ثق… وأرخى قبضتك

ممارسة التأمل بشكل منتظم يخفض مستويات الضغط والقلق

قال فريدريك لونوار“لا يمكن إرخاء القبضة إلا عندما نثق في الحياة“.. فالايمان هو أحد أهم أبعاد الحياة الإنسانية فلابد لقلب الإنسان أن يكون متعلقا بركن شديد سواء كان صوابا أو خطأ..
 فهو يعتقد ويؤمن ويصدق ويثق في هذا الركن؛ ولا أقصد هنا أن أتكلم عن معنى الإيمان الديني، كما يلفظه الناس وكما جعلوا أن كل إيمان لابد أن يكون دينيا.
 ولكني هنا أريد أن أتحدث عن الثقة.. وأريد أن أبين دور الثقة في الإيمان.. فلو نثق في اختياراتنا أو ما نحن مقبلين عليه تمام الثقة بنجاحه فأننا لن نصل إلي الهدف المنشود.

لأننا بكل بساطة كفرنا بأنفسنا بإيجاد هدف من هذا الطريق.. والأولاد يعرفون ذلك ويطبقونه بطريقة عفوية جداً.
فهم يثقون في والديهم ويصدقونهم ويتعلمون ما ينقلوه لهم، من فكر وثقافة وأحياناً بعض الآراء..
فمثلا عندما يخبرك والدك بأنه معك،  وعليك أن تجرب وتأخذ المبادرة سواء في تعلم شيء بسيط أو أمر معقد ..
وتجد أنك أنجزته فهذا يعني لنا ان الثقة في وجود والدك بجوارك طرحت بداخلك إيمانا بأنك ستنجح..

هناك بالطبع حالات انحرافات كثيرة للثقة عن وجهتها الطبيعية، وقد تعرفنا جميعا خلال مراحل حياتنا وتاريخنا كم من معلم ومرب فاسد أو رجل دين أو رجل سياسة استغل الثقة التي أولينها له؛ وأقدم على منفعة خاصة به وخان هذه الأمانة..

الصلاة نوع من العلاج الروحي للإنسان

وكذلك طالب العلم الذي بدأ يبحث في علوم الدنيا ليثبت أن لهذا العالم قوانين سنها خالقه بإحكام تام وليست بسبيل الصدفة .

وأما لو اعتقد أن العالم عصى على الإدراك وغير معقول لما كانوا بدأوا البحث عن شيء..

كذلك الإيمان لبعضهم كما قال اينشتاين واصفا نفسه “أنه ملحد عميق متدين” فإن كان لا يؤمن بالآلة من وجهة نظره إلا أنه كان يجد أن الإيمان ضروري للتحفيز على البحث العلمي .

وأن كان هو مشوه الفكر فهو يعلم أن كلما بذل في هذا الطريق سيصل وهو معنى يشمل لدينا الثقة و الايمان…

كما أشرت في أول مقالي أن الثقة من الممكن أن تكون قاتلة إذا منحنها لأشخاص و خانوها..

ولكنها تكون لبنه بناء المجتمعات إذا أحسن اختيار الأشخاص التي نوليها امورنا لأنهم أوسع معرفة بها وأكبر خبرة..

أن الثقة والايمان إذا تم انتزعناهما من حياة الناس ستصبح كابوسا بكل ما يلاقونه من مرارة وألم، إذا لم يكن لديهم  بارقة ثقة، أن كل هذا سيمر وسيهلكون ويهلكون مجتمعاتهم..

عندما يحل الخوف الدائم محل الثقة.. فكيف سيستطيع أحد الصعود إلى الطائرة أو خوض تجربة الاستثمار أو المخاطرة في مجال عمله؟ …

 إن التمرد الدائم على نوائب الدهر  لا يجدى نفعا وتمثيل دور الضحية في كل شى لا يجدى  أيضاً .
لو أن الإنسان أدرك أن الحياة حلوها ومرها من تقدير الله وحده،  لذهب هذا السخط من داخله، ووجدته بكل ثقة يتقبل البلايا ويعرف في قرارة نفسه أنها امتحان من الله له فيصبر على بلائه ويشكره على نعمته..

أن الثقة والايمان إذا تم انتزعناهما من حياة الأشخاص ستصبح كابوسا بكل ما يلاقونه من مرارة وألم، إذا لم يكن لديهم  بارقة ثقة

والمطلوب الآن منك هو الاستسلام وإرخاء القبضة.. ليس كل شيء في هذا العالم تحت سيطرتك الشخصية فالثغرات والأحداث المفاجئة في الحياة هي التي تعطي لها طعما وعندما تحاول أن تضبط كل شيء ستصاب بالقلق في كل أمورك خوفا من فشل أو حدوث شيء غير متوقع، فتنشغل عن حياتك بمراقبة الأخرين لتضمن أنهم يسيروا وفق خطتك، ولا يمكنك السيطرة على حياتك المهنية بشكل كلي..
لذا أنصحك أن تبذل كل جهدك للسيطرة على ما يمكنك السيطرة عليه، فقط بدءاً من رغباتك وقبول الأحداث الطارئة والتكيف معها.. فارخى القبضة يا عزيزي واستعد في المرة المقبلة لنتحدث عن مسئولياتنا فليس مكتوبا لنا في هذه الحياة أن نستسلم ونستكين ونتأثر فقط.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها