حدث في مثل هذا اليوم

نعم يمكن لذكري مؤلمة أن تجعلنا سعداء، وهذا يقرره حالك وما أنت عليه الآن فاذا كنت سعيدا في هذه اللحظة، فتصبح الذكرى الحزينة محفز على الرضا

من منا لا تعتريه الذكريات بكافة أنواعها حزينة كانت أو سعيدة؛ فنهرب من الذكريات الحزينة ونمسك على السعيدة حتى لا يصيبها النسيان.
ما من يوم إلا وله يوم يشبهه منذ سنة مضت أو حتى منذ عشر سنوات ليس شرطا أن يشتركوا بالتفاصيل وإنما شيء بسيط، بسيط جدا يحدث لك
في مثل هذا اليوم قد يجعلك تقول حدث مثله من قبل.

فعندما أترك لفكري العنان حتى أجد وصفا للذكريات لا أرى وصفا لها إلا أنها “اجتماع مع النفس” نعم اجتماع مع النفس، وأنا دائما أهرب من نفسي بدون أي مبررات، فأحيانا يكون لسان حالي “لما يحدث لي هذا؟” فأهرب، وأحيانا أخرى أحب الحياة وتصبح كل مطامعي أن أعيش اليوم بيومه في سلام بعيدا عن أي معكرات مزاج فأهرب أيضا.
وبما أن الجميع يبحث عن السعادة فإذا سألت نفسي هل تجلب لنا الذكريات أي شيء من السعادة؟! أجد أنه لا شك أن كل ذكرى حزينة يمكن أن تؤلمنا هذا الطبيعي ولكنها يمكن أيضا أن تضفي علينا شعورا معاكسا!!

نعم يمكن لذكرى مؤلمة أن تجعلنا سعداء، وهذا يقرره حالك وما أنت عليه الآن فإذا كنت سعيدا في هذه اللحظة، فتصبح الذكرى الحزينة محفزا على الرضا بما نحن عليه الآن، أما الذكرى السعيدة فلا أرى متعة منها إلا في لحظتها، لحظتها فقط، فبمجرد تذكرك بعدم وجودها الآن فهي مأساة حقيقية، وهذا أصعب شيء يمكن أن لا يحسد عليه أحد “أن تمتلك جزءا من السعادة دون سعي منك لذلك وفجأة تنتهي دون أن تعرف سببا لذلك أيضا فهل يوجد شيء أبدي، بالطبع لا، فلا سعادة أبدية ولا حزن أبدي !!
ولكننا مع كل أسف لا نقدر على الوقوف في منطقة وسط فالواقع يفرض علينا دائما إما الأبيض أو الأسود، ولكن في أحيان كثيرة نقدر على “الاختيار
ولا اختيار أكثر راحة من “السلام”.

السلام على كل ما فات وكل ما هو آت فلا داعي أن نسقط في دائرة الذكريات فإذا نبذنا الواقع لدرجة عدم قبوله ولم يعد لدينا أي طريقة للهروب منه فالطرق كثيرة، فأحلام اليقظة وعالم الخيال يفتحان لنا أجنحة لا تنتهي، وإياك إياك والذكريات.
أما إذا كان اختيارنا بأن نترك أنفسنا في عالم الذكريات سنموت ألما من لحظات كثيرة، أكثرها شدة تلك اللحظات التي ظلمنا فيها أنفسنا أو حتى ظلمنا غيرنا وسنضيع كل لحظة مستقبلية في خبر كان حتى قبل حتى أن تأتي، ونضع كل حلم جعلنا نعيش في حكم خرج ولم يعد.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها