غزة… مدينة اليأس

أحد الأصدقاء قال ممازحا من لم يحالفه الحظ : أهلا بكم في طابور البطالة الطويل، و للناجحين الف مبارك و طابور البطالة ينتظركم بعد 4 سنوات..

 أعلنت وزارة التربية و التعليم في فلسطين عن نتائج الثانوية العامة في مؤتمر صحفي قبل عدة أيام ، و بينت الوزارة في مؤتمر ها الصحفي أن نسبة النجاح لهذا العام هي 71.32%بزيادة مقدارها 2% عن العام الماضي.
أحد الأصدقاء قال ممازحا من لم يحالفه الحظ : أهلا بكم في طابور البطالة الطويل، و للناجحين الف مبارك و طابور البطالة ينتظركم بعد 4 سنوات.

تقدر نسبة البطالة في فلسطين (الضفة و القطاع) بحوالي 31% تقريبا، أما في القطاع فتقدر البطالة بما نسبته 60%، أما الواقع فيعكس غير ذلك، فالبطالة في غزة وصلت أعلى معدلاتها و الفقر نهش لحم أهلها و أصبحت غزة على حافة الهاوية.

الوظائف في غزة نادرة و شحيحة وإن وجدت تكون بنظام العقد المحدد الفترة و ليس الدائم، و ذلك لندرة الفرص و وفرة الخريجين.

ففي العام 2018 تم الإعلان عن وظيفة عامل في أحد مخابز غزة، لك أن تتخيل عزيزي القارئ أن عدد المتقدمين لها تجاوز الـ ٣٠٠٠ شخص، و ليتفاجأ أصحاب العمل بهذا الكم الهائل من المتقدمين منهم خريجين و بشهادات عليا، و هذا يكشف حجم الكارثة التي يحياها شباب قطاع غزة.
كذلك مطلع هذا العام تم الإعلان عن فرصة عمل لا يشترط فيها الخبرة، تجاوز عدد المتقدمين لهذه الوظيفة الـ ١٠٠٠٠ متقدم.

ارتفاع نسبة البطالة في قطاع غزة

غزة هذه العجيبة من عجائب العالم، لم يوظف فيها أي موظف على مدار الـ١٤ عاما الماضية، باستثناء العدد القليل الذي تم تعيينه في أواخر العام الماضي، و عندما نتحدث عن شباب غزة فنحن لا نتحدث عن جيل بعينه، بل أجيال فتكت بهم الظروف الاقتصادية و السياسية الصعبة و أودت بهم و بأحلامهم في مهاوي الردى.
و الموظفون في غزة نوعان، نوع يعمل و يستلم نسبة من راتبه لا تتجاوز ال 60% من راتبه، و هم ما يوصفون بموظفي حكومة غزة، و النوع الأخر لا يعمل و يستلم راتبا كاملا أو نسبة من راتبه حسب ما تحدده وزارة المالية في رام الله بخصوص موظفيها، و هؤلاء يعرفون بموظفي السلطة.
و ما بين هؤلاء و هؤلاء يصطف طابور كبير من الخريجين ينتظرون أن يتعاطف معهم القدر و يحصلون على فرصة في اي مجال.

في غزة لا يوجد أفق، حتى البصر يصل حدودها ثم ينقلب إليك خاسئا و هو حسير، أحلام و أمال أسيرة و محاصرة تولد كي تموت، وإن نجت و غادرت مخيلة أصحابها لاقت حتفها على مقصلة الحصار و الإنقسام.

في غزة لا يوجد خط للفقر، فالفقر أحد أبنائها ، يحمل هويتها و جواز سفرها، يعرف مدنها و يتجول في قراها و يعيش في مخيماتها و يسير أمنا مطمئنا في شوارعها، فهو يعرف شوارعها شارعاً شارعا، فهي ليست بالغريبة عنه،وهو ليس بالغريب عنها، أسر بأكملها بل شوارع بل مناطق تحيا على المساعدات المقدمة من الهيئات الدولية و الجمعيات الخيرية، أسر باكملها بلا وظائف أو عمل أو حتى مصدر دخل يعينهم على الاستمرار و البقاء في هذه الظروف الصعبة.

في غزة يرى الأباء اليأس في عيون صغارهم، حينما يطلب الطفل لعبة أو قطعة حلوى ،أو حتى مصروف فلا يستطيع الأب تلبية رغبة ولده، هل ذقتم مر هكذا الشعور.
في غزة شاب تعدى الأربعين من عمره، دون أن يتزوج أو يملك بيتا أو أسرة، أو حتى وظيفة، أو أي مصدر دخل،هو لا يملك حتى ثمن السجائر التي أدمنها فإضطر أن يتركها من ضيق ذات اليد، أما عن تفاصيل يومه فيقضي يومه بالإنتقال من الجلوس على هذا الجدار الي ذاك الجدار لينهي هذا النهار، مستقبلا ليلا يلجأ اليه لينام و يهرب من رحايا الواقع المرير.

في غزة يرى الأباء اليأس في عيون صغارهم، حينما يطلب الطفل لعبة أو قطعة حلوى ،أو حتى مصروف فلا يستطيع الأب تلبية رغبة ولده، هل ذقتم مر هكذا الشعور.

في غزة شيخ طاعن في السن، ولد إبان النكبة، و اغتُصب شبابه في النكسة، و يقضي باقي عمره تخنقه العبرة، وتقتله الحيرة ايتحسر على ماضٍ مرير ام حاضر عسير؟ يرى أبناءه و أحفاده بلا مأوى، و لغير الله لا تنفع الشكوى.

في غزة لا يوجد أفق، حتى البصر يصل حدودها ثم ينقلب إليك خاسئا و هو حسير، أحلام و أمال أسيرة و محاصرة تولد كي تموت، وإن نجت و غادرت مخيلة أصحابها لاقت حتفها على مقصلة الحصار و الإنقسام.
في العالم تشرق الشمس معلنة نهاية ظلام ليل دامس، و معلنة قدوم نهار واعد، أما غزة فتشرق شمسها لتنشر اليأس مع اشعتها ليتسلل لأنفس أهلها المنهكين من بطش سنين مضت قتلت فيهم كل تفاؤل و أمل و جعلتهم مستسلمين لواقع لم يكن لهم أي ذنب ليحل بهم.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها