لماذا فلسطين أولا؟

فلسطينيون يحرقون ملصقات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب خلال احتجاج على قرار الولايات المتحدة الاعتراف بالقدس عاصمة إسرائيل
فلسطينيون يحرقون ملصقات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب خلال احتجاج على قرار الولايات المتحدة الاعتراف بالقدس عاصمة إسرائيل

ترى اليوم الوطن العربي متفتت رغم أن له دين واحد ولغة واحدة وتاريخ واحد وله أمانة تمكين المشروع الإسلامي الواحد (وأن هذه امتكم أمة واحدة) ولايزال منقسما

قد يلوم البعضُ البعضَ الأخر الحماسة الزائدة نحو فلسطين وخاصة نحن الجزائريين فحقيقة ليست حماسة زائدة وانما عمق الادراك الحقيقي للخطر المحدق بفلسطين والأمة الإسلامية، فعندما يرى مساعدات تذهب لإخواننا في فلسطين يقولون أبناء وطنك بها أولى، حقيقة من يهتم بأبناء فلسطين مستحيل أن ينسى أبناء وطنه ولكن النظرة القصيرة لهؤلاء من غاية المساعدات لأهلنا في فلسطين هو ما جعلهم يطرحون هذا التصور، لكن نوعيهم بحجم الخطر بأوطاننا أولا ثم فلسطين ثانيا.

فالهدف من المساعدات هو أن تبقى فلسطين عاصمة الخلافة الإسلامية وأنها مركز الصراع في العالم اليوم و محل تكالب الغرب و أوربا عليها وعلى دول الوطني العربي والإسلامي، والذي قد يغيب على كثير من شبابنا اليوم المؤتمرات والمقررات التي ترسم لأجل الإطاحة بنا.

وأذكر مثلا مؤتمر خطير عُقد عام 1907 ترأسه رئيس وزراء بريطانيا آنذلك كامبل بنارمان مع  7 دول أوربية و أبلغهم أن نهضة الدول الأوربية في تراجع وأعلم أن لنا خلافات وتنافسات ولكن هل ترضون بالزوال أم نترك خلافاتنا ونبقى في القمة؟  فأجابوا بالإجماع إننا نريد أن نبقى في القمة، وكان قد قسم عليهم خريطة الوطن العربي  وأضاف أنه سيحل محلنا إن تركناه ينهض، لأنه يملك كل مقومات النهضة و لديه المواد الخام التي نحتاجها نحن في نهضتنا، وقد صرح  بها رئيس أمريكي سابق في كتاباته بطريقة أخرى حين قال جئنا لنصلح خطأ الرب بأن نأخذ الثروات الباطنية التي أعطاها للعرب، وأضاف كامبل بنارمان أن الوطن العربي يحتاج الى شيء واحد فقط للنهوض بنفسه فهو يحتاج إلى قيادة صالحة للنهوض بنفسه دون أي صعوبات، ، فقالت الدول المشاركة في المؤتمر ماذا نفعل؟   فخرجوا بمقررات تمثلت في ثلاث نقاط:

1- يجب زرع جسم غريب في الوطن العربي يفصل المشرق العربي عن المغرب العربي.

2- أن يكون ولاء هذا الجسم الغريب  للغرب حتى يأتمر بأمرهم.

3- وأن يجعل المنطقة في حالة لا توازن لأن التوازن يعني الاستقرار وبالتالي النهوض.

فترى اليوم الوطن العربي مفتت رغم أن له دين واحد ولغة واحدة وتاريخ واحد وله أمانة تمكين المشروع الإسلامي الواحد (وأن هذه امتكم امة واحدة) ولايزال منقسما، ومن جهة أخرى ترى الغرب باختلاف مذاهبهم ولغاتهم ولكن توحدوا على شيء واحد هو الإطاحة بمشروع العرب المشروع الإسلامي الذي قال كذلك كامبل بنارمان إن الوطن العربي له أربع منافذ يستطيع ان يخنق بها العالم كله هي: مضيق هرمز-قناة السويس – باب المندب – مضيق جبل طارق.

وبعدها جاء اليهود بقيادة حاييم وازمنت إلى بريطانيا وألمانيا وغيرها وأخبروهم أنهم قرأوا مقرراتهم فقالوا لهم لم لا نكون نحن ذلك الجسم الغريب ووافقوا على شروطهم بإنشاء دولة اسمها إسرائيل وهي في الحقيقة كيان خرافي للصهاينة مقابل أن يعطوا اليهود كل ما يريدون فلذلك كان أي مساس بالكيان الصهيوني هو فسح المجال لنهضة الوطن العربي وبالتالي مساس بالدول الأوربية، ونحن فأي مساس بفلسطين فهو مساس بأوطاننا العربية والإسلامية وعرقلة نهوض أمتنا وتمكين مشروعنا الإسلامي ولهذا ففلسطين أولا.

وقد ذهب اليهود من قبل بقيادة تيودور هيرتزل الى السلطان العثماني عبد الحميد الثاني وأغروه بالمال ولكنه رفض رحمه الله وكان يدرك قيمة فلسطين وموقعها في الوطن الإسلامي ومدى تأثيرها على المنطقة في زعزعة الاستقرار والنهوض بالأمة فقال : (لا أستطيع تشريح الأمة الإسلامية وأنا على قيد الحياة لأن فلسطين جزء من امتي) فذلك الكيان الصهيوني هو كالأفعى المسمومة التي أحكمت قبضتها على الوطن العربي.

ولفك قيود الوطن العربي لابد من قطع رأس الأفعى الموجود في فلسطين حتى نتحرر من قبضة الغرب العنصري المتوحش ونعيد خلافتنا الإسلامية التي عاصمتها فلسطين – يرونه بعيدا ونراه قريبا – وهذا لم يكن يوما غائبا عن أجدادنا رغم وطأة الاستدمار الفرنسي فقد أسسوا مع اندلاع حرب 1948 الهيئة العليا لإعانة فلسطين ترأسها العلامة البشير الإبراهيمي وجهزوا المساعدات و100 مجاهد للجهاد في فلسطين ومظاهر التضامن كثيرة جدا، فالوعي بخطر الصهيونية على أوطاننا لا على فلسطين فقط فقد قال في هذا الشأن الشيخ البشير الإبراهيمي: أيها العرب، إن قضية فلسطين محنة امتحن الله بها ضمائركم و علمكم و أموالكم ووحدتكم، و ليست قضية فلسطين لعرب فلسطين وحدهم، إنما هي للعرب كلهم … وليست تنال بالهوان والضعف وليست تنال بالشعريات و لا بالخطابات، إنما تنال بالتصميم و الحزم والاتحاد و القوة .

إن الصهيونية وأنصارها مصممون، فقابلوا التصميم بتصميم أقوى منه وقابلوا الاتحاد باتحاد أقوى منه، وكونوا حائطا لا صدع فيه وصفا لا يرقع بالكسالى.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها