“زيدان” ناظر مدرسة لافبريكا

الآن زيزو يُكمل السياسة التي أدركها بيريز أخيرًا، الفريق دائمًا يحتاج دماء شابه في عروقه، الفريق يحتاج لاعبين لا يتذمرون عند وضعهم علي دكة البدلاء.

ليس من عادة الملكي في عهد بيريز أن يأخذ أحد أبناء لافبريكا (لافبريكا هي مدرسة الكرة في ريال مدريد وتشمل مختلف الأعمار السنية) فرصته أو بالأحري لم تنتج “لافبريكا” العديد من اللاعبين الموهوبين لإفادة الفريق الأول بالعكس فكانت وظيفتها إنتاج لاعبين يهددون مرمي الريال مثل سولدادو الذي كان يتقمص دور رونالدو الظاهرة أمام مرمي مدريد.

تغيرت السياسة مُنذ قدوم البرتغالي جوزيه مورينيو، التعاقدات أصبحت مع لاعبين واعدين أو علي بداية طريق الشهرة وليس مع لاعبين قد بنوا اسمًا وسمعة ويريدون تزيين حائط بطولاتهم باللعب لريال مدريد فقط من دون بذل الجُهد من أجل القميص.

البداية كانت مع أوزيل و ديماريا وخضيرة ثم إيسكو وخيمس رودريغيز مع كارلو أنشيلوتي، الوضع تطور فأوصي مورينيو بمنع بيع كارفخال لليفركوزن واشترط إعادته للبرنابيو والحفاظ علي موراتا، مثلما فعل كارلو مع كاسيميرو.

الآن زيزو يُكمل السياسة التي أدركها بيريز أخيرًا، الفريق دائمًا يحتاج دماء شابه في عروقه، الفريق يحتاج لاعبين لا يتذمرون عند وضعهم علي دكة البدلاء، لاعبين يعلمون أن مُجرد اللعب في البرنابيو شرف يستحق القتال، لاعبين يحتاجهم ريال مدريد لأنهم ببساطة أبنائه.

حقيقة الأمر لا أعلم إذا كانت ” لافبريكا” قد تألقت مؤخرًا وأنتجت أمثال فاسكيز وناتشو وخيسي وماركوس يورنتي أم الفرصة التي أُتيحت لهم هي سبب ظهورهم، علي كل حال استمرار الريال ليس في الاعتماد علي أشباله فقط بل والتعاقد مع من هم دون العشرين من خارج النادي مثل أسينسيو وفاييخو .

تبقت حلقة ناقصة فإضافة لاعبين من أبناء النادي لا لمُجرد التغني بدور ريال مدريد في تقديم مواهب للعالم ولكن مُشاركاتهم الفعلية في الملعب لا تقل أهمية عما سبق، وبالفعل زيزو جعل لوكاس فاسكيز اللاعب رقم 12 في تشكيله،  فهو البديل الأول في خط الهجوم وأحيانًا في خط الوسط، نعم و كمدافع أيمن أيضًا!
لوكاس فاسكيز لم يخيب الآمال ورد الجميل بأداء رجولي وفني من الدرجة الأولي لدرجة جعلت مُتابعي الكرة يطالبون به أساسيًا علي حساب بيل، ولكن حدث التسلسل الذي كان يخشاه الجميع، حيث بدأ فاسكيز في مُحاولة لتخطي الدور المرسوم له في الفريق.

أصبح لوكاس يحاول أن يقوم بما يقوم به رونالدو، حاول أن يلعب دور البطولة، قد يجد الكثيرون أن هذا طبيعي ولكن دور البطولة في نادي يُصفر جمهوره علي هدافه التاريخي أمر صعب نوعًا ما، أليس كذلك يا لوكاس؟!
قد يُفسر البعض هذا بقلة موهبة فاسكيز وأنه مُجرد مؤدي فقط، بالطبع لا فليس بلاعب عادي أو متوسط من يُغامر في أول مواسمه  مع ريال مدريد بتسديد أول ضربة جزاء في نهائي دوري أبطال أوروبا ولكن ما يعيب لوكاس حقًا هو مُحاولة اللعب علي أكبر من إمكانياته.
لتقريب المثال، أرون رامزي، لاعب مستواه قد يكون من الجيد إلي الجيد جدًا كلاعب وسط ميدان ولكنه أحيانًا يتقمص دور إنيستا فيُصبح فلاميني، تلك هي المُشكلة.

لوكاس جناح أيمن  مُمتاز  يُجيد المرور وإرسال العرضيات والمُساندة الدفاعية ولكنه مؤخرًا حاول أن يُصبح هدافًا وهذا بالبساطة خارج إمكانياته وبالتالي يظهر سيئًا بشكل أكبر من الطبيعي ومحاولته لتصحيح خطأه تنتج بمحاولة لابتكار مهارة جديدة وبالتالي يُخطئ مُجددًا حتي يُطالب الجمهور بإبعاده خصوصًا مع ترسانة اللاعبين الموجودة في العاصمة الإسبانية.

علي النقيض ناتشو، ناتشو الذي قضي مُعظم سنينه في مدريد في الصور الرسمية للفريق أكثر مما قضاها علي العُشب، المُثير أنه ورغم ذلك ورغم جنسيته الإسبانية التي قد تُجبر المُدربين علي إعطاءه الفرص رغمًا عنهم تجنبًا لنقد الصحافة المُتعصبة لم يفتعل يومًا مُشكلة ولم يعترض علي قرار المُدرب  أيًا من كان.

ناتشو الذي يلعب في كل مراكز الدفاع يمتاز بالشيء الذي يجب علي فاسكيز التحلي به، ناتشو يعلم أنه لن يكون راموس وبالتالي يحاول أن يكون ناتشو جيد جدًا فقط، يلعب السهل وبدون فلسفة لا يضع نفسه في مشاكل و جاهز تحت أمر المُدرب في كل مراكز الدفاع تقريبًا بنفس الكفاءة.

الشيء الأكثر أهمية في ناتشو و الذي لا يتواجد غالبًا في كبار لاعبي العالم أنه ثابت المستوي الجيد دائمًا رغم أنه ليس خارقًا ولكنك كمُدرب مطمئن أنه جيد اليوم وغدًا والعام القادم ليس بيكنباور اليوم ووودجيت غدًا.
ناتشو الذي يُعد رابعًا في ترتيب مُدافي الريال هذا الموسم لعب 26 مُباراة في الليجا.

مُبارة بايرن ميونخ في الأليانز أرينا هذا الموسم هي خير مثال علي تحكم زيدان في التفاوت ما بين ناتشو وفاسكيز، بيبي وفاران مُصابان وراموس علي بُعد إنذار من إيقاف مُباراة العودة، تلك الظروف من الأساس كفيلة بجعل ناتشو يرتبك ويخطئ ولكن النتيجة هي فرصة وحيدة للبايرن في ملعبه.

في نفس المُباراة فوجئ المُعظم بخروج لوكاس فاسكيز من قائمة البدلاء ودخول ماركو أسينسيو بدلًا منه، أسينسيو الذي يعلم الكُل أنه موهوبًا أكثر من لوكاس ومع ذلك كانوا يُطالبون بلوكاس مُعظم فترات الموسم  ولكن قرار زيدان كان مدعومًا بأداء فاسكيز مؤخرًا من ناحية ومن ناحية أُخري هو رسالة مُشفرة له أن يعود لصوابه قبل فوات الأوان.

 ريال مدريد علي مدار السنين يمتلك في الغالب 11 لاعبًا بينهم الأفضل في العالم ولكن في كثير من الأحيان يفسد الموسم بسبب الفشل في إيجاد لاعب يعوض غياب آخر أساسي، المشروع الذي بدأه النادي منذ فترة جعلنا نصل إلي وقت يُنافس فيه الريال علي لقب الليغا في الأسبوع الـ 33 وزيدان يُقرر بالدفع بالتشكيلة البديلة كاملًة ، ببساطة لأنه قام بتجهيزهم جميعًا..

المُميز في ريال زيزو أنه مدريدي جدًا، فالمُدرب أسطورة مدريدية والفريق يضم هدافه التاريخي رونالدو الذي  تشعر وكأنه مولود في حي الشامارتين  وراموس الذي أتي مُراهقًا مُنذ 12 عامًا أصبح الآن قائدا للفريق وجينات مدريد في قلبه والبقية مثل بيبي ومارسيلو الذين أكملوا عقد بين جدران البيت.

مع كل هذا يضم النادي من تربوا به حقًا، من يعلمون ماذا يعني شعار ريال مدريد؟ من ابتسم لهم الحظ ليشربوا فن القيادة والتفاني من رونالدو وراموس ليصبحوا مثلهم يومًا ما.
كل ما يجب علي زيزو فعله معهم الآن هو إبراز ناتشو الذي بداخلهم و إخماد نصف فاسكيز السيئ  الذي من المُمكن أن ينتقل لأحدهم.

 

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها