ظاهرة الانتحار في العراق !!

الفقر والوضع الاقتصادي هو أحد أسباب أنتشار ظاهرة الانتحار؛ إلا أن موضوع تسجيل حالات انتحار بين عوائل الأغنياء والمستقرين إجتماعيا؛ يثير التساؤل حول حقيقة أسباب الانتحار.

من  أخطر الظواهر الاجتماعية و أكثرها فجيعة هي الانتحار، ويشاع هذا السلوك في المجتمعات التي تعاني المشاكل الاقتصادية والسياسية. فالظروف الاقتصادية والاجتماعية السيئة تؤثر سلبا على حياة الفرد وبالأخص الفرد المهزوم من الداخل.

فاليوم الشعب العراقي يواجه شتى أنواع الحروب النفسية والاجتماعية والاقتصادية؛  فالبلد أصبح  شبه المنعدم اقتصاديا،  وهذا ما أدى إلى تقنين فرص العمل لفئة الشباب التي تتراوح أعمارهم ١٧-٤٠ بشكل كبير.

 مما أدى إلى تولد الكبت و الانحسار النفسي، إضافة إلى ظروف سياسية نتج عنها موجة انتحارات.

وهذه الموجة تتصاعد نسبها عاما بعد أخر. ففي عام ٢٠٠٤ كانت نسبة الانتحار ٣١ حالة.

زيادة معدلات الانتحار

 

أما في عام ٢٠١٣ أرتفعت النسبة الى ٤٣٩ حالة لتصل في عام ٢٠١٩ إلى ٧٢٥ حالة حسب تقرير قدمته (مفوضية حقوق الانسان)، وتأتي هذه العملية بطرق متراوحة بين الشنق والحرق والرصاص وغيرها، وتتضخم هذه الحالة بين فئة الشباب والاكثر من الذين في مقتبل العمر.

وعلى الرغم من تحريم الانتحار في الإسلام ووعيد من يقدم عليه بجهنم وعذاب شديد فقال تعالي (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا)، إلا أن المؤشر في أتجاه متصاعد ومستمر.

وبعضنا يعزو الأمر إلى الجهل والأخر يعزوه إلى ضعف في الدين والإيمان وآخرون يرون هذا التصرف آت من تراكم الظروف المعيشية والحالة الصعبة التي يمر فيها البلد.

أما أنا في رأيي الشخصي (وعلى ما ذكرت سابقا هو مجرد رأي لا ضُر فيه على أحد) أن هذا المسلسل قديم إلا أن هذه الظاهرة تزايدت بشكل غير طبيعي.

 فعندما يتصاعد مؤشر حالة ما ثمانية أضعافه خلال ١٥ عاما،  فهذا يعني أن هذه الظاهرة بدأت بالتوسع والانتشار بين فئة معينة (أي فئة المراهقين) .

والغريب في الأمر أخذت بعض حالات انتحار  تحدث في صفوف الشباب من الجنسين من عوائل ميسورة الحال ومستقرة إجتماعيا !

اليوم نحن على دراية أن الفقر والوضع الاقتصادي هو أحد أسباب أنتشار ظاهرة الانتحار؛ إلا أن موضوع تسجيل حالات انتحار بين عوائل الأغنياء والمستقرين إجتماعيا؛ يثير التساؤل عن حقيقة أسباب الانتحار ؟

في ظاهرة خطرة كهذه تتجه إليها الجهات المغرضة (المغرضين في أي شأن كان؟؟؟) لتنميتها وانتشارها  بين أفراد المجتمع لكي تضمن ولادة تهديد أخر جديد على شريحة الشباب من هذا البلد.

 الفقر والوضع الاقتصادي هما من أسباب أنتشار ظاهرة الانتحار؛ إلا أن موضوع تسجيل حالات انتحار بين عوائل الأغنياء والمستقرين إجتماعيا؛ يثير التساؤل عن حقيقة أسباب الانتحار 

فأنا أضم سببا أخر إلى الأسباب التي تدفع الشباب للانتحار وهو (المخدرات)، العراق اليوم أصبح (دكان) لبيع المخدرات بأنواعها فأي شخص يحتاج الى أي نوع من أنواع المخدرات و المهلوسات بإمكانه الحصول عليها بشكل يسير وغير متعب .

وخاصة إذا كان هذا الشخص في مناطق جنوب العراق سيحصل عليها بشكل يسير أكثر وبسعر أقل مما هو عليه في الوسط والشمال .

فانتشار بيع وتبادل الحبوب المخدرة والحشيش بين فئة الشباب أدت إلى حالات نفسية؛  وتعقيد و انطواء وتخيلات لا يقوى عليها العقل البشري خاصة إذا كان في مقتبل العمر.

 مما تؤدي إلى تعذيب النفس وقتلها (بفعل هذه المواد المخدرة)، إضافة إلى ذلك ضعف الدولة في حماية شريحة كبيرة وأساسية من شرائح المجتمع (فئة الشباب المراهقين) من جانب، وضعفها في منع دخول وانتشار المهلوسات والمخدرات والحشيش من جانب أخر.

هذا الضعف ضمنَ لبعض الناس المتاجرة بالمخدرات والبيع والشراء فيها بطريقة لا أكذب أن أسميتها (بالعلنية) وكما ذكرت وكأنه يملك دكانا يتاجر فيه بالمخدرات (لكنه دكان متجول)، والغريب في الأمر أن بعض هؤلاء التجار  لديهم تعامل مع بعض الأفراد من القوات الامنية ! .

فتسلل المخدرات في الخفاء أو في العلن (وهذا له مقال خاص) أدت إلى توسيع أنتشار ظاهرة كان من الممكن السيطرة عليها وطمرها.

لكن عندما تضعف الدولة وتعجز عن الحفاظ على أبناء الشعب بالشكل المناسب بتضاعف انتشار ظواهر كهذه.

إضافة إلى آفة الفقر والجوع وضعف الاقتصاد؛  وانعدام فرص العمل وتوسع دائرة الجهل كل هذه العوامل تضاعفت وتستمر بالتضاعف من عام لأخر، وتتناسب ظاهرة الانتحار طرديا مع هذه العوامل المذكورة.

يجب ملاحقة المتاجرين بالمخدرات و المهلوسات و إنزال أشد العقوبات عليهم، وتوعية الفئات الشابة بخطورة المخدرات ومضارها، إضافة إلى إتاحة فرص العمل للعاطلين لتحسين مستوى معيشتهم

بمعنى أن مؤشر الانتحار بتزايد مستمر ما لم تكون هناك وقفة حكومية صادقة وجادة بوضع حد لإيقاف هذه العوامل التي تسبب في توسع ظواهر مجتمعية خطيرة وللسيطرة على وحش الانتحار الذي ألتهم الشباب واستشرى بين صفوفهم ظاهرة خطيرة عليهم وعلى مصير البلد.

علينا أن نوعي الشريحة المهددة بتجنب هذه الظاهرة ونثقفهم على حرمة إيذاء النفس وعمل ورشات خاصة للتثقيف الديني والإنساني وتستهدف هذه الورشات (على الأكثر) الفئة غير المتعلمة أو المتخلفين عن الالتحاق بالمدارس.

وأيضا ملاحقة المتاجرين بالمخدرات و المهلوسات و إنزال أشد العقوبات  عليهم  ، وتوعية الفئات الشابة بخطورة المخدرات ومضارها، إضافة إلى إتاحة فرص العمل للعاطلين لتحسين مستوى معيشتهم وللأخذ بأنظارهم بعيدا عن ظاهرة الانتحار والتفكير بها.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها