، وتطوير قدراتنا في تناول الموضوعات الطبية والصحية متواصل، ومن مظاهر التطوير الجديدة أننا سنحرص على فقرات نتابع فيها قضايا الرعاية الصحية في البلاد العربية، بالإضافة إلى التحضير لمناقشة عدد من الملفات الجدلية وعرضها من وجهات النظر المختلفة، وذلك بناء على اقتراحات من الجمهور الذي يضع ثقته فينا، هذا بجانب إعطاء مقدمي الرعاية الصحية مزيدا من الاهتمام ومناقشة مشكلاتهم ورصد معاناتهم.

كما سنعمل على الاهتمام بالطب الشمولي والطب البديل، فضلا عن متابعة أحدث الدراسات والأخبار الطبية والصحية، ومتابعة كل جديد يسهم في تثقيف الناس وتوعيتهم بكيفية اتباع أنماط حياة صحية، فرحلة البرنامج مستمرة، وزيادة الثقافة الصحية هي وجهتنا.

أما على المستوى الشخصي، فقد استثمرت فرصة التحاقي بالبرنامج، وقررت منذ البداية أن أتعلم وأتعرف بعمق على عالم جديد، وتخصص مهم في الإعلام، وقد حضرت تصوير عمليات جراحية صعبة، وسجلت عشرات اللقاءات مع مرضى يستعدون للعمليات وآخرين سعداء بعد نجاح عملياتهم، وتحدثت كثيرا مع ذوي المرضى قبل التصوير، وبعد سنوات أدركت أن إعداد موضوع طبي ومناقشة المرض أمر يتجاوز فكرة الأمراض والأعراض والعلاجات، إلى النظر في الظروف الإنسانية والبحث عن تقديم الحلول المتاحة حسب الظروف المادية. نعم فالظروف المادية لها دور كبير في علاج المرض نفسه لأشخاص مختلفين، فقد يحصل مريض قادر على دواء يقضي على مرضه بينما يحصل آخر على مجرد مسكنات للألم في حين لا يحصل آخر على أي شيء، وهذا رغم أن دستور منظمة الصحة العالمية ينص على أن الرعاية الصحية الشاملة حق لجميع البشر.

شهادة فارقة

وفي هذا الإطار، وإيمانا بأهمية الصحافة الطبية ودور الإعلام المهم في تسليط الضوء على معاناة القطاع الصحي، حاولت جاهدا تنمية قدراتي ومهاراتي في مجال الإعلام الطبي، وبالفعل حصلت منذ عامين على شهادة في إنسانيات الطب من جامعة وايل كورنيل بمشروع تخرّج عن علاقة الطبيب بالمريض ودور الإعلام في تعزيزها.

وهذه الشهادة كانت فارقة في نظرتي للموضوعات والقضايا الصحية، فضلا عن الشهرة التي نلتها كمتخصص في الاتصال الصحي بعد استضافتي في بعض وسائل الإعلام، ومن قِبل زملائي في الجزيرة مباشر على شاشتنا الحبيبة.

شهادة في إنسانيات الطب

 

وحصلت على شهادات عدة، وحضرت ورش عمل في مجال الإعلام الصحي أو الصحافة الطبية، لأستزيد علما، ولتطوير مهاراتي في التعامل مع القضايا الصحية، بمهنية أكبر. وقبل أيام من انطلاق البرنامج من الاستوديو الجديد، وصلتني بالبريد شهادتي التي حصلت عليها مؤخرا في التغذية العلاجية، والهدف منها هو الفهم الأعمق للأخبار والمعلومات التي أقدمها للجمهور، فالغذاء هو سبب رئيسي للمرض وسبب رئيسي في العلاج، وجميع الدراسات العلمية تركز على أن التغذية الصحيحة فيها أسرار الوقاية من أمراض عديدة.

ولكنْ بصراحة، فإن أكثر ما يعلّمني ويثقل خبرتي في مجال الصحافة الطبية، هو تفاعل الجمهور معي ومشاركتي مشكلاته ومعاناته في الوصول إلى الطبيب المناسب أو المكان المناسب لتلقي العلاج في ظل عدم توافر غطاء تأميني أحيانا. ستبقى هذه التجارب هي منبع العلم والمعرفة لإثقال مهنيتي في مجال الصحافة الطبية، وتعزيز دور البرنامج في أن يكون حلقة الوصل بين المريض والعلاج.

وأخيرا، أشكر كل الزملاء المشاركين في البرنامج تحريريا وفنيا.

ولا أنسى أن أذكر فقيدة (مع الحكيم) والصحافة العربية، الغالية الزميلة الصحفية الكبيرة حنان كمال، التي فارقتنا بعد رحلة صعبة مع السرطان، ولكنها تركت أثرا طيبا وسيرة عطرة، وديوان شعر بعنوان “كتاب المشاهدة”، فضلا عن عدد من اللوحات الفنية الجميلة. في هذه الدنيا، هناك من يجتهد ويسعى، ويحاول مرارا وتكرارا من أجل أن يحقق شيئا يفيد الناس ويفخر به الجميع، وهذا هو مسعاي في عملي الذي أقدمه عبر الجزيرة مباشر ومنصاتها الرقمية إن شاء الله.

مع الزميلة الراحلة حنان كمال

 

 

كل التمنيات بالتوفيق لكل من يمتهن الصحافة، ويسعى بالكلمة إلى إلقاء الضوء ولفت الانتباه إلى معاناة الناس، وخاصة الزملاء في مجال الصحافة الطبية الذين يحملون على عاتقهم حملا ثقيلا في التوعية والتثقيف الصحي الذي يسبب تجاهله خسائر اجتماعية وصحية واقتصادية، بيد أن نقل معاناة الناس مع المرض ومساعدتهم على إيجاد الحلول له أجر عظيم، فإن الآلام أعمق بكثير من مجرد مرض أو وجع، فآلام العجز وقلة الحيلة ليس كمثلها أصعب وأمرّ.

فريق عمل برنامج “مع الحكيم”

 

فريق العمل بعد التطوير