غاز غزة والطاقات المُهدرة

لا للانقسام

هل تُعلنُ السلطة الفلسطينية في رام الله عن تفاصيل اتفاقية الغاز التي وقعتها مع شركة “إيجاس” المصرية؟ أم أنها ستبقى تُردد ما قاله حسين الشيخ عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ورئيس هيئة الشؤون المدنية” إن الاتفاقيات تُوقعُ بين الدول وليس بين الفصائل والتنظيمات، وفلسطين عضو في منتدى غاز المتوسط”.؟!

بعيدًا عن موقف حركة “حماس” الرافض لتفرد السلطة الفلسطينية في إبرام الاتفاقيات الدولية والمهمة التي ليس أولها ولن تكون آخرها بالطبع اتفاقية غاز غزة، فإن هناك من يسأل “أليس من حق الشارع الفلسطيني أن يعرف مصير غازه المكتشف في بحره ومتنفسه الوحيد منذ نهاية تسعينيات القرن الماضي، والمعروف باسم “غاز مارين”؟!

ومع الإقرار بعرقلة الاحتلال الإسرائيلي لجهود استخراجه والاستفادة منه فلسطينيًا، ثمة تساؤل آخر مشروع لماذا في مثل هذه الأوقات الحرجة يتم فيها التوقيع على اتفاقيةٍ لاستخراجه؟ دون إشراك واطلاع الجهات ذات العلاقة ومن بينها المسؤولون في مختلف التنظيمات؟! لاسيما في ظل التوجه السائد نحو إجراء الانتخابات في الثاني والعشرين من مايو آيار القادم في مرحلتها الأولى..

الغاز المكتشف على بُعد ستة وثلاثين كيلو مترا غرب القطاع المحاصر منذ نحو أربعة عشر عامًا في مياه البحر المتوسط، وتم تطويره عام ألفين بواسطة شركة “بيرتيش غاز” البريطانية، هل يأتي لزيادة تقييد قطاع غزة المستنزف اقتصاديًا والمكبل بالتبعية الاقتصادية الكاملة للاحتلال الإسرائيلي؟ أليس الأجدر أن يُوحد الغاز المكتشف كل الأفراد والجماعات والطاقات نحو استثماره أنجح استثمار؛ لما يُشكله من رافعة لواقع ومستقبل الاقتصاد الفلسطيني؟!

‌لتبقى اتفاقية غاز غزة واحدة من القضايا التي تُسهم في تعميق الخلاف بين الأخوة الفرقاء

‌يطرح البعض دور البرلمان الفلسطيني في هذا الأمر؛ ليأتي واقع الحال مخيب للآمال؛ فجلساتُه معطلة في الضفة المحتلة، هذا بالإضافة إلى أن المحكمة الدستورية الفلسطينية كانت قد أعلنت عن حله عام ألفين وثمانية عشر، لكن حركة حماس ترفض ذلك وتُصر على عقد جلساته في غزة، إصرار يدفعها للتذكير بأن القانون الأساسي الفلسطيني وحسب المادة اثنين وتسعين من عام ألفين وثلاثة لا يُجيز الارتباط بأي مشاريع لها أثر مالي كبير إلا بموافقة المجلس التشريعي الفلسطيني، مجلسٌ هو الآخر بات انعقاد جلساته وقرار حله محل خلاف طرفي الانقسام في فتح وحماس!

‌لتبقى اتفاقية غاز غزة واحدة من القضايا التي تُسهم في تعميق الخلاف بين الأخوة الفرقاء، بل وتزيد من حدة وغلظة التدخلات الدولية لاسيما الإسرائيلية فيما يخص الموارد الطبيعية ومقدرات الشعب الفلسطيني، الذي لديه الكثير من الثروات التي اكتُشفتْ وأصبحت محل أطماع المحتل والدول المهيمنة في المنطقة؛ والأخرى التي لم تُكتشف بفعل انشغال القادة الفلسطينيين بترتيب بيتهم الداخلي منذ أحداث الانقسام المرير في يونيو حزيران ألفين وسبعة!

‌ذلك يقود إلى تساؤل مؤلم إلى متى ستبقى قدرات ومقدرات وطاقات الفلسطينيين مُهدرة وفي محل تنازع كل الأطراف..