حرب أرمينيا وأذربيجان وأسطورة إيران

وزراء خارجية روسيا وأذربيجان وأرمينيا خلال المحادثات الأخيرة في موسكو حول وقف إطلاق النار

غير مفهوم هو أن تقف إيران مع أرمينيا الأرثوذكسية ضد من؟ أذربيجان الشيعية؛ مع أن النظام الإيراني دائما ما يروج لنفسه على أنه هو الحامي للمسلمين الشيعة في العالم والحريص على مصالحهم.

أن تقف روسيا الأرثوذكسية مع أرمينيا في حربها مع أذربيجان فهذا شيء مفهوم، فسكان كلا الدولتين نصارى أرثوذكس، و أن تقف تركيا مع أذربيجان ضد أرمنيا في حربها من أجل إستعادة إقليم كاراباخ فهذا شيء مفهوم أيضا.

فكلتا الدولتين مسلمة، وأيضا هناك مصالح إقتصادية في الخلفية. صحيح أن أذربيجان فيها أكثر من ثمانين في المائة من المسلمين الشيعة والترك سنة، لكن في الجملة من الممكن القول إنهم مسلمون.

هذا وهناك أيضا المصالح الإقتصادية فإن تركيا تدعم أذربيجان وعينها على حقل الغاز الاذربجاني تاناب؛ الذي يمر من جورجيا إلى تركيا إلى أوروبا ، حيث يساهم في تحقيق أمن إمدادات الطاقة لتركيا وأوروبا من خلال نقل ستة عشر مليار ؟؟؟مكعب من الغاز سنويا وهذا شيء مهم في عالم السياسة وله خطورته الاقتصادية على تركيا.

الاتفاق بين أذربيجان وأرمينيا علي وقف القتال

 

لكن غير المفهوم هو أن تقف إيران مع أرمينيا الأرثوذكسية ضد من؟ ضد أذربيجان الشيعية؛ مع أن النظام الإيراني دائما ما يروج لنفسه على أنه هو الحامي للمسلمين الشيعة في العالم والحريص على مصالحهم .

وهذا وإيران تقول أنها في جوهرها دولة دينية شيعية والقضية الاذربجانية قضية عادلة والإسلام ينص على نصرة المظلوم ويحض على هذا مع غير المسلمين فما بالك مع المسلمين.

أليست القضية الاذربيجنية عادلة ؟ ألم يهجر النصارى الأرمن الأرثوذكس سبعة مائة ألف مسلم أذري من إقليم كاراباخ؟ ألم ينص إتفاق مدريد بضرورة إرجاع هؤلاء المهجرين من الوطن الأم وهو إقليم كاراباخ وإجراء إستفتاء حول مصير الإقليم ؟ مما يعني تصويت سبعمئة ألف مسلم لصالح أذربيجان وضد أرمنيا ألا يقع هذا الإقليم في داخل الأرضي الاذربجانية؟ إذن القضية عادلة ومنطق العقيدة يقول على إيران دعم أذربيجان لا أرمينيا، لكن هذا لا يحدث في أرض الواقع.

صحيح أن الثعلب الإيراني ليس واضحا في العداء للأذربيجان ولا صريحا في دعم أرمينيا، لكن الكل يعلم أن النظام الإيراني يدعم أرمينيا تحت الطاولة بالسلاح والمال وحتى ديبلومسيا، فما معنى قول النظام الإيراني إن الحال في إقليم كاراباخ هو في الجلوس للتفاوض غير أن يبقى الحال على ما هو عليه وهو أن تبقى الأرض الاذربجانية محتلة بيد الأرمن.

من غير المفهوم هو أن تقف إيران مع أرمينيا الأرثوذكسية ضد من أذربيجان الشيعية؛ مع أن النظام الإيراني دائما ما يروج لنفسه على أنه هو الحامي للمسلمين الشيعة في العالم والحريص على مصالحهم

إذن الثعلب الإيراني يخشى شيئا ما في القضية الاذربجانية. والذي يخشاه النظام الإيراني هو أن ثلث سكان إيران هم من أصول أذرية أذربيجانية ، ولازالت عائلاتهم في أذربيجان وثقافتهم ثقافة أذرية وقلوبهم معلقة بالبلد الأم أذربيجان وهم يرون أنفسهم أحق بإيران من الفرس.

ولهذا تسعى إيران أن تظل أذربيجان دائما مشغولة بقضية إقليم كاراباخ فلا تدعم سكان في منطقة تبريز و غومي وهمدان.

وإذا أضفنا أن دولة أذربيجان دولة مصدرة للنفط والغاز والأمر كذلك مع إيران فإن التنافس الإقتصاد هو الأخر سيمارس ضغطه على قرار النظام الإيراني. هذا و النفط والغاز ليس لهما قوة إقتصادية فقط بل لهما أيضا قوة سياسية وهذه هي النقطة الثالثة التي تخيف النظام الإيراني من دعم النظام الاذربجاني.

 تهدف إيران بهذه السياسة إلى تقوية النصارى الأرمن والعرقيات غير المنافسة على حساب الأذار الشيعة والسنة العرب

هذا والشعب الأذري يعاني الاضطهاد على يد النظام الشيعي الإيراني مثله مثل السنة فيما اليهود والنصارى الأرمن والزردشتين لهم معاملة خاصة تختلف عن معاملة السنة والاذريين، حتى إن للأرمن عضوان في مجلس الشورى الايراني والأرمن بدأوا بنشر جرائدهم باللغة الأرمنية بدءاً من سنة 1794 وللأرمن في إيران حالياً عشرات الكنائس والمدارس.

تهدف إيران بهذه السياسة إلى تقوية النصارى الأرمن والعرقيات غير المنافسة على حساب الأذار الشيعة والسنة العرب، لأن الأرمن واليهود وزرادشتين لا يشكلون خطرا على النظام السياسي الإيراني

وهكذا يكون متى تعارضت  الاعتبارات العرقية والسياسية والإقتصادية مع عقيدة إيران الشيعية كانت ألأولوية للإعتبارات العرقية والسياسية و الاقتصادية على الاعتبارات العقائدية.

وهكذا تسقط أسطورة إيران عن حماية مصالح الشيعة في العالم وتسقط أسطورة إيران الحريصة على الشيعة في مختلف مناطق العالم وهكذا يكشف النقاب عن الوجه القبيح للقومية الإيرانية.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها