سلام على رابعة في كل حين !!!

ذكري قتل الجيش المصري لـ 900 شخص خلال فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة عام 2013، مثلت بداية تراجع حاد في وضع حقوق الإنسان في مصر

ومع كل عام يُطرح سؤال استنكاري من البعض، عن جدوى اجترار كربلائية رابعة كما يحلوا للبعض أن يصف تكرار الحديث عن جريمة ومذبحة الفض..

ها نحن نقترب مرة أخرى من الذكرى التى لا تتقادم؛ ذكرى مذبحة رابعة،  الحدث الذى لو عاد العرب يسمون أعوامهم بأبرز ما جرى فيها من أحداث لسموا عام ٢٠١٣ بل وما تلاه من أعوام بأعوام ”رابعة“.
ما زالت رابعة حية فى نفوس كل من حضرها؛ وتحكم تصرفاته سواء كان المجرم الفاعل أو من بقى حيا من الضحايا أو الشهود.
ومع كل عام يُطرح سؤالٌ استنكاري من البعض، عن جدوى اجترار كربلائية رابعة كما يحلوا للبعض أن يصف تكرار الحديث عن جريمة ومذبحة الفض.
وهو ما يمثل درجة من درجات الابتزاز لمن يحاولون إحياء الذكرى، وهو ما قد يدفعهم للصمت وعدم الحديث عن التضحية الأعظم،  و كذلك الجريمة الأبشع فى حق الشعوب.
 ولتبيان الأمر نقول أن الأحداث المفصلية فى تاريخ الأمم والجماعات أيا ما كانت مآلاتها المؤقتة من هزيمة أو نصر فى جولة ما، إلا أنها تصنع فى وعى الأمة عظيم الأثر.
فإذا ما غابت أو غيبت هذه الأحداث ضاعت الطرق من أقدام أمتنا؛ وهى تلتمس طريق الحرية.
 و النماذج على أثر مثل تلك الأحداث فى تغذية وجدان الأجيال و شحذ هممهم للعمل أكثر من أن تحصى؛  فمن كربلاء الحسين، لمحرقة اليهود ظل أصحاب الرواية يجترون روايتهم للأحداث جيلا وراء جيل، و يوظفون الأمر سياسيا إلى أن بلغوا هدفهم .

فض اعتصام رابعة العدوية بالقوة

 وإن كان هناك ما يؤخذ على من يحيون الذكرى،  فليس هو استعادة طرح رواية الأحداث بل ضعف التوظيف السياسى للحدث،  والاقتراب من الأهداف التى ضحى من أجلها شهداء رابعة مع غيرهم من شهداء ربيعنا العربى؛  منذ أنطلق فى تونس وانفجر فى ميدان تحرير مصر.. ليمر منها للبلدان عانت الظلم والقهر.
ولا أدل على أهمية العمل من حضور رابعة الملحمة و المجزرة من جهد معسكر الثورة المضادة فى محوها من الذاكرة بسلسلة إجراءات شملت غلق مسجد رابعة لسنوات و اعادة تسمية الميدان و محو مواد أرشيفية فى مواقع الإلكترونية التي كانت توثق المجزرة.
ولا أدل على قيمة وأثر حضور رابعة فى عقل ووجدان من حضرها،  بما فى ذلك كبير مجرميها الذى ادعى فيه أنه لو لم يكن ما جرى فى ٢٠١٣ محل رضا الله لما وفقه فيما تلاه.
إن مجرد ذكره ذلك وإن كان على سبيل النفى فهو تأكيد لأن الفكرة تغازل عقله الباطن، وعقول مخاطبيه الذين وإن لم يفصحوا إلا أنهم بحاجة لمن ينفى لهم من أن الإخفاقات و الفشل الذى يلاحقهم هو من لعنة تلك الدماء الطاهرة التى خرجت تدافع عن حقها المشروع فى العدالة الاجتماعية و الحرية والكرامة الإنسانية
 لذلك علينا أن نجعل مهمة هؤلاء الطغاة المستبدين فى محو ذاكرة الأمة و تضليلها أشق بتكرار روايتنا للأحداث كما عايشناها؛ فلا نترك لهم فضاء فى وعى الأمة يملؤونها  بأكاذيبهم.

لا أدل على قيمة وأثر حضور رابعة فى عقل ووجدان من حضرها،  بما فى ذلك كبير مجرميها الذى إدعى فيه أنه لو لم يكن ما جرى فى ٢٠١٣ محل رضا الله لما وفقه فيما تلاه.

 

وطالما بقيت الذاكرة حية عصية على الخداع و التضليل بقى الأمل فى الوصول لهدفنا الذى خرجنا له فى ٢٥ يناير ٢٠١١، و دفعنا له فى رابعة وغيرها من دماء أحبابنا الكثير الذى ينير لنا الطريق لنسير على ذات دربهم و لتحيا أمتنا ذات يوم فى ظل العدل والحرية و الكرامة.
و تحية لكل جهد بذل فى هذا الصدد؛ بداية  من رواية الأب والأم التى حضرت الواقعة فباتت تسردها لأبناءها و للصديق الوفى الذى مازال يذكر شهيد ضحى بدمه من أجل الحرية؛ و لكل من خط كلمة مقرؤة  أو تغنى بلحن مسموع فصاغوا معا ذلك الحضور لرابعة فى الوجدان الجمعي للأمة الذى ما زال يستعصى على كل محاولات التزييف والتضليل، على ما سخر لها من إمكانات وطاقات ولكنه الحق الأبلج، و الحقيقة الأصدق، اللذان  يمثلان فى ذاتهما  عوامل الصمود أمام كل باطل.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها