٢٠٢٠ سنة سعيدة!!

كدت أنسى حقيقة أننا في بيوتنا منذ منتصف مارس الماضي؛ كدت أنسى أنني توقفت عن الذهاب إلى عملي؛ وأن الوسيلة الوحيدة التي اتصل بها بمؤسسة عملي هي البريد الإلكتروني.

(٢٠٢٠ سنة سعيدة ) عبارة صنعت الحدث مع صاحبها الذي بؤديها  بشكل يدعو إلى العجب؛ فكما ظهر هذا الشخص على وسائل التواصل الاجتماعي وصدح بالغناء، إلا وبدأت الكوارث تتهاطل.

والأغنية في بدايتها كانت طلبا للزواج بفطيمة؛  السذاجة بادية على محياه هذا الشاب المغربي .  وهي في الأصل أغنية من التراث الجزائري من نوع الراي  المعروف عالميا .

إلى هنا الأمر يبقى عاديا وكثير الحدوث حب وزواج بين جزائري ومغربية أو العكس .

الغريب هو أنك تستمع له مشدوها بهذا المخلوق الذي يغني في التيك توك ويحلم بالحب  والزواج؛ في عز الأزمة أصبح حديث الناس ؛ خاصة  بعد خروجه في كل مرة مغيرا المواضيع و موجها  رسائل وتحيات  لعدد من الناس الذين ذاع صيتهم مع أزمة كورونا وتعمقت مكانتهم بتفاقم الأزمة.

فيروس كورونا المستجد (المسبب لمرض مكوفيد-19) لا يزال يسيطر على الأجواء الصحية والاقتصادية

 

فيذكر أسماء بعينها أخرها رسالة موجهة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون .

هؤلاء القيادات التي يخرج على أرضهم آلاف المتظاهرين،  ضد سياسات التمييز والتهميش  في واشنطن  باريس  ولندن و بروكسيل وعواصم أخرى…

خرجوا يطلبون بالعدالة والمساواة والإنسانية؛ حتي كدت أن أنسى أننا مازلنا مطالبين بتطبيق الحجر الصحي بسبب جائحة كورونا .

كدت أنسى حقيقة أننا في بيوتنا منذ منتصف مارس الماضي؛  كدت أنسى أنني توقفت عن الذهاب إلى عملي؛  وأن الوسيلة الوحيدة التي اتصل بها بمؤسسة عملي هي البريد الإلكتروني.

 ومجموعة الدروس والتوجيهات التي قدمتها لطلبتي  بخصوص الأعمال التطبيقية  للمقياس الذي أشرف عليه. في إطار التعليم عن بعد.

تصاعدت  الأوضاع حتى أصبح العالم يتكلم بلغة واحدة؛  ويتصرف تصرفا واحدا الكل أغلق أبوابه وحطت الطائرات،  ورست البواخر وأغلقت  الممرات والمعابر.

جنون أصاب الكرة الأرضية!!! لا حديث سوى كورونا الكل يتحدث عن المرض المعدي القاتل .

الرؤساء و قادة الدول والملوك والمشاهير؛ الكل يتحدث عن كورونا .. الكل يطلب من الكل غسل الأيدي والبقاء في البيت ووضع الكمامة والكل أصيب بمتلازمة( اشتري وخزن في البيت) .

وكنت واحدة ممن اشترى لها زوجها  كميات معتبرة من المواد الغذائية أكياسا من الطحين الصلب والناعم خاصة وشهر رمضان على الأبواب وكانت الطامة  الكبرى كيف أتصرف في هذه الكميات على كل حال نحن فكرنا أنها  لتحضير الخبز في حالة الندرة  ولتجنب العدوى من المخابز الحكومية .

فيروس كورونا المستجد يهيمن على الساحة الدولية

 

لا أخفي عليكم   كانت مقتطفات وفلاشات من أفلام هوليوود عن نهاية العالم والحرب الكونية  تزيد من حماسي و لهفتي لاتباع وترصد عناوين بيع المواد الغذائية على صفحات التواصل الاجتماعي لمدينتي ….

بدأت رحلة  العجين والمعجنات؛ هستيريا حقيقية لتصريف كم القلق الذي  أصاب الجميع وأنا منهم .

وكيف يكون ذلك إذا لم يكن عن طريق تحضير وصفات من الحلو والمالح  على طول الأسبوع .

كان ذلك التحدي من أصعب الأعمال التي قمت بها ؛ حيث عجنت كميات كبيرة استهلك منها ما استهلك ،وانتهى ما بقي منها للأسف إلى النفايات.

أنها كارثة إنسانية أن نبذر بهذا الشكل ونحن في عز الأزمة، تناقض صارخ غير منطقي  في حين أن هناك مناطق لم يصلها الطحين وأصبح نادرا بسبب الحجر وإغلاق مدن بكاملها
رغم هذا السواد كانت أغنية ”فطيمة” تنشر شعورا بالأمل،  بالفكاهة والسخرية على حالنا  نحن بني البشر  .                                                                                                          

لم يخطئ الشاب العاشق المتيم بفطيمة  بطلب يدها، فالحب مباح ومشروع في زمن الكورونا  .

عشرات من الشباب الجزائري الذين ألغوا حجوزات صالات الحفلات وأقاموا حفل زفافهم على الضيق في مادبة عائلية حضرها  الأقارب  فقط .

وذهبت أموال العرس لمارب أخرى استفاد منها الزوجان، وهناك من قسم مواد غذائية ومواد التنظيف على العائلات المعوزة في لفتة إنسانية رائعة ؛ كما تقاسم مئات الفنانين والعازفين  المبدعين عير العالم  العزف من الشرفات برومنسية منقطعة النظير إلى المستمعين في الشوارع القريبة من بيوتهم بشكل قمة في الإبداع والعطاء .

كما قدمت حفلة للأوبرا الألمانية بمراب للسيارات بمدينة  برلين، كورونا أصابنا  إحساس بالضعف والحاجة إلى الحماية، فأقيمت على أثره الصلوات وقرعت أجراس الكنائس ورفع الأذان والتحمت الأرواح المؤمنة في الصلاة لله تضرعا  وخشوعا وخنوعا لرب العالمين .

أنها كرامات كورونا التي تجسدت أمام عدسات الهواتف والكاميرات من كل بقعة من هذه الأرض الطيبة الأديان تتوحد للصلاة في مكان واحد.

أمر لم يسبق حدوثه ولم أقرا عنه في كتب التاريخ، حتى قطنا ”ميكو“  خرق الحجر وخرج  باحثا  عن قطة من بني جلدته ليكون برفقتها عائلة

إن هذه السنة التي تكرر فيها رقم العشرين مرتين عجيبة،  مجنونة،  غريبة ، جعلت البحث عن البقاء والحفاظ عن الحياة مطلب عالميا..معارك…وعمليات قرصنة وتصرفات صعلوكية  بين الدول .

تلك السنة التي وصفها العرافون أنها مرحلة العبور الى الزمن الجديد، الكل ينظر الى السماء ينتظر رحمة من الخالق،  وعلينا ان نراجع انفسنا ونعيد حساباتنا كأفراد وكدول حتى ننهيها بسلام  و تكون سنة سعيدة بحق .

لكن ماذا لو  نزوج بني ملال بفطيمة وأن نحقق العدالة والمساواة ونهجر النفاق وننشر الحب والسلام .حينئذ سنغني جميعا ألفين وعشرين سنة سعيدة…. ألفين وعشرين سنة سعيدة  …     

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها