التعليم التلقيني

يقول مالكوم إكس ” إن التعليم هو جواز سفرنا للمستقبل، لأن الغد ملك لأولئك الذين يعدون له اليوم.

“و لأن التعليم هو الأساس في أي نهضة، لذلك يجب أن تكون له الأولوية في الاهتمام من قبل الدول. وعندما ندقق في عميلة التعليم في الوطن العربي نجد أنها تعتمد على التلقين الذي أثبت و يثبت فشله كل يوم و في كل العالم ، فطريقة التلقين تقوم على إعطاء المعلم المعلومات للطالب بشكل مباشر دون الانتباه إلى الفروقات الفردية في عملية التلقي أو دون الأخذ بعين الاعتبار أن الفرد قد يميل إلى اتجاه علمي أو فني بعينه دون الرغبة في تعلم أشياء لا يحبها، فمثلاً عندما نريد أن نتذكر الأشياء التي تعلمناها في المدارس منذ دخولنا المدرسة وحتى التخرج في الجامعة نجد أن ما تعلمناه هو جزء صغير جداً من المعلومات التي كانت قد قدمت لنا، وأن ما تعلمناه كان فقط ما رغبنا نحن فعلياً بتعلمه، وكل الأشياء التي لم نحبها لم نتعلمها.

وإن دل هذا على شيء فهو يدل على فشل التعليم التلقيني بشكل كامل، ونحن وللأسف نعتمد في عالمنا العربي على التعليم التلقيني بكل المجالات ونتجاهل تماماً أن الإنسان يميل إلى التعلم العفوي وغير المباشر، والذي يأخذ بعين الاعتبار الفروقات الفردية في عملية التلقي، فمثلاً إن دققنا على الأفراد الذين يهتمون بعالم الحيوان سنجد أن منهم من يحب أن يأخذ المعلومة من كتاب علمي، وآخر يرغب أن يأخذ معلوماته من فيديو مسجل ومصور بطريقة جميلة، ومنهم من يحب أن يتعرف على هذا العالم الجميل من خلال وجوده في أحضان الطبيعة و مراقبة الحيوانات عن كثب. حتى إننا نرى بعض المغامرين الذين يزورون غابات لم تطأها الأقدام بعد فقط ليروا الغوريلا و طريقة حياتها هناك، وفي هذه الطرق الثلاثة التي اختارها هؤلاء متعة و فائدة كبيرة جداً لا يحصل عليها من يجلس في المدرسة عشر ساعات فقط ليستمع لمدرس يعطيه معلومات جامدة منفصلة عن الواقع لا تفيده إلا في تحصيل درجات عالية. و نحن بعد ذلك نتطلع أن يخرج منا علماء وهذا لن يحصل ما دمنا نتبع نفس الطريقة التقليدية في التعليم.

فأهم علماء العالم هم الذين قرروا أن يأخذوا العلم بالطريقة التي تعجبهم و تتناسب مع قدراتهم و تطلعاتهم. فلو أجبر “أديسون” على البقاء في المدرسة و تعلم مواد لا رغبة له فيها فما كان قد اخترع شيء على الإطلاق ولربما لم يكن أكثر من موظف حكومي في ذلك الوقت.

ومن هنا تأتي أهمية مراعات الفروق الفردية، فكل طالب يجب أن تكون له الحرية منذ السنوات الأولى في المدرسة ليحدد أي المجالات يريد أن يدرس والطريقة التي يحب أن يدرس بها.

فمن يحب العلوم تقدم له كل المصادر المتاحة في المدرسة من كتب و فيديوهات و رحلات، بحيث تعطى له بقية المواد فقط للاطلاع وليس للامتحان و تحصيل الدرجات وكذلك من يحب الموسيقى او اللغة إلخ.

وهذه يجب أن تكون مهمة الأبوين أيضاً في البيت فيربى الطفل منذ البداية على اختيار الأشياء التي يحب أن يتعلمها والطريقة التي يحب أن يتلقى فيها المعلومة، ومهمة الآباء و المعلمين يجب أن تأخذ طابع التوجيه.

فنستطيع نحن في البيت أن نوجه الطفل مثلاً لاستخدام الإنترنت من أجل أن يعرف الكثير من المعلومات التي يحب أن يعرفها سواء كانت عن عالم الحيوان أو عن الأرقام و الحروف أو عن الموسيقى.

و بهذه الطريقة نختصر الكثير من السنوات التي نضيعها و نحن نتلقى معلومات لا نحبها ولن نحتفظ بها حتى للذكرى.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها