ماكرون والوجه القبيح للعلمانية!

القانون الذي يقوم الرئيس بتوسيعه والذي ينص على توسيع الحظر على الحجاب ليشمل جميع مقدمي الخدمات العامة في فرنسا يتنافى مع مبادئ العلمانية.

بين الحين والأخر يطالعنا الإعلام العربي على قصص محاولات الهجوم على  الدين الإسلامي؛ عقيدة وشريعة ورسولا.

فتارة  صحيفة تتهجم على النبي الأكرم، وتارة وأعضاء البرلمان يغادرون القاعة لأن رئيسة اتحاد الطلبة فتاة محجبة، وأخيرًا كان هجوم يوم الجمعة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على الإسلام، وقال بأن الديانة الإسلامية تعيش أزمة في كل أنحاء العالم.

ورغم أن الإسلام؛ كما يقول الرئيس الفرنسي يعيش أزمة في العالم إلا أنه صاغ مجموعة من القوانين خصيصا لتقيد حرية المسلمين في بلاده .

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

 

ورغم أن الإسلام يمر بأزمة كما يقال لنا فلم يكتف الرئيس بالهجوم على الإسلام بوسائل الإعلام: صحف وقنوات ومجلات بل شن هجوما قانونيا غشوما، واستدعى الأمر بأن تشارك في هذه المعركة ضد الإسلام أعلى سلطة في الجمهورية الفرنسية، وهي سلطة الرئيس إيمانويل ماكرون نفسه.

وهل بعد هذا يصح القول بأن الديانة الإسلامية تمر بأزمة أم إنها تنتشر بسرعة مما يعني أنها تشكل خطرا على سلطة الجمهورية العلمانية؟

وفي الحقيقة عند قراءة خطاب الرئيس إيمانويل ماكرون نجد أن العلمانية هي التي تمر بأزمة وليس الإسلام؛  وأكبر حجة على  هذه الدعوة، تصريحات ماكرون نفسه عندما قال إن القوانين الجديدة التي سوف تسن؛ الغرض منها هو  تعزيز العلمانية وترسيخ مبادئ الجمهورية؛  وكلمتا تعزيز وترسيخ لا يمكن أن تدلان إلا على أن هناك ضعفا وهشاشة في هذه المبادئ وأنها فعلا تمر بأزمة.

وأكبر برهان على أن المبادئ العلمانية تمضي بالمجتمعات نحو الهلاك وأنها لا تصلح هو خروج الرئيس إيمانويل ماكرون على هذه  المبادئ ذاتها .

القانون الذي يقوم الرئيس بتوسيعه والذي ينص على توسيع الحظر على الحجاب ليشمل جميع مقدمي الخدمات العامة في فرنسا يتنافى مع مبادئ العلمانية

فإن القانون الذي يقوم الرئيس بتوسيعه والذي ينص على توسيع الحظر على الحجاب ليشمل جميع مقدمي الخدمات العامة في فرنسا يتنافى مع مبادئ العلمانية ومع نظريات جون لوك و جون ستيوارت ميل وغيرهما ممن أسسوا لهذا المذهب.

فإن الرجلان متفقان على أن للإنسان حق الحرية؛  بمعنى أن يفعل كل ما يريد بشرط أن لا يضر غيره .

وأن ليس للسلطة السياسية التدخل في حياة الأفراد و المجتمع المدني  بسن قوانين إلا في حالة واحدة هي حدوث ضرر على الغير.

وهذا ما خالفه ماكرون -مكره لا بطل- وهو يرى التمدد الإسلامي في كل أنحاء الجمهورية حتى أن طالبة مسلمة ترتدي الحجاب وصلت لرئاسة اتحاد الطلبة في معقل الجمهورية العلمانية .

ومما جاء في الخطاب ويدل على أن هناك أزمة في المبادئ العلمانية؛ لا الإسلامية،  هو قول الرئيس إيمانويل ماكرون إنه يتعين على كل جمعية ومؤسسة تطلب تمويلا حكوميا أن توقع على ميثاق علماني مما يعني أن الجمهورية العلمانية لا تقف على الحياد من كل الأديان كما يقال بل هي تسعى لفرض قيم معينة ومبادئ معينة على المجتمع المدني وسلاح الجمهورية العلمانية هو الاقتصاد .

قيم الجمهورية العلمانية الفرنسية تمر بأزمة ما في هذا شك ونسبة الجريمة المرتفعة ونسبة التفكك الأسري والطلاق التي بلغت مستويات خطيرة .

أما قول الرئيس إيمانويل ماكرون أن  المسلمين في حالة إنكار لمبادئنا على غرار المساواة بين الرجال والنساء؛ فلهذا يقوم بصياغة قوانين ضدهم فهذا هو منهاج تنظيم داعش التنظيم الذي يتعمل مع المخالفين بالحديد والنار بالإكراه لا بالحجة والبرهان، وأنا لا أعلم لما يعد إنكار التساوي بين النساء والرجال جريمة، مع إن قوله تعالى: ” وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ: يشير إلى غير كذلك.

إن قيم الجمهورية العلمانية الفرنسية تمر بأزمة ما في هذا شك ونسبة الجريمة المرتفعة ونسبة التفكك الأسري والطلاق التي بلغت مستويات خطيرة .

و تحاول الجمهورية العلمانية إنقاذ ما يمكن إنقاذه وتحويل الأنظار بعيدا عن مشاكل الجمهورية بالهجوم على الإسلام الذي يتوسع داخل فرنسا، بل و الاتحاد الأوربي وسلاح الجمهورية في هذه المعركة هو القانون و الاقتصاد و الإعلام.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها