العداء بين أمريكا وإيران!

لقد مالت أمريكا إلى الحليف الصدوق المجرب الذي لا يتردد، حليف مجرب في أفغانستان ومجرب في العراق مرتين، مرة أثناء الاجتياح عام  2003 وامتدت حتى الإجهاز الكامل على المقاومة العراقية.

في يوم 23-10-2017 في ذكرى تفجير مقر المارينز في بيروت عام 1983 قال مستشار الأمن القومي “أيتش آر ماكماستر”إن حزب الله ارتكب “جريمة القتل الجماعي هذه، نيابة عن فيلق الحرس الثوري الإيراني”. وأضاف بأن قائد الحرس الثوري الذي خطط للهجوم كان حتى شهرين فقط وزيرا للدفاع في إيران.

وقبل ذلك في يوم الجمعة 13-10-2017 أرغى ترمب وأزبد ضد إيران وهدد وتوعد ولم يلغ التزامه بالاتفاق النووي إنما قال سنعدل ونغير ونعيد النظر والصياغة.

وفي  اليوم نفسه (الجمعة مساءً) بعد ساعات من تصريحات ترمب صنّفت وزارة الخزانة الأمريكية الحرس الثوري الإيراني، كـ”منظمة إرهابية“.

 قال وزير الخزانة “ستيف مونشن”: “إن فيلق القدس التابع للحرس الثوري يعدّ القوة الرئيسية التي مكّنت الرئيس السوري، بشار الأسد، من مواصلة حملات العنف الوحشي ضد شعبه، فضلاً عن دعم الأنشطة الفتّاكة لحزب الله وحماس وغيرها من المجموعات الإرهابية“.

وشدّد مونشن على أن وزارته “ستسعى لعرقلة النشاطات التخريبية للحرس الثوري

وصدرت عناوين كل الصحف في العالم في اليوم التالي تقول: “أمريكا تُدرج الحرس الثوري وكل منظماته كمنظمات إرهابية

ولكن وزير الخارجية الأمريكي “تيلرسون” وبعد تصريحات وزير الخزانة قال: “إن واشنطن قررت عدم إضافة الحرس الثوري إلى قائمة المنظمات الإرهابية الخاصة بوزارة الخارجية، مشيرا إلى “المخاطر والتعقيدات الخاصة لوصم جيش كامل لدولة بهذا الوصف “.

وعلى ذلك يكون التصنيف في قوائم وزارة الخزانة من الناحية التقنية مختلفاً عن  لوائح الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية، ما يعني أن الحرس الثوري إرهابي في وزارة الخزانة الأمريكية وغير إرهابي في وزارة الخارجية الأمريكية.

ويبدو أن الأمريكان قد أصدروا ملحقاً صحفيا يشرحون فيه هذه التعقيدات لتفهم الصحافة الأمر و لتنشر موضحة للمتابعين أن الحرس الثوري في المنظور الأمريكي “إرهابي وغير إرهابي”

ويبدو أن قليلين هم الذين يعلمون أن أمريكا لا تريد شلّ الحرس الثوري الإيراني في المناطق المتحالفة معه في العراق وربما في سوريا أيضا وإنما تريد أن تبقيه تحت الضغط والسيطرة ببعض العقوبات الاقتصادية المحدودة المطاطة.

الجنرال قاسم سليماني هو جنرال إيراني وقائد فيلق القدس منذ 1998 وهي فرقة تابعة للحرس الثوري الإيراني والمسؤولة أساسا عن العمليات العسكرية والعمليات السرية خارج الحدود الإقليمية.

في يوم الأحد 15-10-2017 أي بعد يومين من تصريحات ترمب النارية ضد إيران وقد كانت طائرات التحالف الأمريكي في سماء كردستان ولكن على الأرض كان قاسم سليماني يقوم بجولة في كردستان العراق، لإنهاء الأمور هناك لما تريده إيران في قضية استقلال الإقليم واقتطاع كركوك مع الإقليم، وأنهى سليماني فعلاً هذه الامور كما تحب إيران وترضى، بل كما تحب إيران وأمريكا معاً.

حكومة العبادي نفت أنها أمهلت القوات الكردية أي مهلة للانسحاب من كركوك ونفت نيتها باقتحام كركوك، وفي نفس اللحظة كانت قوات الحشد الشعبي تدخل و تجول وتنتهك في شوارع كركوك.

ولم يترك قاسم سليماني الصحافة في حيرة حين تساءلت: من أمر بتحرك الحشد والجيش هناك إذن؟

لقد كان سليماني هناك يجول ويخطط ويوجِّه على الأرض، وطائرات التحالف الأمريكي في السماء تجول أيضاً وتراقب وتبارك انسحاب الأكراد من كركوك وما حولها.

قاسم سليماني ضغط على حلفائه من الكرد في السليمانية لتسهيل المهمة فاستشاروا ربيبتهم الثانية أمريكا واستجابوا وما كانوا ليقطعوا أمراً دون استشارتها.

وأوعز سليماني للحشد وللجيش العراقي المواليان له فأنجزا المهمة بسرعة خاطفة.

لقد انحازت أمريكا إلى ما تريده إيران وتخلت عن البرزاني، وقد ظن البرزاني أن مباركة اسرائيل له حقيقية وأن هذه المباركة تضمن له الرضى الأمريكي، ولطالما ظنَّ أنه الحليف الوحيد لأمريكا ولطالما ردد “أمريكا والجبل وحدهما صديقان للشعب الكردي“.

وجَهِلَ البرزاني أن التحالف الأمريكي الإيراني في العراق لا يفوقه تحالف ولا يعلو عليه وهم.

لقد صدَّق البرزاني الحملة الإعلامية لترمب وفريقه ضد إيران ونسي أن الذراع البرية للتحالف الأمريكي هي ذراع إيرانية كاملة ولم تشكل “البشمركة” إلا أصابع قليلة مؤقتة في هذه الذراع .

ولم تنس أمريكا إحجام البرزاني عن إقحام قواته في الموصل وفي أماكن اخرى غرب الموصل أثناء العمليات ضد داعش.

لقد تخلت أمريكا عن البرزاني، تخلت عنه إلى درجة مهينة فالبرزاني الذي كان بالأمس مدللاً متكبراً أصبح اليوم يستجدي ويتوسل أن تعود الأمور إلى سابق عهدها قبل الاستفتاء، والبرزاني يطلب الحوار واللقاء فيأتيه الجواب أن اللقاء لن يكون إلا لبحث انتشار قوات الجيش العراقي وربما ميليشيات الحشد الشعبي أيضاً على الحدود الدولية للإقليم وربما في المفاصل الرئيسية الداخلية للإقليم.

لقد مالت أمريكا إلى الحليف الصدوق المجرب الذي لا يتردد، حليف مجرب في أفغانستان ومجرب في العراق مرتين، مرة أثناء الاجتياح عام  2003 وامتدت حتى الإجهاز الكامل على المقاومة العراقية والمرة الثانية في عام 2015 ضمن الحلف المسمى بحلف مكافحة الإرهاب.

وليصرخ من في إيران ضد أمريكا ما شاء له أن يصرخ، وليصرخ من في أمريكا ضد إيران بما يفي بالعقود المبرمة،  فللصراخ فوائد والتزامات ودخان.

دخان يغطي تحالفاً قوياً عمره أكثر من ستة عشر عاماً عقدته الدولة العميقة في أجهزة حكومة الولايات المتحدة مع إيران.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها