التوظيف السياسي للجوائز الدولية: طارق عامر نموذجا

محافظ البنك المركزي المصري
طارق عامر محافظ البنك المركزي المصري

ارتفع الدين المحلي المصري الداخلي والخارجي إلى أرقام قياسية، إذ وصل إلى 79 مليار دولار في نهاية يونيو/حزيران 2017، بزيادة قدرها 31.21 مليار دولار، وبنسبة زيادة بلغت 65.3%.

بعد أن قال: “الدولار هيبقى بـ 4 جنيه”، فأصبح بعد التعويم بـ 18 جنيه، حصل طارق عامر على “جائزة أفضل محافظ بنك مركزي عربى لعام 2017.

وسلم رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري محافظ البنك المركزي طارق عامر الجائزة خلال المؤتمر السنوي لاتحاد المصارف العربية في العاصمة اللبنانية بيروت أول أمس الخميس.

وقال الأمين العام لاتحاد المصارف العربية: يعتبر محافظ البنك المركزي المنسق الرئيسي لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تم الاتفاق عليه مع صندوق النقد الدولي، والقوة الدافعة لإصلاح نظام سعر الصرف الذي ساهم بشكل محوري في وضع الاقتصاد المصري على مسار مستدام واستعادة ثقة المستثمرين الأجانب، والتزامه بتطبيق سياسة نقدية رشيدة تتضمن أهداف واضحة للتضخم، وقد أدّى البرنامج في فترة قصيرة إلى استعادة الاستقرار المالي و ضبط السياسة النقدية و انتظام الأسواق واستعادة الاقتصاد نشاطه كما أدّى إلى تعاظم الاحتياطيات الدولية.”

وكان عامر قد تسلم الشهر الماضى جائزة أفضل محافظ لعام 2017 فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريفيا، خلال مشاركته في الاجتماع السنوى لصندوق النقد والبنك الدولي بالعاصمة الأمريكية واشنطن.

عين طارق عامر محافظا للبنك المركزي المصري في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، وتتلخص أبرز الأسباب التي منح عامر الجائزة على أساسها في: ارتفاع الاحتياطي النقدي من ١٩.٦ مليار دولار، منذ تولى طارق عامر، إلى ٣٦.٧ مليار دولار، وتحرير سعر صرف الجنيه، وقيادة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، للحصول على قرض الـ١٢ مليار دولار، والعمل على كبح جماح التضخم.

فماذا على أرض الواقع؟ ارتفع الدين المحلي المصري الداخلي والخارجي إلى أرقام قياسية، حيث بلغ الدين الخارجي 47.79 مليار دولار بنهاية ديسمبر/ كانون أول 2015، قبل رئاسة عامر للبنك المركزي، بينما وصل إلى 79 مليار دولار في نهاية يونيو/حزيران 2017، بزيادة قدرها 31.21 مليار دولار، وبنسبة زيادة بلغت 65.3%.

بلغ الدين العام المحلي 2.37 تريليون جنيه، بنهاية ديسمبر 2015، ووصل إلى 3.16 تريليون جنيه بنهاية يونيو/حزيران 2017، بزيادة 790 مليار جنيه خلال عام ونصف فقط، وبنسبة زيادة بلغت 33.3%.

أدى هذا إلى زيادة غير مسبوقة في فوائد الدين العام، وزيادة عجز الموازنة، حيث بلغ بند الإنفاق على فوائد الدين العام بالموازنة العامة نحو 244 مليار جنيه خلال العام المالي 2015-2016، قبل تولي عامر، ارتفع إلى 303 مليار جنيه في العام التالي 2016-2017، ومن المتوقع أن يصل إلى 381 مليار جنيه خلال العام المالي الحالي 2017-2018.

وارتفعت فوائد الدين العام الخارجي من 5 مليارات جنيه عام 2015-2016، إلى 25.3 مليار جنيه متوقع سدادها هذا العام، بنسبة زيادة بلغت 400%.

كان هذا نتيجة قرارات البنك المركزي برئاسة عامر برفع سعر الفائدة على القروض، حيث ارتفع سعر الفائدة من 9.75% في يونيو/ حزيران 2015،ليصل إلى 19.75% حاليا، وارتفعت معه نسبة الفوائد على أذون الخزانة لتلامس حدود الـ 22%.

بعد قرار عامر تعويم الجنيه، ارتفع سعر الدولار من أقل من 9 جنيهات إلى أكثر من 18 جنيها، وارتفع معدل التضخم ليصل إلى أرقام قياسية، حيث ارتفع من 6.3% في أكتوبر /تشرين الأول 2015 الشهر السابق لتولي عامر رئاسة البنك، ليصل إلى أكثر من 35% في يوليو/ تموز الماضي.

ومما ساعد في زيادة معدلات التضخم إصدار البنك المركزي كميات كبيرة من النقود، حيث ارتفعت كمية النقد المصدر من البنك المركزي من 314.9 مليار جنيه عام 2015، لتصل إلى 453.1 مليار جنيه خلال الشهور العشرة الأولى من العام الحالي.

أضف إلى ذلك: الرضوخ التام لكل شروط صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على قرض قيمته 12 مليار جنيه. هذه المصائب وغيرها الكثير، من الأثمان الباهظة التي دفعتها مصر وشعبها، ليحصل عامر على الجوائز.

ذكرني هذا بمفارقة أن ربع عدد الحاصلين على جوائز نوبل منذ تأسيسها من اليهود، بينما لا يشكل اليهود سوى اثنان في الألف من سكان العالم، ولم يحصل عليها في عالمنا العربي إلا من دفعوا ثمنا سياسيا باهظا ومنهم (السادات – نجيب محفوظ – ياسر عرفات – البرادعي – أحمد زويل)

في كتابه “رحلة عبر الزمن .. الطريق إلى نوبل” ذكر أحمد زويل أنه حصل من معهد وايزمان على جائزة “وولف” عام 1993، وسلمها له في الكنيست وزير الحرب الإسرائيلي السابق، ورئيس دولة الاحتلال، في حينها عيزرا وايزمان.

تمنح جائزة وولف في إسرائيل، وتعد أهم الجوائز بعد جائزة نوبل، وقد اكتسبت جائزة وولف في الفيزياء سمعتها من كونها غالبا ما تحدد الفائزين القادمين بجائزة نوبل، فمن بين الـ 26  جائزة الممنوحة بين العامين 1978 و2010، أربعة عشر من الفائزين حصلوا على جائزة نوبل في العام نفسه، وخمسة منهم حصلوا عليها في السنة التالية.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها