مساجد جابر نصار

ما الدور الذي يفترض بالمسجد القيام به في المجتمع؟ ربما تفرض الإجابة على هذا السؤال حالة الجدل التي سببها “اشمئزاز” رئيس جامعة القاهرة من صفوف المصلين في جامعته.

المسجد في الإسلام يختلف عن الكنسية في المسيحية وعن الكنيس اليهودي. فالمسجد في الإسلام هو مكان الناس لا مكان الرب فيه يجتمع الناس فيتناقشون في أمور دينهم ودنياهم، وتخرج منه الجيوش للحرب، وتجمع فيه الزكاة للفقراء، ويجد فيه الشريد مأوى من برد الشتاء وحر الصيف. والمسجد بهذا المعنى قريب من الناس، لا يختلف شكله عن شكل بيوتهم، ولا تحيط به الأسوار العالية ولا الطرقات المغلقة، ويحتل مساحة في الفضاء بعيدا عن بيوت الناس، فحيثما وجد المسلمون وجد المسجد بينهم بخلاف “دور العبادة” التي ترتفع فوق بيوت الناس وتكسوها الرسوم المُذهبة والصلبان الشامخة.

المسجد بين بيوت الفلاحين في فترة الحصاد يجمع المزارعين مع شيخهم الذين يمسك الورقة والقلم بينهم فيحسب عدد “الأردبات” التي ينبغي أن تخرج من حقل فلان ثم يميل على أذن الفلاح ناصحا باسم الفقير الذي يستحق تلك الأجولة.

والمسجد بين بيوت العمال لا يعيبه صفوف المصلين بــ “الأفرولات”  التي  تلطخها بقع الشحم، ولا يعيبه ذلك الركن في آخره حيث يترك العمال مفكاتهم ومطارقهم إلى أن تنتهي صلاتهم. فارق كبير بين مسجد رسول الله ومسجد جابر نصار المهندم المرتب المبني في مساحة بعيدة عن “سكاشن” الطلاب وقاعات محاضراتهم. مسجد رسول الله جزء من المجتمع لا يختلف شكل الناس فيه عن شكلهم في الطرقات المحيطة به فبإمكانك تخيل المسجد في إحدى ضواحي العاصمة الفاخرة في شكل قصر منيف يرتاده أصحاب الفلل والقصور، وبإمكانك تخيل نفس المسجد في إحدى قرى الدلتا وقد غطت أرضيته بقايا حبوب الحصاد. مساجدنا بيوت الناس أما مساجد نصار فقطعة في “نيش” جميل يكمل الشكل العام.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها