من وحي كورونا

تجميل البيوت والطرقات بأبسط الأدوات ثقافة عربية أصيلة
تجميل البيوت والطرقات بأبسط الأدوات ثقافة عربية أصيلة

كانت الحياة تسير سيرها العادي الذي يطبعه الغفلة عن الله والتهافت على تحقيق أكبر قدر من المتعة الدنيوية بحق وبغير حق في ضوضاء وضجيج ضاقت منه النفوس .

كانت الحياة تسير سيرها العادي الذي يطبعه الغفلة عن الله والتهافت على تحقيق أكبر قدر من المتعة الدنيوية بحق وبغير حق في ضوضاء وضجيج ضاقت منه النفوس وجو مكدر جعل الضعفاء يشعرون وكأن شيئا ما سيحدث في العالم حتى يتخلصون من الضيم الذي قطع أكبادهم،والأقوياء في كل ذلك رافعون شعارهم القاروني إنما أوتيته على علم عندي!
وتستمر الحياة هكذا لسنوات وعقود والناس في غفلة مطبقة فلا حديث عن الآخرة،أو الجنة والنار،أو الإحسان إلى اليتيم و الجار….ولا ذكر للقرآن في المجالس، بل أصبح ميسي ورونالدو من أركان الحديث التي لا يصح المجلس إلا بهما،يخيل إلى الكثير أنهما بعثا في هذا الزمن ليكونا نبيين تتبعهما الملايين!
فإن هناك من لا يقدر أن يفهم وحي السماء ولا يقع منه موقعا ويستطيع أن يدرك وحي القدم! وحقا لقد بعثا فتنة ولكن أكثر الناس لا يعقلون، وظن الناس أن الحياة استقرت على هذا المنحى وأنهم ما عليهم إلا السعي للتفنن في ملذاتها حتى لا يفوتهم منها شيء ولو كان ذلك على حساب الدين، ولكن فجأة تتوقف الحياة!!
ماذا يحصل في الأرض يا ترى؟ تغلق البلدان حدودها إلا عن ضروري تقوم به الحياة، وتغلق المساجد التي ما كانت لتمتلئ إلا في رمضان، وكذلك المطاعم الفخمة، وتنطمس نجوم الفنادق، ويخلو الفضاء من الناس، ويخيم سكون على الأرض كأننا ننتظر إعلانا عن نهايتها أو إصلاحها وتبديلها!
لقد أغلق كل شيء ودخل الناس إلى مساكنهم واختبؤوا خوفا من الموت! وإذن هي حرب فمن يكون طرفاها؟ لا لا ليست حربا فلا صوت للقنابل والدبابات والصواريخ،وما الأمر إن لم تكن حربا؟
لقد أرسل الله تعالى على أهل الأرض جنديا من جنوده لا يرى بالعين المجردة يدعى كورونا فما استطاعت أن تدفعه عنا أمريكا العظيمة ولا أروبا القوية، ولقد صنع صنيعه فينا كما ترون!
وأصبحت أمنية كل إنسان أن يظل متمسكا بحبل من حبال الحياة بعدما كان يرى نفسه في مأمن من كل شر! إنها عظمة الخالق سبحانه وتعالى تعلن عن نفسها في الأرض لتنبهنا إلى شدة الأمر يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه”.
فإذا كان الناس يتوجعون من كثرة المكوث في البيت ويحزنون لانقطاع حبل الوصل بوالديهم وأقاربهم وأصدقائهم وأحبابهم وهم في نعمة الأكل والشرب والمأوى فكيف يكون حالنا حينما نقف خمسين ألف سنة نحمل في قلوبنا هم الحساب وتحديد المصير الأبدي؟! وإذا ضقنا ذرعا بالراحة في البيت فكيف يكون حال من يدخل جهنم والعياذ بالله؟!
وإذا كنا نشتاق لرؤية من غاب عنا بسبب الحجر الصحي فكيف نصبر على فراق الأحباب يوم القيامة بسبب التفاوت في المنازل والدرجات أو بسبب اختلاف المصير؟!
لقد جاءت هذه الفتنة العظيمة كورونا لتذكرنا بنعم الله تعالى علينا التي ننساها مع كثرة تواليها، ولتنبهنا إلى ما هو أشد وأمر، ولأجل هذا من شاء فليتب وليطع،ومن شاء فليعص وليتمرد..
والذي وضع الوباء هو من سيرفعه سبحانه فنسأله أن يشملنا برحمته التي وسعت كل شيء.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها