الإسلاميون في السلطة أكثر ديمقراطية من العلمانيين

قد يستغرب كثير من المتلقين هذا العنوان  ولاسيما خصوم الإسلاميين ويسخرون منه، ولكن أنا أدعوهم لقراءته بتجرد وبموضوعية وبعيداً عن الأهواء والعصبيات.

قبل الولوج إلى متن الموضوع لا بد من تعريف الديمقراطية – وهذا النظام بات معروفاً لمعظم الناس- ومنهجها حتى تكون المعيار الحقيقي لمن يطبقها :

الديمقراطية هي شكل من أشكال الحكم يشارك فيها جميع المواطنين المؤهلين على قدم المساواة إما مباشرة أو من خلال ممثلين عنهم منتخبين في اقتراح وتطوير، واستحداث القوانين.

وهي تشمل الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تمكّن المواطنين من الممارسة الحرة والمتساوية لتقرير المصير السياسي.

واعتبرت الأمم المتحدة أن الديمقراطية من الأسس التي تقوم عليها حقوق الإنسان وضمنت لهم حق الانتخابات ونزاهتها وشملت جميع أفراد الدولة بغض النظر عن عرقهم أو مستواهم الاقتصادي والاجتماعي أو جنسهم والمساواة بين الجميع في الحقوق مثل حق التعبير عن الآراء. كما ضمنت حرية الانتماء للأحزاب ووجود البرلمانات، وفصل السلطات، والحق في الوصول للسيادة والترشح لها، وأن يكون الأساس الذي تُبنى عليه الحكومة هو تنفيذ حاجات الشعب ورغباتهم بما لا يتعارض مع مصلحة البلد.

وبناء على ما تقدم نرى أن ثمة أحزاب إسلامية قبلت في اللعبة السياسية، ودخلت ميدان البرلمانات والانتخابات، ونذكر أهم هذه الأحزاب في العصر الحديث وهي:

حزب جبهة الانقاذ في الجزائر، وحزب النهضة في تونس، وحزب التنمية والعدالة في تركيا، وحزب الإخوان المسلمين في مصر وسوريا.. إلخ.

وسأقف عند نموذجين قد وصلا إلى سدة الحكم وهما النموذج التونسي والنموذج التركي.

وقبل الحديث عن النموذجين نقول إن خصوم الإسلاميين قد دأبوا على شيطنتهم ووصمهم بالتخلف والتزمت والإقصاء والإلغاء للآخر، علماً أن الإسلاميين لم يُجربوا ولم يُسمح لهم بالوصول إلى السلطة كما حصل ذلك في الجزائر في تسعينيات القرن الماضي؛ ولكن بعد كفاح ونضال سلميين استطاع حزب النهضة الوصول إلى الحكم بعد ثورة الياسمين.

والآن كيف كان حكمه وممارساته هل كمم الأفواه وصادر الحريات وعاث فساداً.

باختصار كل من تابع وراقب سياسته وإدارته في إدارة دفة الحكم يجد أنه لم يضيق على الحريات، ولم يسع لإلغاء وإقصاء معارضيه العلمانيين وهذا مربط الفرس في حديثي-فأنا لا أتحدث عن إنجازاته وإخفاقاته في الاقتصاد مثلاًلم يضيق على فتاة في لباسها كما يفعل العلمانيون الديمقراطيون في الدول العربية والغربية مع المحجبات، ولم يغلق خانة خمر، ولم يغلق مقصف ولم يغلق ملهى، وفي نهاية المطاف تخلى عن الحكم بل عن حقه بكل سلاسة وحضارة ورقي وتراجع قليلاً إلى الصفوف الخلفية في السلطة.

وإذا ما تحولنا إلى حزب التنمية والعدالة في تركيا بعد خمسة عشر عاماً نجد أن التجربة أكثر وضوحاً وجلاءً من التجربة التونسية لأنها أعرق وأقدم .

لم يضيق الحزب على أي مواطن معارض له من النواحي التي كان يتخوف منها خصوم الإسلاميين .

من يذهب إلى تركيا يجد نفسه أنه في دولة أكثر ممارسة للديمقراطية من أوربا وهذا الكلام لافيه شطط ولا مغالاة.

فحزب التنمية والعدالة – كحزب النهضة وإن كان هو سابق لها- لم يتعرض لفتاة لبست ما شاءت وفعلت ما شاءت ولم يغلق النوادي والحالات والملاهي؛ وإنما فتح المجال للشعب المحافظ – الذي هو جزء من الوطن والدولة – لممارسة حقوقه ، فسمح ببناء الجوامع، وحرية العبادة، وبإطلاق اللحى، وبارتداء الحجاب فضلاً عن ذلك أنه طور الاقتصاد بطريقة مدهشة ومذهلة وذلك بسبب نظافة يده، فالإسلاميون عندهم مبادئ الحلال والحرام التي يفتقدها بعض العلمانيين ويتفاخرون بها من حيث بعدهم عن الدين .

بعد هذه الإطلالة الموجزة على نموذجين إسلاميين ألا يجدر بنا أن نقلم أظفار تطرفنا اتجاه من يخالفنا في الرأي وفي المنهج ونعترف له بحق العيش بالطريقة التي يرتئيها، وفي أحقيته في السلطة إذا ما وصل إليها عبر صناديق الاقتراع.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها