التقارب التركي الإسرائيلي مختلف تماما!

إسحاق هرتسوغ

يستعد الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ في الأسبوع الثاني من شهر مارس/آذار المقبل لزيارة رسمية إلى تركيا ولقاء الرئيس رجب طيب أردوغان.

تأتي الزيارة بعد مدة طويلة لمحاولات عديدة قامت بها إسرائيل للتقرب من تركيا، وفي هذا السياق يسعى الرئيس الإسرائيلي ليكون من يحقق هذه الرغبات ويسجل اسمه بسجل النجاحات الدبلوماسية في تل أبيب.

وهذا ما ذكره رئيس حكومة إسرائيل نفتالي بينيت، إذ قال إن “إسرائيل ستتقدم بحذر شديد مع تركيا”، مشيدا بـ”هرتسوغ ذي القيمة الدبلوماسية غير العادية من أجل حل المشاكل مع تركيا”.

وأشار إلى أن “هرتسوغ أدى دورا مهما في الاتصالات الدبلوماسية مع تركيا”.

وأضاف بينيت “سنتقدم بحذر شديد مع تركيا”.

هذا الحذر الذي يتحدث عنه بينيت مردّه إلى أنه يعلم جيدا أن الرغبة الإسرائيلية في التقارب مع تركيا أكبر بكثير من نظيرتها التركية، رغم أن قبول تركيا هذا التقارب لن يكون مجانيا لإسرائيل.

الموقف الداعم

وهنا ينبغي الإشارة إلى أن التقارب التركي الإسرائيلي لا يشبه أبدا جولات التطبيع مع هذا الكيان خلال الفترة الماضية، فتركيا رغم كل مستويات علاقاتها مع الاحتلال الإسرائيلي فإنها ثابتة على مواقفها الداعمة لقضية الشعب الفلسطيني سياسيا وإعلاميا وإنسانيا واجتماعيا وثقافيا، والفلسطينيون يعلمون جيدا هذه الحقيقة، أما المطبّعون الجدد فإنهم لم يطبّعوا فحسْب لأجل مصالح معينة، بل تعمدوا الإساءة إلى فلسطين وشعبها وقضيتها، وبعضهم جعل الاحتلال الإسرائيلي هو الأصيل والشعب الفلسطيني هو المعتدي!

التقارب التركي الإسرائيلي له محدداته الاقتصادية نتيجة الأزمات الاقتصادية العالمية، وله محدداته في منطقة شرقي البحر المتوسط والثروات هناك، خاصة في ظل تعنت الجانب المصري من الاتفاق مع تركيا هنا. تركيا لن تتنظر مصر إلى الأبد، فهناك بديل، ومصر ستكون الخاسر الاقتصادي الأكبر من هذا التقارب بين تركيا والاحتلال الإسرائيلي.

تركيا قوية اليوم، تمارس السياسة، وتعرف كيف تتحرك، وتتصرف وفق دراسات وأبحاث ومصالح وأبعاد استراتيجية، وليس وفق أهواء أو مشاعر أو نكايات، لذلك لا خوف على مبادئ تركيا الثابتة المناصرة للشعب الفلسطيني. تركيا لن تبيع فلسطين كما باعها الآخرون وحذفوها من الخريطة!

تركيا قوية اليوم، وستجلس مع الاحتلال الإسرائيلي من موقع القوة لا من موقع الضعف كما يفعل الآخرون. تركيا ستجبر تل أبيب على ضبط سياساتها في كثير من الملفات إن أرادت تقاربا حقيقيا مع أنقرة.

وها هو خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الخارج، يؤكد في تصريحات له من إسطنبول نهاية العام الماضي أن “الاحتلال الإسرائيلي لم يعد متفوقا في المنطقة”، مشددا على أن “تركيا أصبحت متفوقة عليه في المنطقة حتى بنظرة الغرب”.

وتابع مشعل قائلا إن “وضع إسرائيل في العالم لم يعد كما كان سابقا”.

تركيا ستجعل تقاربها مع الاحتلال لصالح الشعب الفلسطيني كما هو لصالحها بكل تأكيد، ولن تشطب الشعب الفلسطيني من حساباتها كما فعل الآخرون، وخير دليل على ذلك تواصل المسؤولين الأتراك مع القيادات الفلسطينية قبيل زيارة الرئيس الإسرائيلي إلى أنقرة، حيث ثمّن الكل مواقف تركيا الثابتة تجاه الشعب الفلسطيني.