المهارات اللغوية وعلاقتها بالتحصيل الأكاديمي

يهدف تعليم اللغة منذ الصغر إلى تمكين الطفل من التعرف على أدوات المعرفة عن طريق تزويده بالمهارات اللغوية الأساسية في القراءة والكتابة والتعبير.

إن أيَّ مجتمع ينشد التقدّم والرفعة والرقي، ويبحث لنفسه عن مكان مميّز في هذا العالم الفسيح المترامي الأطراف؛ لابد وأن يحسنَ العناية بلغته القومية، ويعملَ جاهداً بما أوتي من علم وبصيرة على تذليل الصعوبات والعقبات التي تعترض مسيرة تعليمها وتدريسها للأجيال المتتابعة. تعد اللغة من أهم وسائل التواصل والتفاهم بين الإنسان وبيئته لأنها وسيلة إرسال مثلى لبني البشر، وهي الأساس الذي تعتمد عليه التربية من جميع النواحي، كما يعتمد عليها كل نشاط يقوم على منفعة الإنسان سواء كان ذلك عن طريق التحصيل والفهم أو عن طريق التعبير.

فاللغة هي أكمل ما توصل إليه الإنسان من وسائل التفاهم؛ نظرا لما تمتاز به من اليسر والوضوح ودقة الدلالة، والقدرة على التعبير والإبانة عن كل ما يجول في الخاطر ويجيش في النفس من ألوان العواطف والوجدان.

ويهدف تعليم اللغة منذ الصغر إلى تمكين الطفل من التعرف على أدوات المعرفة عن طريق تزويده بالمهارات اللغوية الأساسية في القراءة والكتابة والتعبير، ومساعدته على اكتساب عاداتها الصحيحة والسليمة، ولقد اهتمت جميع الدول بتعليم لغاتها منذ أقدم العصور، وأولت اهتماما كبيرا بتدريسها وتعلمها؛ لأن اللغة هي الوسيلة الأولى التي تؤدي إلى تحصيل المعرفة الإنسانية وتكوين الخبرة وتنميتها.

إن اللغة بالنسبة للطفل هي الأداة التي يعتمد عليها في الاتصال بالبيئة وكسب الخبرات المباشرة ومتابعة عملية التحصيل العلمي والدراسي، ولا يتأتى ذلك إلا من خلال المدرسة التي يتوفر فيها المعلم الناجح في دوره بتعليم اللغة للمتعلمين. وقد دلت تجارب المربين واختباراتهم على أن فشل التلاميذ وإخفاقهم في الدراسة راجع إلى ضعف مستواهم في اللغة وعجزهم عن فهم المادة المكتوبة، وهذا يدل على أن اللغة عنصرا جوهريا وأساسيا في عملية التعلم، وعن طريقها يتعلم الإنسان ما يريده من العلوم.

ولذلك فإن اكتساب المهارات اللغوية السليمة يساعد المتعلم على التعلم، وتعد مهاراتي القراءة والكتابة من أهم المهارات الأساسية التي تساعد المتعلم على التعلم في مراحله الأولى، حيث تؤدي الصعوبات في القراءة مثلا إلى فشل التلميذ في فهم المواد الدراسية الأخرى؛ لأن النجاح في كل مادة يستوجب قدرة التلميذ على القراءة، كما أن مهارة الكتابة تستلزم العديد من القدرات والمهارات الأخرى، ويمكننا القول: إن القراءة والكتابة هما الطريق إلى التعلم الفعال، ولذلك يجب على الجميع التكاتف والتعاون فيما بينهم لتقوية وتدعيم تلك المهارتين القراءة والكتابة – وربطهما بالمهارات اللغوية الأخرى حتى تكتمل الشخصية.

والتحصيل الدراسي ليس مؤشرا على التفوق العقلي ومعدلات الذكاء فحسب، بل يعتبر دليلا على توازن الشخصية والنجاح في عمليات التكيف السلوكي، وهذا التكيف يقوم على استخدام الفرد لمهاراته اللغوية المتعددة وخاصة ما يتعلق بالقراءة والكتابة. ولعل البعض يتساءل الآن: هل بالفعل هناك علاقة بين المهارات اللغوية والتحصيل الأكاديمي لدى التلاميذ؟

يمكننا الإجابة عن هذا السؤال بقولنا: إن اكتساب المهارات اللغوية بصورة صحيحة يؤدي إلى اكتساب تحصيل دراسي عال، وهذا ما أشارت إليه العديد من الدراسات والتجارب والأبحاث التي تناولت هذه القضية في العديد من بلدان العالم، فاللغة ليست أداة للتواصل فقط ولا أسلوب للتعبير عن المشاعر والأحاسيس فحسب؛ ولكنها مفتاح التعلم، ومن خلال الاهتمام بها وتعليمها بالصورة السليمة للتلاميذ يمكننا العمل على زيادة التحصيل الدراسي لهم.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها