كبرتي…أنا الأب اللي حرموه يعيش معاكي الذكريات

بتلك الكلمات تغني الفنان أحمد سعد أغنية “كبرتي” ضمن مسلسل البرنس الذي يعرض حاليا ضمن مسلسلات رمضان .

ورغم أنني عادة لا أشاهد مسلسلات وبرامج رمضان، ولا أتابع حتى أخبارهم اللهم  ما يظهر أمامي من الفيديوهات التي تنتشر عبر صفحات التواصل بالصدفه, ووجهة نظري في مقاطعة الدراما المصرية، أنها تستغل في التطبيل للنظام وتشويه المعارضين وتضليل الناس كما يحدث في مسلسل ” الأختيار ” أو تفاهة المحتوي كما يحدث في باقي المسلسلات الرمضانية.
 ولكن  منذ أسبوع تحدثت وسائل التواصل الاجتماعي، عن مشهد للطفلة مريم في مسلسل ” البرنس ” الذي يقوم بدور البطولة فيه محمد رمضان
وتحكي المشاهد عن قيام أخوة رضوان ( محمد رمضان ) بقتل زوجته وأبنه وتلفيق تهمة له ووضعه في السجن خمس سنوات، ورمي بنته بالشارع .
والمشهد الخاص برمي البنت في الشارع مع صراخها وبكائها دون رحمة ، مع نغمات الفنان أحمد سعد الحزينة وهو يغني أغنية كبرتي، وهو ما جعل كل رواد السوشيال ميديا متأثرين جدا.
 الأمر تطور إلي هاشتاج تضامنا مع مريم  وانتشرت التعليقات الإنسانية بشكل رهيب تعاطفا مع المشهد الدرامي.
 بالقطع الفضول جعلني أشاهد هذا المشهد وأري من هي ” مريم ” وما قصة هذا المشهد الذي قلب الدنيا
وبالفعل المشهد تمثيليا كان مؤثراً جداً ومبكيا لأبعد درجة ممكنه، وقتها جاءت لي فكرة وهي ربط الدراما ” الزائفة ” بالواقع  وقمت بعمل مقارنة عن ” المريمات ” الصغيرات اللآتي تم اعتقالهن و تشريدهن من قبل النظام الحاكم في مصر، وحبسهن مع ذويهم، بدون أي ذنب يُذكر

فمصر كلها قبل أيام  بكت من أجل لقطة رمي العم لابنة أخيه الطفلة بالشارع ورغم أن الأمر لم يتجاوز لقطة في مسلسل لا يمت للواقع بصلة.
لذا دعوني  أحكي لكم قصة أطفال حقيقية يمكن تؤثر فيكم مثل حبكة  المسلسل
 ففي المعتقلات المصرية  كان ولايزال يقبع خمسة  أطفال قصر، ذاقوا الاختفاء القسري مع أمهاتهن  بسجون النظام العسكري الحاكم، وتعلموا الحبو والكلام وكذلك الفطام، هم ظلوا وسط ظلام الزنازين شهورا طويلة ، ولا أحد يعلم عنهم شيئًا، وهم:

1- “فاطمة عمر رفاعي” (4 سنوات) تاريخ إخفائها 21 أكتوبر 2018.
2- “عائشة عمر رفاعي” (سنتان ونصف) تاريخ الإخفاء 21 أكتوبر 2018
3- “عبد الرحمن عمر رفاعي” (6 أشهر) تاريخ الإخفاء 21 أكتوبر 2018.4
4- “البراء عمر عبد الحميد أبو النجا”، الذي تم اختطاف أبويه “عمر” و”منار”، في مارس 2019، ويقبع في المعتقل مع والدته، ومَرّ عيد ميلاده الأول في الزنزانة؛ ومنذ مارس /آدار الماضي وقت اختطاف الأب والأم من محل سكنهما بالإسكندرية وحتى تاريخه، يتم إخفاء ثلاثتهم قسرياً، ولم تنجح أسرتاهما في التواصل مع الزوجين ولا معرفة مكانهما، ولا التهم الموجهة إليهما، ولم يتم تسليم الرضع لأهلهم .
 5- “فارس إسلام حسين” (3 أشهر) تاريخ الإخفاء 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 ( خرج لاحقا ).
 يا تري هل سنجد دموعا و بوستات وفيديوهات وهاشتاج عليهم مثل مريم ،أم أن الناس في مصر يتعاطفون فقط مع كل ما هو مزيف وغير حقيقي ”

ووجدت نفسي أبكي بشدة وأنا أضع مريم مكان بنتي عائشة، وباقي أبنائي ( وأخترت عائشة دون باقي أبنائي للشبه الرهيب بينها وبين مريم ) .

بواقع معرفتي بنهايات الدراما المصرية ، توقعت أن لحظة مقابلة رضوان ( محمد رمضان ) مع مريم ستكون مبكية ودرامية جدا وبصراحة شديدة، ولا أنكر عليكم ظللت انتظر هذه اللحظة لعدة أسباب أهمها ، تشابه المدة الزمنية بين بُعدي عن أولادي وبُعد رضوان عن بنته ( ٥ سنوات ) والشبه الرهيب بين عائشة ابنتي التي لم أراها منذ 2015 وبين مريم .
 وعندما شاهدت اللقطة مع أغنية أحمد سعد بكلماتها الرائعة المؤلمة عرفت لماذا أنا كنت منتظرها من فترة ، فالكلام شعرت به منطبقا على حالي جدا.
ووجدت نفسي أبكي بشدة وأنا أضع مريم مكان ابنتي عائشة، وباقي أبنائي ( وأخترت عائشة دون باقي أبنائي للشبه الرهيب بينها وبين مريم ) .
 لم أر حالي فقط في هذا المشهد بل وجدت فيها حال كل معتقل ومغترب حُرم من أهله أولاده، رأيت في اللقطة دكتور باسم عودة وهو بيحضن ابنته في قلب المحكمة بعدما منعت من زيارته شهورا طويلة .
رأيت فيه أسامة مرسي (ابن الرئيس الراحل محمد مرسي) وهو يحمل طفله الرضيع لأول مرة أمام قاض ظالم لا يرحم، ورأيت  فيها حال صديق لي في الغربة معارض وبعيد عن أولاده من ٧ سنوات ورأيت فيها دكتور أحمد عارف،وهو يحضن أولاده أمام قاعة المحكمة.
 رأيت فيها كثيرا من أصدقائي المغتربين الذين يكتبون عن حرمانهم من أبنائهم على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي كل فترة . بسبب ذلك كله  قررت أن  أظهر للناس ( وخاصة محبي الدراما ) اللحظات المؤثرة الحقيقية وقصص ( المريمات ) الموجودة في حياتنا التي تحمل ألما ودموعا حقيقية وغير زائفة

ففي المعتقلات المصرية  كان ومازال يقبع خمسة  أطفال قسر، ذاقوا الاختفاء القسري مع أمهاتهن  بسجون النظام العسكري الحاكم، وتعلموا الحبو والكلام وكذلك الفطام، هم ظلوا وسط ظلام الزنازين شهورا طويلة ، ولا أحد يعلم عنهم شيئًا

دموع دفعتني لتصميم تسجيل مصور (فيديو)  لابنتي عائشة وهي تكبر من عام إلي 5 أعوام ونصف الآن، ووضعت فيه صورها في مراحلها المختلفة مع أغنية أحمد سعد ” كبرتي في بعدنا ” الذي لمس قلوب كل متابعي عبر صفحات التواصل الاجتماعي ، ووجدت الكثير من رسائل الدعم، لدرجة أن إحدىالأمهات قالت ” شاهدت الفيديو عشرات المرات وفي كل مرة أبكي وأتذكر كل معتقل من المعتقلين بعيدا عن أولاده ” في النهاية ربنا يجمع كل ” مريم ” بأبيها وينتقم ممن حرم ( المريمات ) من أحضان والديهم، وجزي الجميع خيرا على هذه اللحظات الدرامية الحقيقية التي نعيشها في هذا الزمان مع بعض البشر الذين نزع الله الرحمة من قلوبهم وجعلهم ك” فتحي ” وأخوته في حياة الناس .

 

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها