اتفاق المصالحة والحصاد المر في إسطنبول

كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) الفلسطينية

8 فبراير 2007 نجحت الجهود السعودية آنذاك بدفع الحركتين إلى توقيع (اتفاق مكة)، وشكلت على إثره حكومة وحدة وطنية، ترأسها القيادي في حماس، إسماعيل هنية آنذاك، وشاركت فيها حركة فتح.

اتجهت أنظار الفلسطينيين عامة و العديد من المراقبين و المهتمين صوب إسطنبول في الأسابيع القليلة الماضية.
 ولعله ليس خافيا على أحد بأن اتفاق حركتي “حماس و فتح” الذي وقع في الآونة الأخيرة  على الأراضي التركية، قد جاء في ظروف استثنائية سواء على المستوى الداخلي لكلا الفصيلين الرئيسين، أو على مستوى القضية الفلسطينية و المشروع الوطني برمته، والمستوى الإقليمي و الدولي أيضا.
جاء هذا الاتفاق في سياق ما شهدته الساحة الفلسطينية و على مر سنين طويلة و لمرات عديدة  تكرار حالة من الاحتقان المتصاعد بين الحركتين، انعكست بإجراءات أمنية وسياسية، وتراشق إعلامي، يحمل اتهامات متبادلة بتعطيل المصالحة والمساهمة في إنجاح خطة (صفقة القرن) الأمريكية.
ربما بات راسخا في وعي الفصيلين بأن استمرار حالة الاحتقان نتيجة إخفاق جهود المصالحة بين الجانبين؛  كفيل بتفجير المزيد من الألغام، في طريق تحقيق الوحدة الفلسطينية.

كما تنذر من جديد بإشعال فتيل توترات أمنية قد تدخل الأراضي الفلسطينية المحتلة في حالة متصاعدة من التوتر الأمني، في ظروف قاهرة يعيشها الشعب الفلسطيني و منعرج تاريخي تمر به القضية الفلسطينية برمتها.

المباحثات الفلسطينية

في 8 فبراير 2007 نجحت الجهود السعودية آنذاك في دفع الحركتين إلى توقيع  (اتفاق مكة)، وشكلت على إثره حكومة وحدة وطنية، ترأسها القيادي في حماس، إسماعيل هنية آنذاك، وشاركت فيها حركة فتح.

ولكن (اتفاق مكة) لم يصمد  طويلًا، حيث اندلعت الاشتباكات المسلحة بين الحركتين، في مايو أيار 2007، و انتهت بسيطرة حماس على قطاع غزة، في 14 يونيو حزيران  عام 2007، مما أدى إلى  انقسام أراضي الحكم الذاتي الفلسطيني (السلطة الفلسطينية) إلى جزئين، الأول في الضفة الغربية، تديره حركة فتح، والثاني في قطاع غزة، تديره حركة حماس.
حوارات عديدة تلك التي شرعت الحركتان بعقدها عقب الانقسام أفضت إلى اتفاقات، إلا أنها أخفقت للأسف الشديد في إنهاء تلك الحالة الطارئة والاستثنائية و المؤلمة، نستعرض بعض المحاولات التي بُذلت لانهاء الصراع بين فتح وحماس، في ظل التحولات التي شهدتها المنطقة العربية والإقليمية.
وبالتالي، فإن ثمة محاذير تحيط بملف المصالحة الفلسطينية واتفاق” اسطنبول” الأخير، ومنها موقف الدول العربية، والملفت للنظر، حيث لم تبارك أي دولة عربية ذاك الاتفاق، دعك  عن ممارسة ضغوطا على أحد طرفي الاتفاق لثنيه عن خطوته، مما يجعلنا معنيين تحديدا بقراءة الاتفاق في ضوء تبلور حالة التوتر و الشد الذي تعيشه المنطقة من حول الدولة التركية تحديدا.
والسؤال الآخر هو: هل سيصل مستوى حافة الحرب الواسعة و ما سيفضي إليه الصراع بين تركيا من جهة، وكلٍ من اليونان وفرنسا (أوربا وأمريكا لاحقاً)؛ و مستقبل الدور التركي الذي سيتأثر بنتائج هذا الصراع في معادلة المنطقة العربية- الإسلامية (العربية- التركية- الإيرانية)، كما أن نتائجه ستؤثر أيضاً في وضع كل من الكيان الصهيوني ومصر والإمارات، باعتبار الدول الثلاث أطرافاً مشاركة في الصراع ضد تركيا. وإن ما زالت المعركة في بدايتها.

في 8 فبراير شباط 2007؛ نجحت الجهود السعودية آنذاك بدفع الحركتين إلى توقيع  (اتفاق مكة)، وشكلت على إثره حكومة وحدة وطنية، ترأسها القيادي في حماس، إسماعيل هنية آنذاك، وشاركت فيها حركة فتح.

في السياق نفسه، يأتي هذا الاتفاق ليضيف قيمة مضافة إلى رصيد تركيا في المعادلة الإقليمية عبر واحد من أهم الملفات و هو (القضية و الشأن الفلسطيني)، والذي ربما تنظر إليه دول عربية بحساسية معينة، أنه على حساب دورها، ربما ترتفع درجتها لدى تلك الدول، مما ينذر بالزج من جديد بالقضية الفلسطينية و احد ملفاتها الساخنة (الوحدة الوطنية) في أتون التجاذب و المناكفات السياسية مع الدولة التركية الراعية.

من بين المحاذير أيضا ” أمريكا والاحتلال الإسرائيلي”،  اللذان ينظران بعين الريبة إلى تحركات و سياسات الرئيس التركي و الدولة التركية في مجمل قضايا الإقليم و المنطقة.

وإلى أي مدى هناك أمل في سماح المحتل بعقد انتخابات حرة و شاملة للوطن الفلسطيني، ثم مخاطر الضغط على الدول الأخرى لثنيها عن تقديم الدعم و المساندة السياسية و اللوجيستية على الأرض.

بالإضافة إلى هشاشة الوضع الفلسطيني الداخلي بسبب طيلة فترة رزحه تحت ممارسات الاحتلال و التغيرات التي طرأت على البنية الاجتماعية و التنظيمية، و هل ينجح الفصيلان مع الفصائل الفلسطينية الأخرى في امتحان تغليب الانتماء الوطني و المصلحة العامة على المصالح الضيقة، إلى جانب مدى قدرة  رئيس السلطة الفلسطينية ” محمود عباس”، وحركة ” فتح” مقاومة الضغوط و عدم الخضوع من جديد للابتزاز، أو التجاوب مع سياسة (الجزرة )، و كذلك مدى قدرة الفصيلين على ضبط استقرار الميدان و الساحة الداخلية.

يمكن القول إن الفصائل الفلسطينية و بالأخص (فتح) و (حماس) من جديد أمام تحدٍ حقيقي، بل و فرصة لعلها مواتية بوجود الراعي التركي، بوزنه الدولي و الإقليمي الصاعد، إنما يختلف هذه المرة كون المتغيرات التي تعصف بالعالم و المنطقة و التغيرات الشديدة التي طالت كل شيء من حيث الدول، والإستراتيجيات، والتحالفات، والمفاهيم، والاقتصاد، وكل ذلك يتطلب قيادات تملك إرادة وعزيمة حرة، ومؤهلات مكافئة لزمانها حتى تتمكن من أن تحجز لقضيتها مقعدا في قطار المستقبل.

 

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها