أبو تريكة .. لنسكب المزيد من الحبر

نجم الأهلي السابق والمنتخب المصري محمد أبو تريكة

أن تكون محمد أبو تريكة .. فهذا شيء مختلف!!

أن تكون بطلا داخل بلدك، أيقونة في الخارج، واحدا من المعدودين في تاريخ المجال، حاصلا علي بطولات قارية مع ناديك ومنتخبك، شاركت في محافل عالمية (الأولمبياد – كأس العالم للأندية – كأس القارات) بل وحصلت علي معظمها، كل هذا رائع.

لكن أن تكون “محمد أبو تريكة” فهذا شيء مختلف!!

حسنا،  سنسكب الكثير من الحبر المعتاد عندما نتحدث عن أمير القلوب، الإسهاب هنا في الكلمات سيكون في محله تماما، من دون أدنى مبالغة.

أبو تريكة ليس مجرد ألقاب، فهناك العديد من نفس الجيل حقق ألقابه نفسها أو فاقها، لكن كان دائما لتريكة مكانه مختلفة، لا أعلم لماذا، لكنه من النوعية نادرة الوجود حاليا التي يطلق عليها – بالعامية – (ربنا محبب فيه خلقه) !!

كم من مرات أسعد فيها جمهور الأهلي المصري، صال وجال وفعل الكثير والكثير في أعتى المنافسين وأضعفهم، أرهق الكثيرين يمينا ويسارا، كانت له الغلبة دائما في كل الميادين، حتى قارعت الجماهير المصرية بينه وبين أفضل من انجبت الساحة الكروية في مصر، والمقصود هنا الكبير محمود الخطيب (بيبو).

وعندما ارتدى قميص بني ياس الإماراتي، أتى للفريق بأهم بطولة في تاريخه (كأس أندية الخليج) ولم يبخل علي أشقائنا الإماراتيين بأي جهد أو لمحة فنية أو مهارة أو ذكاء كروي.

ومع المنتخب المصري، ساهم في إعلاء راية وطنه في ستاد القاهرة وأنغولا وجنوب افريقيا (كأس القارات) كان البطل في مشهدي النهاية في بطولتي افريقيا 2006 – 2008، وصيحات عصام الشوالي لم تتوقف وهو يتلاعب بدفاعات ووسط البرازيل في أفضل مباريات المنتخب المصري عبر تاريخه الكروي القديم والحديث، وعند ضياع صوت الكاديكي وهو يصيح (مصر .. مصر) كان أبو تريكة يرسل الركلة الركنية على رأس محمد حمص ليسجل في مرمي أفضل حارس في تاريخ الكرة (جيانلويجي بوفون) ويعلن انتصارا مصريا علي أبطال العالم إيطاليا.

وفي أولمبياد لندن 2012، كانت المشاركة الثانية لتريكة في المحفل الأعظم كرويا بعد مشاركة أولى عام 2000 في سيدني لم يشارك فيها كأساسي، قدم أداءً رائعا أمام نجوم السامبا ثانية رفقة محمد صلاح وعماد متعب وأحمد فتحي، وساهم بشكل فعال في التأهل للدور الثاني بعد تسجيل هدفين بمرمي البرازيل وبيلاروسيا.

هل تعلم أن أبو تريكة حاصل علي كأس العالم العسكرية مع المنتخب المصري العسكري عام 2005؟

أفضل لاعب أفريقي حسب هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي لعام 2008، ثاني أفضل لاعب أفريقي بعد إيمانويل أديبايور التوغولي في العام نفسه حسب الكاف، أفضل لاعب داخل قارة أفريقيا لأربع مرات ( 2006 – 2008 – 2012 – 2013 )، أفضل لاعب في مصر لخمس مرات ( 2004 – 2005 – 2006- 2007 – 2008 )، برونزية كأس العالم للأندية 2006 وهداف البطولة بثلاثة أهداف، واحد من أفضل لاعبي كأس العالم للأندية في تاريخ البطولة حسب اختيار الفيفا، وسام الجمهورية من الطبقة الأولى، مصنف كواحد من أساطير كرة القدم في تاريخها حسب موقع الفيفا للإحصاء، أفضل هداف في تاريخ بطولة دوري أبطال أفريقيا بـ33 هدفا، حسنا، لقد كلت يداي من الكتابة في إنجازاته، فلا يزال هناك الكثير !!

لكن، وبعيدا عن كل تلك الألقاب، من منا ينسى قميص (تعاطفا مع غزة)؟ من ينسي تقبيله للشارة السوداء ودموعه علي صديقه الراحل محمد عبد الوهاب بعد تسجيله هدفا من ضربة ثابته في مرمي الصفاقسي التونسي الشقيق؟ من ينسي إصراره علي المشاركة أمام الإسماعيلي وفريقه متأخر بثلاثية لكي يحاول تعديل الكفة لولا وجود إنسان راق ورائع علي رأس الجهاز الفني اسمه مانويل جوزيه آثر سلامة اللاعب علي محاولة معادلة كفة اللقاء؟ من ينسى تحركه بعفوية بعد تسجيل آخر ركلة ترجيح في نهائي أفريقيا أمام كوت دي فوار والتفاجؤ بعصام الحضري يركض نحوه للاحتفال؟

اذكر لي اسم لاعب غير تريكة من الممكن أن يركض بكل تلك السرعة والقوة والثقة بزميله زيدان في هدفه ضد الكاميرون في نهائي 2008؟ اذكر لي اسم لاعب غير تريكة من الممكن أن (يموه) بجسده أمام عبد المنصف في هدفه الشهير ضد الزمالك؟ هل تعلم لماذا لقبوه بزيدان العرب؟ هل تذكر هدفه الرائع في مرمى سيدني الأسترالي والذي اختير كأفضل هدف في تاريخ بطولات كأس العالم للأندية؟ هل حضر لذهنك عند رؤيته هدف زيزو الشهير في مرمي الإنجليز في يورو 2004؟ هل سمعت صوت التصفيق الحاد في الكويت الشقيقة عند نزول تريكة لأرض ملعب يحمل نجوم عالميين واسطوريين وقفوا ليحيوه بدورهم؟

قليلا ما تحظي أمة ببطل، في أمريكا يحاولون صناعة الأبطال حتى وان كانوا وهميين، الرجل الوطواط والرجل العنكبوت وغيرهم، لكنك في مصر لديك بالفعل بطل أسطوري ولكنه واقع ملموس، بطل لا تكاد الكلمات تصف القليل مما قدمه لإسعادنا وإسعاد تلك المدينة العامرة بالحب لذلك البطل العالمي.

لا تنسوا من هو أبو تريكة يا سادة، فهناك دول عظمى تحارب وتناضل لتصنع شخص مثله، فلا تفعلوا العكس !!

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها