معًا.. نتحدى الإعاقة

إن المسؤولية المجتمعية ليست حكرا على أحد، ولكنها منوطة بنا جميعا، فعلينا جميعا أن نربي أبناءنا التربية السليمة، وأن نعزز في نفوسهم منذ الصغر مبادئ المجتمع القويمة وقيمه الأصيلة، وأن نغرس فيهم قيم الانتماء والولاء وخدمة المجتمع بما يساهم في النهاية في تخريج جيل فاهم واع ومسؤول، جيل قادر على تطوير المجتمع ودعمه وتنميته والمحافظة على رخائه واستقراره، ولاشك أنَّ ذوي الاحتياجات الخاصة، والذين يسميهم البعض بأصحاب الإعاقة هم جزء أصيل لا يتجزأ من المجتمع، وعلينا جميعا واجب ومسؤولية عظيمة تجاههم.

وهنا نشير لأهمية تكاتف جميع مؤسسات المجتمع المدني وضرورة تضافر جهودهم المختلفة في رعاية ودعم هذه الفئة المهمة في المجتمع؛ لأنهم بكل بساطة يحتاجون إلى كل رعاية واهتمام منا جميعا، ويحتاج ذوو الاحتياجات الخاصة لدمجهم في المجتمع والحياة العامة دون تمييز منا بينهم وبين غيرهم من الأفراد العاديين، وهذا بلا شك سيفجر داخلهم الطاقات والقدرات المكبوتة، ويجعلهم فئة منتجة تسهم في بناء وتنمية المجتمع وتطويره، ودفع مسيرة التقدم الإنساني والحضاري.

وانطلاقا من هذه الحقيقة فقد عززت العديد من المؤسسات والهيئات المجتمعية جهودها من أجل التعامل مع هذه الفئة المهمة بالمجتمع وتقديم الخدمات والإرشادات اللازمة لهم؛ ليكونوا قادرين على الاعتماد على نفسهم، وخوض معترك الحياة بدافعية وحماس أكبر، وكذلك توفير الفرص الكفيلة لتحسين مستوى حياتهم، وتحقيق الاستقلالية لأنفسهم والاعتماد على ذواتهم، وإزالة العراقيل والصعاب التي تعترضهم للوصول إلى مستوى حياة أفضل.
وتولي الدول المتقدمة في مختلف أنحاء العالم اهتماما كبيرًا بذوي الاحتياجات الخاصة، وذلك لإيمانهم التام بأن الفرد المعاق قادر على تحدي الإعاقة وتحقيق الإنجازات والإبداعات كغيره من الأفراد العاديين بالمجتمع، بل إنه قادر على تحقيق ما لم يستطع أن يحققه الأفراد العاديون وهناك من الأمثلة الدالة على ذلك الكثير والكثير، ونشير هنا على سبيل الذكر لا الحصر إلى بعض الإنجازات الفريدة التي حققها أشخاص معاقون، فهذا لويس برايل الذي فقد بصره؛ فاخترع لغة لفاقدي البصر، وكذلك هيلين كلير التي فقدت سمعها وبصرها، ومع ذلك حازت على شهادة الدكتوراه في العلوم والفلسفة، وكذلك ستيفن هوكينج عانى من الشلل وعدم القدرة على النطق لكنه عالم في علم الفيزياء ، وهذا عبد العزيز بن باز الذي فقد بصره، ومع ذلك نار بصيرة أمة، وغيرهم الكثير والكثير.
ولذلك فلم يعد المجتمع ينظر إلى هذه الفئة من منظور إنساني وتربوي واجتماعي فقط؛ ولكن أصبح ينظر لهذه الفئة من منظور أن المعاق إنسان قادر ولديه إمكانات بمستوى السليم، وإتاحة الفرصة له يمكن أن تجعل منه إنسانا ناجحا وقادرا على منافسة الأصحاء في كافة المجالات.
وصدق من قال: ليس المعاق الذي شلت جوارحه ولا الذي قدرا أهدته أسقام بل المعاق الذي شانت فعائله فلن يضير إذا في الجسم إيلام وأخيرا علينا جميعا أن نعرف أنه بقدر مسؤوليتنا المجتمعية تكون بصمتنا الحقيقة في الحياة.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها