التعلم القائم على المشروعات

يتسم العالم الذي نشهده الآن بسرعة التغير والتطور بصورة ملحوظة،  وأصبح العصر الذي نعيشه الآن يتسم بالانفجار المعرفي والتطورات التكنولوجية المتسارعة،  ولا شك في أن عمليتي تعليم وتعلم الطلاب وإعدادهم للعيش والتكيف في هذا المجتمع السريع التغير والتطور والنمو يتطلب من جميع المعنيين والمهتمين بعمليتي التعليم والتعلم أن يراجعوا ويقيموا بشكل مستدام العمليات والآليات والأنشطة والاستراتيجيات التي من خلالها  يتم تعليم الطلاب وإكسابهم المعارف والمهارات والخبرات والقيم المختلفة وغيرها.

كما يجب أن يعملوا على مساعدة الطلاب على التكيف مع هذا المجتمع السريع التغير من خلال إتاحة الفرصة الكاملة أمامهم للتعلم النشط الذي يتمركز حولهم لا حول المعلمين،  وأن يدربوا الطلاب على كيفية أن يكونوا مسؤولين عن عملية تعلمهم بأنفسهم،  وكذلك على استشعار واكتشاف التحديات والمشكلات المختلفة وكيفية التعامل معها وحلها بأنفسهم.

هنا لابد من معرفة نقاط القوة والنقاط التي تحتاج إلى تحسين وتطوير لدى الطلاب،  وكذلك لابد من احترامنا لطرائق تفكير الطلاب وضرورة الكشف عن طاقاتهم وإمكاناتهم الكامنة واستثمارها بصورة صحيحة من خلال توجيهها إلى الطرائق التي تجعلهم قادرين على التفكير بمختلف أنواعه بما يجعلهم متعلمين منتجين وفعالين وقادرين على الإبداع والابتكار،  والتكيف مع المجتمع الذي يعيشون فيه.

ويعتبر التعلم القائم على المشروعات أحد الاستراتيجيات التعليمية المهمة التي تهدف إلى الربط بين مجال التعليم المنهجي والنمطي ومجال التعليم التطبيقي والميداني،  ومن أبرز سمات هذا النوع من التعليم أنه يدعم قدرات الطلاب ويعمل على توظيف مهاراتهم الشخصية وإمكاناتهم المختلفة في التعامل مع المناهج المختلفة بصورة تبدو أكثر استقلالية بالنسبة لهم.

وقد اهتم في الآونة الأخيرة الكثير من علماء ومختصي التربية والمعنيين بالعملية التعليمية بهذا النوع من التعليم نظرا لما وجدوه من فوائد ومنافع ملموسة تعود على الطلاب من خلاله،  ويمكننا القول: إن التعلم القائم على المشروعات يجعل الطالب نشطا ومسؤولا عن عملية تعلمه،  لا متلقيا فقط لما يعطى ويقدم له من معلومات،  ولامخزنا لتلك المعلومات لاسترجاعها في ورقة الاختبار فحسب،  وبعد ذلك تفقد هذه المعلومات بمجرد الخروج من قاعة الامتحان!

ومن أبرز سمات التعلم القائم على المشروعات أنه يساعد المعلمين والمعلمات في عملية تقييم الطلاب والكشف عن مواهبهم ومهاراتهم وقدراتهم الشخصية من خلال إجراء الطلاب للمشاريع المختلفة وتفعيل عمليات البحث والتفكير العلمي، وتكمن فلسفة إستراتيجية التعلم القائم على المشروعات في كيفية ربط التعليم بواقع واهتمامات واحتياجات الطلاب الفعلية، وكذلك كيفية إحداث التفاعل الإيجابي والمثمر بين الطالب ومجتمعه وبيئته المحيطة.

ويجب أن نجعل الطالب مركزا للعملية التعليمية داخل حجرات الدراسة وخارجها،  وتقديم تعليم يستند على قدرات وإمكانات وخصائص نمو الطلاب بصورة علمية سليمة،  وفي هذا النوع من التعليم يكون دور المعلم بمثابة الموجه والمرشد والميسر للعملية التعليمية لا المسيطر على الموقف التعليمي وحده،  وهنا يجب أن يدير المعلم الموقف التعليمي بطريقة ذكية وديمقراطية، ويدير المناقشات بطريقة سليمة،  ويصمم المواقف التعليمية والأنشطة المختلفة بطريقة شائقة ومثيرة للطلاب.

أما عن دور الطالب وفقا لهذه الاستراتيجية فنجد دوره يتمثل في كونه مشاركا فعالا وإيجابيا ونشطا يقوم بالعديد من الأنشطة التي تتصل بالمادة التعليمية التي يقدمها له المعلمون؛ فالطالب هنا يفكر ويبحث ويكتشف ويعمل ويسأل الأسئلة ويفرض الفروض ويقرأ ويكتب ويناقش ويقوم بإجراء التجارب وغير ذلك من أنشطة ومهام مختلفة.

وهناك العديد من الأشكال والصور للتعلم القائم على المشروعات،  ومنها: تكليف الطلاب بالمشروعات البنائية وهي المشروعات التي تعتمد على الأفكار الجديدة وغير المألوفة غالبا أو المشروعات التنظيمية أو المشروعات الأكاديمية التي ترتبط بخطط التدريس وتكليفات الكتاب المدرسي ونظام التقييم.

وختاما نقول: إننا من خلال تطبيق هذا النوع من التعلم نستطيع الوصول لمنتج تعليمي متميز قادر على المشاركة والعمل بروح الفريق الواحد،  ولديه القدرة على الابتكار والإبداع والمنافسة في هذا العصر الذي نعيشه،  والذي دأب الكثيرون على تسميته عصر العولمة.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها