ذكرى السنة

إنني لست من النوع الذي يغرق نفسه في الظلام عمدا، وأشير إلى أن الحياة خذلتني وقست عليّ، لكنها فقط الانكسارات، ورحيلك كان الأعمق، كشف عن مدى هشاشتي وضعفي من دونك.

في هذا الشهر المعظم، تكتمل سنة على رحيلك.

لم يتغير شيء حبيبي، فالبيت هو البيت، الجيران هم الجيران، والناس هم الناس.

لكن إن سألتني عن روحي؛ سأخبرك أنني ما زلت في متاهة معقدة. لم أنس واقعة وفاتك التي أنهكتني، ولا أدري كيف استرجع صلابتي بعدها.

شعور قاتل كلما تذكرتك يتحول إلى سكاكين حادة تمزقني من الداخل، شعور أشبه بصراخ طفلة خرساء طالبة النجدة.

لكن لا بأس، فأنا أتقن أدوار المراوغة والهروب والتجاهل، أحاول جعل ذكرياتنا في براد الذاكرة، وأتحايل على وعي، محاولة تصديق مقولة أنه لا بد أن ينكسر في داخلك شيئا ما لتحيا من جديد، لا بد أن تسمع قرقعة حطام نفسك لتستعيد عافيتها المتأرجحة.

في الذكرى السنوية سأخبرك أنني لست من النوع الذي يغرق نفسه في الظلام عمدا، وأشير إلى أن الحياة خذلتني وقست عليّ، لكنها فقط الانكسارات، ورحيلك كان الأعمق، كشف عن مدى هشاشتي وضعفي من دونك.

كنت الوطن، أصبحت الغربة والجرح الغائر. قد يكذب من قال إن أوجاعنا ينسيها الزمان، فجروحنا لا تشفى، لكنه على الأقل يسكنها.

في الذكرى السنوية أدعو الله لك أبي بالرحمة والمغفرة، بالثواب والجنة، بالسلام والسكينة.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها