العلم كأداة للتمويه والخداع.. الدراسات عن الشذوذ نموذجاً

التدريبات الرياضية تحسن الحالة النفسية للفرد

ما مدى الموضوعية والحياد والشفافية التي ممكن أن يسخرها الباحث في دراسته، سيما في قضية كهذه، غير مقبولة مجتمعياً، مرفوضة دينياً،

روبرت سابولسكي  (Robert Sapolsky)‏عالم أمريكي الجنسية، ويعمل أستاذاً  لمادة البيولوجيا في جامعة ستانفورد.
 في محاضرة السلوك الجنسي البشري (human sexual behavior) من مقرر “بيولوجيا السلوك البشري، يستعرض الدراسات والأبحاث التي عُنيت بالبحث والدراسة في السلوك والتوجه الجنسي عند البشر.
ويأتي على ذكر إحدى أشهر الدراسات في تسعينيات القرن الماضي، التي تعود  لعالم الأعصاب .Simon Levay .
 خرجت الدراسة بنتيجة مفادها أن هناك اختلافاً واضحاً بين أدمغة الرجال الشواذ والرجال الطبيعيين جنسياً! وقد قوبِلت بترحيب كبير من قِبل مجتمع المثليين، واحتفت فيها وسائل الإعلام وتناقلتها بكثرة (وضعتها إدارة Time كغلاف للمجلة) وتعجب حين تعلم أن الدراسة يعتريها بعض الثغرات البحثية والعلمية، وتحفظات على مدى موضوعية الباحث.

زواج المثليين

 

ومع ذلك تهافتت وسائل الإعلام على نشرها ضاربةً بالمهنية في النشر والأمانة العلمية؛ عرض الحائط! ومن الثغرات والعيوب التي اعترت الدراسة أن جميع الافراد الذين شملتهم كانوا من المصابين بمرض الإيدز (AİDS).

ووفقاً للبروفيسور سابولسكي فهناك احتمال لكون الاختلاف في الدماغ ناتجا عن الإصابة بمرض الإيدز، لا يمكن الجزم بصحة أو بطلان ذلك، ومع ذلك فهو احتمال قائم.

أيضاً Simon Levay مسؤول الدراسة  الذي قام بها، شاذ جنسياً! والغرض من دراسته إثبات أن الشذوذ في أصله يحدث بسبب خلل جيني أو عصبي، أي ليس خياراً شخصياً يتحكم به الفرد كما يشاء!

ما مدى الموضوعية والحياد والشفافية التي ممكن أن يسخرها الباحث في دراسته، سيما في قضية كهذه، غير مقبولة مجتمعياً، مرفوضة دينياً، وهو نفسه متبعٌ لها! لاحقاً في عام 1994، بعد ثلاث سنوات من ظهور الدراسة، صرح Simon Levay في لقاء مع مجلة Discover العلمية أنّه: من المهم الإشارة إلى ما الذي لم أجده.

لم أثبت أنّ المثلية الجنسية جينية، ولم أجد أي سبب جيني لكون الشاذ شاذاً؛ لم أُبين أنّ الشاذين جنسياً يولدون هكذا: الخطأ الأكثر انتشاراً الذي يقع فيه أغلب الناس في تأويلهم لأعمالي.

كما أنني لم أعثر على مركز مثلي في الدماغ… فمنذ أن بحثت في أدمغة الراشدين، لا نعلم إن كانت الاختلافات التي وجدتُ كانت حاضرة منذ الولادة، أم ظهرت لاحقاً. ولا ندري لماذا تأخر الباحث بهذا التصريح، لكسب المزيد من الشهرة أم تأخر في اكتشاف الخلل والعطب في دراسته!

ما مدى الموضوعية والحياد والشفافية التي ممكن أن يسخرها الباحث في دراسته، سيما في قضية كهذه، غير مقبولة مجتمعياً، مرفوضة دينياً.

عوداً إلى وقت ظهور الدراسة، يحكي البروفيسور سابولسكي خلال المحاضرة كيف تم استغلال البحث المُنجز في السياق والخطاب السياسي (وجدير بالذكر أن من المسائل التي كانت محل احتدام وجدل في الخطاب السياسي في تلك الفترة قضية دخول الشواذ إلى الجيش).

وممّا نقله البروفيسور عن صديقه المحرر العلمي في المجلة التي تولت نشر الدراسة، أنهم تعمّدوا تأخير النشر إلى ما قبل الانتخابات الرئاسية (انتخابات عام 1992 كانت بين بيل كلينتون وجورج بوش الأب) لأنهم، ووفقاً للمحرر، كانوا على علم أنها ستثير جدلاً.

ومسألة كهذه، بالتأكيد سيأخذها المرشحون لمنصب الرئاسة  بعين  الاعتبار لكسب صوت الناخبين ودعم جماعات الضغط واللوبي المناصرين لقضايا الشذوذ الجنسي، واستغلالها ذريعةً لعدد من القرارات اللاحقة، وهذا ما حدث. كسب بيل كلينتون الانتخابات.

يُستخدَم العلم من قبل بعض الكهنة والقطاعات الكبرى بشكل وضيع ومهين، أداةً للكذب والتدليس والدجل والسيطرة على إنسان العصر الحديث الذي يؤمن بالعلم بعدما خُدِع على يد بعض العلمويين بمصداقيته وأمانته.

وكان من أوائل المسائل التي عُمل عليها في البيت الأبيض إعطاء الحق للشواذ بالانضمام إلى الجيش!! يصف الدكتور سابولسكي السياسة التي نُشِرت فيها الدراسة “بغير الصحيحة  ومحرجة بشكل كبير” وبحسب قوله: دراسة رائعة لكنها ليست علمية.
لا يمثل العلم الحقيقة على الدوام، ولا تحسبنَّ أنّه بعيد عن الكذب والتدليس والخداع. اليوم، ومنذ قرون، مثلما كان الدين أداة يستخدمها رجال الدين والكنيسة للسيطرة على العقول والتحكم بها، وسن القرارات واتخاذ الأحكام بما يوافق مصالحهم ويرضي نزعاتهم.

يُستخدَم العلم من قبل بعض الكهنة والقطاعات الكبرى بشكل وضيع ومهين، أداة للكذب والتدليس والدجل والسيطرة على إنسان العصر الحديث الذي يؤمن بالعلم بعدما خُدِع على يد بعض (العلمويين) بمصداقيته وأمانته.

ونسى أنه من اكتشاف البشر، والإنسان يصيب ويخطأ، وغفل عن استخدامه لتحقيق المآرب وتمرير السياسات وسنّ القرارات التي تحتاج إلى من يدعمها ويبرّرها ويقويها، بسبب فسادها وعدم صلاحها، ومن أفضل معين على ذلك في عصر تأليه العلم سوى العلم!

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها