عدوك بن دارك!

لا تجامل بأبنائك، فتتساهل مع أخيك أو أختك، عمك أو خالك أو أي من أقاربك أو أصدقائك، كونهم حرموا نعمة الانجاب، فتمنحهم صغارك هدية.

لا تقبل من أخوتك أو أي من أقاربك هدايا باهظة الثمن، فلو قام أحدهم بدفع مصروفات مدارس أبنائك، فستعجز عن رفض بياتهم لديه أو سفرهم معه دون معيتك.

لا تسمح باعتياد أطفالك الإقامة ببيوت الأقارب أو المعارف وحدهم، “الحمو الموت”، والمثل يقول “عدوك بن كارك” إلا ان الواقع يقول إنه أحيانا يؤكد أن “عدوك بن دارك“.

تأكد أن الأجداد يتهاونون مع أحفادهم لصالح أبنائهم، فلو تركت أبناؤك لديهم، فثق أنهم لن يمانعون من خروج أبنك مع عمتهم وزوجها، ثم” الدنيا ليل، فأختك قالت: “خليهم بايتين“.

لاحظ ولاحظي أي تغيرات في سلوك ابنك، كالتبول اللاإرادي، الشرود المطول، الإسهاب في الاستحمام، الميل للعزلة، البكاء المجهول السبب أو النفور من أحد الأقارب.

غالبية الأطفال ضحايا التحرشات يشعرون بالذنب، فيلتبس عليهم الأمر فيتوهمون أنهم مشاركون في الجريمة لا ضحايا ونادًرا ما يبلغون ذويهم. لذا، فضروري ألا يشعر ابنك تجاهك بأي خوف لكيلا يمتنع عن البوح لك بمأساته.

لا تقطر على صغارك فتصبح الحلوى -بالنسبة لهم- حلما يسعون خلفه فيستجيبون لأول: ” تعالى معي اشتري لك شوكولاتة“.

اسرف في منح أطفالك الحنان والأمان ووضح لهم أن المتحرشين يدّعون حاجتهم للعطف فقد يقول أحدهم لضحيته “أنا لم يحتضني مخلوق يومًا، هل لك أن تغمرني، ثم “هل لك أن تقبلني“.

المال “السايب” يعلم السرقة، كذا، الطفل السايب يعلم التحرش.

هيئات رعاية الطفولة بالولايات المتحدة أضافت لفظ “اهمال الأهل” لجرائم التحرشات الجنسية، كون إهمال الأهل لملاحقة الجاني أو التستر عليه أمر واسع الانتشار، رغم أن أكثر ما يريح الطفل لو تعرض لاعتداء، أن يلمس دفاع أهله عنه وأن يرى القصاص فيمن اعتدى عليه، فقد يستطيع الطفل تخطي مشكلة التحرش، لكنه أبدًا لن يتخطى مسألة تعاطي أهله بسلبية مع المجرم، فأبشع ما تمارسه تجاه ابنك أن تتغاضى أو تتعاطى مع من تحرش بجسده.

يعتاد الكثيرون على التخفف من ملابسهم في بيوتهم، وللأسف قد تتساهل لفكرة بيات صغيرك في بيت قريبك، فيشاهد منظر يجرح طفولته فيعلق في ذاكرته.

افصل بين أبنائك في المضاجع ولا تسمح لقريبك بالنوم بمخدع صغيرك حال جاءك في زيارة. امنحه غرفتك ونم أنت مع أكبادك.

لا تعانق ابنك من الخلف أبدًا وحين يبلغ، يصبح العناق مجرد ربته كتف وضمة سريعة.

كما تهتم بجهاز ابنك الهضمي، برجاء التفت للعناية بتعريف ابنك على الجهاز التناسلي.

لا أفهم سببًا لإسراف الأمهات في العناية بالمعدة، فيما يتجاهلن حقيقة أن صغارهن باتوا على أعتاب مرحلة جديدة، ومن ثم عليهن الاستفاضة في كشف الغموض لشرح كل ما يتعلق بعالم الجسد. ساعدوهم على اكتشاف أنفسهم وأجسادهم.

لا تنتظر حتى يصل أبناؤك للعشرين كي تنبههم بحتمية عدم جواز جلوسهم على حجر أحد.

 لا أقول لك استعد لأسئلة صغارك بل بادر بفتح الموضوع، كأن تخبرهم بأنك في طفولتك كنت تعتقد أن الناس تنجب بمجرد تبادل القبلات، ثم تحدث معهم عن معنى الزواج والقرب في العلاقة وأنه كلما استراح الناس لبعض يتقاربون، أما في الزواج، فالتقارب يصل لمرحلة تتيح للكيانين أن يتحولا لكيان واحد، روحًا وجسدًا.

لا تستحي من فتح أحاديث مع ابنك بل اخجل من تركه في تيه الجهل لكيلا يندفع للاستعانة بصديق فاسد أو يوتيوب خارج.

أبناؤك على مشارف البلوغ وأنت قد قررت أخيرا التحدث معهم لتنويرهم، للعلم فقد تأخرت كثيرا، كان يجب أن تشرع تدريجيا من التاسعة، وبتوضيح يتناسب مع أعمارهم ثم تتوغل برفق في آفاق معرفتهم.

وحدك من ستتكلم مع صغارك دون جرحهم بغمزة منحطة أو بلفظ جارح، فلا تكل مسؤولية شرح الأمور الجسدية للطرف الآخر، وأنا اتكلم عن شرح مفصل، لا مجرد حديث مبتسر وكان الله بالسر عليم.

صغارك خط أحمر، فلا تجامل بأبنائك.. فتندم.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها